العيد في أرض القاش.. سلات وشربوت وقهوة كسلاوية … رحلة مختلفة

كسلا ? زهرة عكاشة
الطريق إلى مدينة كسلا طويل، لكن الشوق لرؤية ذلك المكان كان أكبر من مسافته، قضينا تسع ساعات وأكثر في طريقنا إليها، وذلك لأن شرطة المرور تُفوج البصات السفرية أيام الأعياد تقليلاً لحوادث السير المحتملة، وحماية للأرواح التي تزهق جراء استخفاف واستهتار البعض، فبدلاً من أن تذبح الذبائح فرحة وسروراً بالعيد، يخيم الحزن والألم على فراق الأحباب.
طقوس العيد في كسلا لا تختلف كثيراً عما هي عليه الخرطوم، فبعد أداء الصلاة، يتوجه الجميع إلى منازلهم ولا شيء يلوح أمام أعينهم سوى ذلك الخروف الذي يملأ ثغاؤه فضاء (الحِلة).
وبهمة متناهية انتهت الذبائح إلى ثلاثة أنواع من الشواء، أعلم اثنين منها، “شية الجمر والعادية”، لكن أهل كسلا لم يكتفوا بهاتين وأضافوا للمائدة “السلات”، وسلات الخرطوم بأي حال من الأحوال ليس كسلات كسلا، بعد الفراغ من شي الشواءات وتناولها، تفرغ الرجال للمعايدة، تاركين ما تبقى من عمل كالنظافة للنساء ليتمكن من المعايدة بعد ذلك، ما لفت نظري أن أغلب سكان المدينة يهتمون بصناعة الشربوت فلم يخل بيت زرته منه، ويعتبر المشروب الرئيس خاصة في عيد الأضحية ومع دسامة لحومه التي تحتاج لهاضم.
صمود التاكا
التاكا، تلك الجبال الشاهقة التي تقف بصمود وفخر وسط المدينة متباهية بأجيالها وأنجالها، لم تثنها تقلبات الطقس من الشموخ، ولم يبخل نبعها (توتيل) بالتدفق على أرضها ليروي ظمأ كل مشتاق لأرضها الحبيبة، في تلك الليلة التي وطئت فيها أقدامنا أرض التاكا كان العمال يهيئون المكان لاستقبال أكبر عدد من الزائرين، فهو كما قال أحدهم موسم ولابد من التجهيز له بطريقة تتسق مع المناسبة، زائر نبع توتيل لا يجد مشقة في الصعود إلى مكان مناسب بجبل التاكا، الذي هُيئ تماماً ومُهد طريقه نوعاً ما حتى يتمكن الناس سيما زوار المرة الأولى من التجوال والجلوس في أحد مقاهيه واحتساء القهوة الكسلاوية رائعة المذاق.
ترويح عن النفس
المتنزهات والحدائق في مدينة كسلا يلجأ إليها السكان للترويح النفوس بعد جبل توتيل، فهناك متنزهات البستان ووسط المدينة وحديقة (أوقذيف)، اللافت للنظر الاعتناء بالمكان ونظافته رغم ازدحامه أيام العيد، جميلة هي متنزهات المدينة بل أجدها أكثر جذباً من نظيراتها في الخرطوم، ومن يذهب إلى متنزه البستان العائلي يجد الحداثة والألعاب الشيِّقة والمميزة للكبار والصغار، تصاحبها أغنيات جميلة لفنانين أصبح من النادر سماع أصواتهم.
وفرة المواصلات
تتوفر المواصلات في كسلا في أي وقت وأينما كنت، لذلك لا تجد صعوبة في أن تتجول بين أحياء المدينة في سهولة ويسر، غير أنك لا تشعر بالمسافة بين الأمكنة، وأنت تعبر نهر القاش في ذهابك وإيابك على أنغام صوت الحوت “محمود عبدالعزيز” الذي يحتل المركز الأول وسط حافلات المواصلات العامة وعربات “الآتوس” التي يستخدمها سكان كسلا تاكسي، وتترامى إلى مسامعك ندى القلعة وجمال فرفور من حين لآخر.
في الأضرحة
من يذهب إلى كسلا ولا يزور ضريح سيدي الحسن (أبو جلابية) لا يعتبر أن قدميه وطئتا المدينة، فما أن تدخل حي الختمية حتى تشعر بسمو المنطقة وريحها الطيبة، وما أن تقترب من ضريح سيدي الحسن ومسجده الذي لم يتأثر بما أصابه على يد المهدي وأنصاره، تطمئن القلوب الواجفة، وعندما ترى الرضا والقناعة على أعين طلاب خلوته التي لم تخب نارها، تتأكد بأن البركة لم تبارح المكان، لم أندهش حينما اقتربت من خشب الآرابيسك الذي يحيط بالضريح وشممت رائحة المسك والعنبر التي تفوح من مرقده رغم البخور الذي أطلق في المكان، فهو رجل يكفي أنه تعلم القرآن وعلمه ولازالت منارته تلهج بذكر الله.
زيارات ميدانية
ما إن وطئت قدماي كسلا، إلا وحديث المدينة عن واليها آدم جماع، حديث التعيين، الذي لم ينتظر أن تأتيه التقارير جاهزة على مكتبه، وإنما قام بزيارات ميدانية استكشافية بنفسه، ووضع إصلاحات واتخذ قرارات عدها الكثيرون إيجابية وفي الاتجاه الصحيح، خاصة ما يروى عن قصة بائعة الشاي الشهيرة. ويتوقع الأهالي أن تشهد المدينة نمواً وتطوراً وقضاء مبرماً على الظواهر السالبة إذا ما استمر على هذا المنوال

