يوم فرز الكيمان

يوم فرز الكيمان
الصادق المهدي الشريف/ صحيفة التيار

? اليوم سيكون بداية جديدة لسودان جديد… يختلفُ تقييم المواطنين السودانيين له… كل واحدٍ حسب موقفه من القضية.
? الأحد هذا هو أول يوم من جملة ثلاثة ايام (9/10/11) من الشهر الأول في العام الجديد 2011م… وهي الأيامٌ التي ستُحددُ الخارطة الجغرافية والسكانية… الجديدة للسودان.
? ولو أسفرت نتائج هذه الأيام عن إنفصال جنوب السودان فسوف تنطبق قصة السودان مع قصة جُحا… النعل حذو النعل.
? جُحا غارف جريمة حاكمهُ عليها القاضي بواحد من ثلاث عقوبات :(إمّا أن يعبئ برميلاً فارغاً و يملأه بالماء بواسطة غربال من برميل آخر يبعد عنه خمس وخمسين متراً… أو أن يأكل جوالاً من البصل… أو أن يُجلد خمسون جلدةً).
? إختار جُحا أن يملأ البرميل، وبظنّهِ أنّه العقوبة الأخف… فمكث طوال يومه يسعى بالغربال بين برميلي الماء الممتلئ والفارغ… وحتى غروب الشمس لم يمتلئ من البرميل إلا اليسير… وقدَّر في نفسه أنّ سيحتاجُ لشهر كاملٍ ليملأ ذاك البرميل الفارغ.
? في اليوم التالي ذهب جُحا الى القاضي وطلب منه أن يأكل البصل بدلاً عن تعبئة البرميل… فكان له ما أراد.
? ولكنّ ما أن اصبح ربع الجوال داخل بطن جُحا حتى سقط مغشياً عليه، وسِيق الى الطبيب، الذي نصحه باستبدال العقوبة.
? ولم يجد القاضي بُداً من أن يأمر الحاجب بجلده خمسون جدله.
? والشاهدُ هُنا هو أنَّ جُحا (مثل السودان) قد جرَّب العقوبات كلها دون أن يهتدي للعقوبة الأفضل والأنسب له منذ البدء.
? ففي العام 1955م وقبل إعلان الاستقلال كانت النخبة الجنوبية تريد الإنفصال عن السودان الشمالي… وتكوين دولتها المستقلة.
? لكنّ الذي حدث هو أنّ السياسيين الشماليين لم يهتدوا للخيار الأقل تكلفة… فاختاروا مع جُحا أن يملأوا البرميل الفارغ بالغربال.
? ودارت الأيام وتناسى الناسُ مذبحة توريت وحروب الجنوب المستمرة، وفقدان الأبناء والآباء في أحراش الجنوب… حتى جاء إتفاق السلام.
? وجآءت نيفاشا… وهي تمنح الجنوبيين حق تقرير المصير بعد فترة إنتقالية عمرها ستّة سنوات… وكان بإمكانهم إقامة تقرير المصير منذ العام 2005م، لكن الشمال ظلّ يأكل البصل طوال هذه السنوات الستة.
? إغلاق متكرر للجامعة الإسلامية.
? مضايقات للتجار الشماليين في الجنوب.
? مصادرة ممتلكات الأحزاب، بما فيها ممتلكات الحزب الشيوعي، الأقرب أيدلوجياً للحركة الشعبية.
? تحريض الغرب جهراً بمزيدٍ من العقوبات على السودان.
? وكل يومٍ… كل شهرٍ، يأكل الشمالُ والشماليون بصلة جديدة، أنكأ من سابقتها.
? اليوم الأحد 9/1/2011م… سيتوجه الجنوبيون نحو مراكز الإقتراع لوضع بطاقاتهم في صناديق الإستفتاء… وبالطبع سيختارون الإنفصال.
? وسيحني السودان الشمالي ومواطنوه ظهورهم (ربما احتراماً، وربما تسليماً) لإختيار الجنوبيين… ليأخذوا خمسين سوطاً على ظهرهم المحني.
? ولكنّ الشاهد في إختيارهم هذا هو أنّ الشمال قد جرَّب جميع العقوبات.
? جرَّب تعبئة البرميل الفارغ.
? وجرَّب أكل البصل.
? وهاهو يجرِّب الجلد.
? ولكن مهما كانت المرارات والأحزان… إلا أنّني أعتقدُ أنّ هذه النتيجة افضل للجميع.
? أفضل للجنوبيين لكي يجربوا حكم بني جلدتهم… حتى إذا أرادوا الوحدة مرةً أخرى، يُقام إستفتاءٌ في الشمال لمعرفة رأي الشماليين في الوحدة مع الجنوبيين.
? وأفضل للشمال أن يجرب حظه (بلاجنوب)… فطوال سنوات السودان المستقل كانوا يتحججون بالجنوب كعقبة في طريق التنمية والرفاه… هاهو الجنوب قد مضي فأين الرفاه؟؟؟.
? إنّ هذا اليوم التاسع من يناير هو يوم (فرز الكيمان).

تعليق واحد

  1. الاخ الشريف
    انت من اشراف وين؟
    حتماً يعجبك انفصال الجنوب
    ويبدو من لحيتك الصغيرة انك من اصحاب اليمين.
    لكن كتاباتك ممتازة وتدل على حس وطني وتجربة ثره
    لكن مسؤول من الخير انت صحيفة التيار ما صدرت اليوم ليش؟
    وبعدين وين هويدا سر الختم؟
    وعثمان ماسك في خناق الطيب مصطفى كدا ليش؟
    والظافر لسع ما بقى وزير؟
    :rolleyes: 😎 :crazy:

  2. الاخ الباشمهندس الصادق المهدي الشريف
    السلام عليكم ورحمة الله
    أعانك الله في مسيرة الابداع ونطق الصدق والرؤية الموضوعية
    ولم تذكر الا الحق – المشكلة انه مواطن الشمال هو من ياخذ العنج علي ظهره بداءا" من الاربعاء السابق وقرارات وزير المالية ليست ببعيدة000
    ومن حق الجنوبيون تقرير مصيرهم ولكنت جنوبيا" لاخترت الانفصال, خمسون عاما" من الاستقلال و95% جهل وامية,الاقامة بالخرطوم في ظل البنايات الشاهقة التي عملوا فيها (طلب) ,من حقهم الانساني ان يكافئوا أنفسهم او يهينوها هم أحرار 000
    وبعد دارفور والشرق المواطن الشمالي سيطلب حق تقرير مصيره من حكومة المؤتمر الوطني000
    ايمن خليل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..