العفش على مسؤولية صاحبه ..!!

عبد الباقي الظافر

كان على أولياء أمور تلاميذ احدى مدارس شرق النيل ان يتحسسوا موقعهم من الكرة الارضيّة.. المدرسة الابتدائية فرضت رسوما جديدة ربما تكون الاغرب مما يؤهل تلك المدرسة للمنافسة في قائمة (جينس )للأرقام القياسية..على كل تلميذ يود مراجعة حفظه للأناشيد والآيات القرانية ان يدفع جنيها عن مل يوم تسميع ..هنالك مفاجاة اخري حملها لنا الزميل محي الدين شجر في واحدة من مدارس محافظة مروي كان هنالك فقط ثلاثة مدرسين لتدريس خمسمائة تلميذ.. ادارة التعليم تستنكر سؤال اسر التلاميذ وتعده تدخلا غير مشروع .
مع كل صباح يوم جديد تزيد معدلات التسرب من المدراس في جمهورية السودان..بعض التلاميذ لا يجدون وجبة افطار في موسم الشتاء ..اخرين يجذبهم سوق العمل لإعالة اسرهم المحتاجة ..يتدافعون في أسواق الخضروات للعمل كحمالين أمتعة او ينتشرون بين إشارات المرور ليمسحوا على زجاج السيارات الفارهة في انتظار صدقة او توبيخ مذل للكرامة الانسانية.. قطاع غير يسير من التلاميذ كره الدراسة بسبب العقوبات البدنية القاسية.
قبل اسابيع دفع نائب رئيس الجمهورية الأسبق الحاج ادم يوسف بتصريحات صادمة حينما دعى لتجاوز مفهوم مجانية التعليم تحت شعار (القادر يدفع) ..تجددت ذات التصريحات مؤخرا بتصريح للرئيس المشير البشير الذي طالب اول البارحة بإعادة تصنيف التلاميذ وفقا للمقدرات الاقتصادية لذويهم..اللجوء للتصنيف يوحي بان هنالك سياسة تعليمية جديدة تحرر التعليم من مسؤولية الحكومة في مراحله الاساسية.
قبل ان نفيق من أزمة تحرير الدواء اطلت برأسها أزمة جديدة تمس مستقبل الأجيال الناشئة..الحكومة رسميا اعترفت ان نصف التلاميذ يمضون الى مدارس خاصة وهذا اعتراف بان التعليم الحكومي لم يعد جاذبا..وهذا يعني ان الفقراء (جداً ) هم من يضطرون الى احتمال المدارس الحكومية التي يعلو فيها صوت الكرباج..بهذا المنطق على الحكومة ان تصرف حوافز للتلاميذ في مدارسها بدلا من اللجوء الى رسوم جديدة ..هذه السياسة جربها الوالي محمد طاهر ايلا في شرق السودان حينما كان يمد اسر التلاميذ بمواد غذائية وقد أتت أكلها.
وبما ان الحكومة تظن ان كل ماهو مستورد من الغرب لا يلائم ثقافتنا لهذا نضرب مثلا بدولة تركيا الشقيقة..في العام الماضي انفقت تركيا نحو ٣٨ مليار دولار على التعليم من جملة الميزانية البالغة ٢٢٥ مليار دولار..في الجامعات التركية تتولى الحكومة المركزية دفع ٦٠٪‏ من الاحتياجات..طلاب التعليم العالي هنالك لا يساهمون الا بما مقداره ٤٪‏ من ميزانية جامعاتهم.. الان تركيا تمثل الاقتصاد السابع على مستوي أوربا والسادس عشر على كامل البسيطة.
بصراحة.. الحكومة بدات تنسحب رويدا رويدا من كامل مسؤولياتها ..كل الانسحاب محتمل الا حينما يتعلق بأصول الدولة ..أطفال اليوم هم أصول غالية جداً ..ربما من الصعب أن يتخيل كل قادتنا مقامهم من التاريخ لو لم تكن هنالك مجانية في التعليم ..انهم يسحبون السلم الذي أرتقي بهم .
الظافر(الصيحة).