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. عندما كنا نسمع عن كسلا وجبال توتيل وقضاء شهر العسل هناك في طفولتنا كان يجول بخيالنا الكثير من جمال سحر الطبيعة والخضرة وجناين الموز ولكني صدمت عندما زرتها لأول رمة في عام 2010م بأن جبال توتيل ماهي الا جبال عادية وليست سياحية كما توقعت بل يصعد الناس اليها كالقرود لتناول الجبنة والفشار في جلسات عائلية وكان من المفروض أن تبنى استراحات سياحية تتوفر فيها كافة الامكانيات من كهرباء ومياه وحمامات ومراكز تسويق ، واذا ولجنا الى سوق المدينة فمبانيها بالية ولا توجد شوارع والذباب يستقبلك من كل حدب وصوب ومنظر الجالسين في الأرض يحتسون الجبنة لا يسر أما الحدائق فهي جميلة ونظيفة مثل البستان وحديقة وسط المدينة وجامعة كسلا مازالت تمرغ في التراب من بوابتها وحتى قاعاتها …

  2. عندما كنا نسمع عن كسلا وجبال توتيل وقضاء شهر العسل هناك في طفولتنا كان يجول بخيالنا الكثير من جمال سحر الطبيعة والخضرة وجناين الموز ولكني صدمت عندما زرتها لأول رمة في عام 2010م بأن جبال توتيل ماهي الا جبال عادية وليست سياحية كما توقعت بل يصعد الناس اليها كالقرود لتناول الجبنة والفشار في جلسات عائلية وكان من المفروض أن تبنى استراحات سياحية تتوفر فيها كافة الامكانيات من كهرباء ومياه وحمامات ومراكز تسويق ، واذا ولجنا الى سوق المدينة فمبانيها بالية ولا توجد شوارع والذباب يستقبلك من كل حدب وصوب ومنظر الجالسين في الأرض يحتسون الجبنة لا يسر أما الحدائق فهي جميلة ونظيفة مثل البستان وحديقة وسط المدينة وجامعة كسلا مازالت تمرغ في التراب من بوابتها وحتى قاعاتها …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..