العملة الوطنية.. وفقدان القيمة الشرائية؟

الخرطوم: علي وقيع الله
العملة الوطنية (الجنيه) في مرحلة فقدان القيمة يوماً بعد يوم، وفسَّر ذلك بعض المحللين الاقتصاديين بأنها أبرز مظاهر للانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد، ورغم ذلك تغيبت الرؤية الاقتصادية لتصحيح مسار الاقتصاد المتأزم، ويبدو أن هذه أزمة قديمة لكنها متجددة وبدأت تفتقد السيطرة، ومن الملاحظ أن الدولة تتبنى سياسة قديمة بشأن إدارة الاقتصاد، وكما يشاع ظلت كما هي عليه دون تعديل يذكر، لكن بعض الاقتصاديين أجمعوا على أنها تسببت في زيادة الأزمات الاقتصادية التي تعتبر تحدياً يجابه البلاد.
السياسات الخاطئة
بينما كشف متعاملون في سوق العملة (الموازي) عن تدهور مريع وتراجع قيمة العملة المحلية، وقال بعض المتعاملين إنها فقدت أكثر من 4 أو 5% من قيمتها مقابل الدولار، أي أن الدولار الواحد تجاوز سعره الـ560 جنيه، وأرجع المتعاملون الأسباب الى عدم الاستقرار السياسي والسياسات الخاطئة التي انتهجت طوال الفترة الماضية، في وقت وصل فيه معدل التضخم إلى أعلى مستويات، ويشير متعاملون إلى أن البلاد أصبحت من أرفع معدلات التضخم.
المؤشرات الاقتصادية
يقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير إن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بصورة عامة تسببت في انهيار سعر الصرف الذي شهد تدهوراً مستمراً لقيمة العملة الوطنية، وقال: ما حدث من تدهور في النشاط الاقتصادي في البلاد غير مسبوق وكل المؤشرات الاقتصادية سالبة متمثلة في (تدهور للعملة، ارتفاع لمعدلات التضخم لأكثر من 400%، المواطن يعاني من تعقيدات مزدوجة منها ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ارتفعت بصورة غير اعتيادية وخلقت ندرة للسلع والوقت المهدر في البحث عن السلع أصبح خصماً على الإنتاج ووجود العمال في القطاعين الخاص والعام بسبب الندرة)، ناصحاً حكومة الفترة الانتقالية منذ بدايتها أن تعمل في مسارين، الأول: معالجة القضايا الاقتصادية وأخرى في المدى المتوسط والبعيد يبدأ الاثنان معاً، والاستفادة من قطاع التعدين والذهب تحديداً وإدخال القطاع بالكامل في الاقتصاد والحد من تهريب الذهب وهذا كان يتطلب إنشاء بورصة للذهب بصورة سريعة ومنح أسعار عادلة تجذب المعدنين للبيع داخل البورصة كأحد الحلول والذهب المنتج في السودان كافٍ بأن يحل قضية الخلل في الميزان التجاري واستقرار سعر العملة الوطنية.
تبديل العملة
وأوضح أن الحكومة لم تجلس إلى الآن مع المغتربين للتوافق معهم حول تشجيعهم وتحفيزهم من مدخراتهم وتحويلاتهم، وأبان أنها لم تتجه للتعامل الإلكتروني وتبديل العملة، ويعتبر أنها واحدة من أهم أسباب تدهور سعر العملة الوطنية الذي حدث مؤخراً، وتابع قائلاً: ما أعلن في وسائل الإعلام حول قضية تبديل العملة مثل هذا الإجراء يتم في سرية تامة، وقال: يمكن أن تعود أزمة السيولة مرة أخرى في حال استمر هذا الحال، مبيناً أن الحكومة لم تنجح في خلق استقرار سعر الصرف ولم تنجح في بناء احتياطي أجنبي، وقال إنها أزمات متكررة امتدت من العهد السابق إلى تاريخه، وقال: ما زال القائمون على أمر البلاد يعملون من أجل إرضاء صندوق النقد والبنك الوليين وإرضاء المجتمع الدولي خصماً على المواطن لأنها تنفذ الأجندة الخاصة بصندوق النقد الدولي بالكامل.
ما هي المشكلة
ويرى أن هذه آثارها كارثية ظهرت على أرض الواقع، ولا تنظر إلى مصلحة المواطن ومستوى المعيشة والضغوط، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي): حتى المرتبات التي تم تعديلها الآن أعلى من القوة الشرائية للمرتب بعد التعديل الحالي، وبحسب قوله هذا مؤشر واضح لمستوى التدهور الاقتصادي والتراجع في المؤشرات الاقتصادية بصورة كبيرة، لكن د. الناير يرى أن الغريب في الأمر أن المواطن لا يعرف عن الحكومة التي لم تشكلها الآن ولا يخرج المسؤولون لتوعية المواطن عن ماهية المشكلة وما الذي يحدث ومتى سيتم حل المشكلة، لتفادي مخاطر الأزمات الاقتصادية بالبلاد!!.
علامات السيادة
حول هذا الحديث أفاد المستشار الاقتصادي شاذلي عبدالله عمر بأن العملة الوطنية وسيلة مهمة للتأثير على تخصيص الموارد بين القطاعات الاقتصادية وعلى ربحية الصناعات التصديرية وتكلفة الموارد المستوردة وبالتالي هي من تحدد مصير معاش الناس طالما هي وحدة التبادل التجاري، وأوضح في تصريح لـ(اليوم التالي) أن العملة تمثل شكلاً يسهل التبادل التجاري مقارنة بالأسلوب التبادلي القديم القائم على تبادل السلع مباشرة، وزاد بالقول: هي إحدى علامات السيادة للدولة وبالتالي مدى قوتها يعبر عن قوة اقتصادها، وأرجع ذلك عن طريق جلب الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازي خارج القنوات الرسمية للنشاط الاقتصادي والمالي.
اليوم التالي