انتحال الشخصية في مواقع الإنترنت.. ما وراء الظاهرة.. رؤية مختصين

الخرطوم – صديق الدخري
رغم تلك الفوائد الجمة لمواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك – تويتر) وغيرهما، إلا أنها تأتي بالكثير من السلبيات، مثل انتحال الشباب لشخصيات أنثوية والعكس، ولأن تلك المواقع محصنة ذاتياً ضد المعارك السياسية والفكرية والدينية، فإنها تحولت إلى ساحة للعلاقات الغرامية الحقيقية والمزيفة التي يخدع فيها الشباب من الجنسين بعضهم البعض.
(اليوم التالي) اختارت (فيسبوك) ساحة استطلعت فيها آراء عينات من المشتركين الشباب الذين جاءت إفاداتهم متباينة، حيث وصف بعضهم هذا السلوك بالجنوح النفسي، بينما رأى آخرون أنه سلوك غير مناسب، وعدَّته فئة ثالثة مجرد مزاح سخيف.
من أجل المزاح
يقول علي التجاني إنه حريص جداً على نفسه من مثل هذه السلوكيات، ولا يضيف إلى قائمة أصدقائه أشخاصاً لا يعرفهم. وأوضح أنه يستخدم الانترنت للتواصل مع أصدقائه داخل وخارج السودان وللمعرفة. ووصف مثل هؤلاء الأشخاص بالمرضى، لكن هيثم حامد وصف انتحال بعض الشخصيات بالأمر الطبيعي. واستطرد مفسراً: بمعنى أنه شيء فطري وناتج من إحساس الشاب بأن المجتمع يهتم بالمرأة أكثر من الرجل حتى في (فيسبوك)، حيث تصل التعليقات للفتيات أكثر من مائة، بينما تتضاءل لدى الرجال، وهنا يشعر الشباب بالتهميش، فيدخل بعضهم باسم فتاة حتى يجد ذات الاهتمام، بينما ينتحل بعض الشباب من أجل المزاح فقط.
ضرورة التوظيف الصحيح
من جهته، وصف علي حامد هذه الممارسات بالسلوك السيء، مستدلاً بحديث النبي الكريم (ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم ويل له ويل له)، وعدَّ الانتحال كذباً وشذوذا نفسيا وفكريا، أو أنه مزاح سخيف، لذا ينبغي على الشباب من الجنسين تركه. واعترف بأنه كانت له صفحة باسم فتاة، إذ كان يرغب في استكشاف كيف سيتعامل معه أصدقاؤه وهو بهذه الصفة. وأضاف: لكن هداني الله فتخليت عن تلك الصفحة. ومضى قائلاً: مواقع التواصل الاجتماعي مفيدة جداً، وهي تتيح الفرصة للتعرف على ثقافات جديدة، وتغذي العقل بأفكار نيرة أن وظفناها توظيفاً صحيحاً.
تبادل الأفكار
وفي السياق، أكد الأستاذ الجامعي محمد عبد المجيد النور أنه لا يزال البعض يعد (فيسبوك) ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى أمكنة للمزاح وتبديد الفراغ، ولا يدرون أن لها دوراً كبيراً في تبادل الأفكار والآراء والثقافات. ونوه إلى ما فعلته ولا زالت بكثير من الأنظمة الديكتاتورية في الوطن العربي، مضيفاً: أعتقد أن من يقوم بانتحال شخصية فتاة والعكس شخص ليست لديه أي مواهب ولا اهتمامات وحياته يسيطر عليها الفراغ. ووجه كل مستخدمي هذه المواقع إلى الاستفادة منها في إضافة ما هو جديد لعقولهم.
التوجيه لا الرقابة
إلى ذلك، أشار الباحث النفسي محمد يونس إلى أن انتحال شخصيات أنثوية من قبل الشباب لا يعبر عن شذوذ أو حالة نفسية غير سوية. وأضاف في معرض تفسيره للظاهرة، بأن الأمر طبيعي في مجتمعات تميز الأنثى، وترغب في التعامل معها، مضيفاً أن الاستعداد للتغيير لدى المتلقي كبير، وأن ما نراه من عيوب نتاج لتربية اجتماعية خاطئة يتحمل مسؤوليتها الرواد السابقون، وطالب بتصحيح أساليب التربية وتغيير طريقة تعامل الوالدين مع الأبناء، مشيراً إلى أن التوجيه لا الرقابة هو الحل لتفادي هذه السلبيات
اليوم التالي