في ستينية “صوت المرأة” (1955-2015): حتى أنت يا باشتيل الأدروبي

عكفت على إرشيف متهافت لمجلة “صوت المرأة”، منبر الاتحاد النسائي السوداني، بدار الوثائق المركزية قبيل ذكراها الخمسين في 2005 لأكتب ما أحيي به ضَوعَها السياسي التقدمي فينا. وبدا لي بعد دراسة مادة المجلة ترامي صيتها وحسن ظن الناس فيها. فقد وقفت المجلة تبشر بالمعاني الذكية لجنس مهضوم لا حس له ولا وجود. وأسرت هذه المعاني جماعات من الناس وجعلوا المجلة قبلة ثقافية وسياسية لهم. وهذا ما يجازي به الناس مراكز الإشعاع وبؤر النهضة. وقد تذكرت بذلك كلمة علقت بها علي تحقيق من كسلا قام به الأستاذ الشيخ درويش في سبعينات القرن الماضي. قال أنه سأل طفلاً عن ما يعرفه عن الخرطوم. فقال “دار الأذاعة”. وعلقت أن علي الإذاعة (وكان ذلك عيدها الأربعين) أن تفخر بأنها قد أصبحت عاصمة بمعني ما. وقد ركزت إنتباهي خلال قراءتي لأعداد صوت المرأة علي كيف انها أصبحت عاصمة ما: عاصمة للتقدم يأوي اليها المسهدون به العاملون من أجله.

وأسرتني من بين كل رحلات هؤلاء المسهدين رحلة للمواطن باشتيل إبراهيم في نحو نوفمبر 1963 الي دار صوت المرأة. وباشتيل من البجة وعامل بالسكة الحديد بمحطة هيا. وقد جاء الي المجلة بصحبة طفلة في السابعة من عمرها حلوة هادئة دقيقة التقاطيع. وقدمها للمحررة، ست الجيل فاطمة أحمد إبراهيم، وقال أنها إبنته وأسمها فاطمة. وقال أنها محور صراع دائر في أسرته. فقد أراد لها باشتيل أن تتعلم وألحقها بالمدرسة الأولية. ولم تقبل والدتها بذلك وقالت إن المدرسة مفسدة. ومال والده لصف زوجته. وتدخل الأهل لإثنائه عن خطته. وجادلهم بالحسني وقال إن دخولها المدرسة من إكمال الدين جتي تعرف ربها معرفة وثقي. ولم يتراجع عن عزيمته قيد أنملة. وتعرض للأذي من أهله. فقد فتحوا فيه بلاغاً عند الشرطة لانتزاعه البنت عنوة من أمها. ونجح في توضيح الأمر للشرطة وشطب البلاغ. وظل يقف يومياً بنفسه علي تعليم فاطمة. فهو يحميها ويسرح شعرها ويعد لها ملابسها المدرسية ويذاكر معها درس اليوم في المساء.

وكانت خشية باشتيل الكبري أن تنتكس بنته وتهجر الدرسة تحت تأثير بيئة البيت الكارهة للتعليم ومعارضة الأم التي سكنت معها. ولهذا قرر أن ينتهز فرصة إجازته السنوية ليأتي بها الي الخرطوم لتري بنفسها المتعلمات وجهاً لوجه حتي يرسخ حب التعليم في نفسها. وقد جاء بها برغم أنف أمها. وفي الخرطوم اصطحبها الي الحدائق العامة والمطار والإذاعة والمتحف وبعض المدارس. وقال أنه كان يشرح لها علي الطبيعة كيف شكل التعليم كل ما يدور حولها. وعندما زار صوت المرأة بدأ يحدثها عن المجلة والمحررات وصنعتهن التي هي بعض تعليمهن.

لم يحتطب باشتيل ليلاً حين غشي صوت المرأة. كان يعرف أنها الصوت الذي ما فتر يذكر الناس والدولة بضرورة تعليم المرأة. كانت إفتتاحيات أساتذتنا فاطمة أحمد إبراهيم تتحدث عن وأدنا للبنات بحرمانهن من التعليم. وكانت إحصائيات نقص تعليمهن دامغةا لبس فيها. وكانت المجلة تستبشر بكل تصميم علي التعليم. فحيت المجلة ناظرة في بلدة مسمار لترغيبها الدمث نساء البجة في التعليم. وحيت عطامنو وأباها الشيخ الذي علمها في مدرسة القرية مع الأولاد ثم جاء بها للخرطوم ليدخلها المدرسة الوسطي. فقبلتها الأحفاد مجاناً. رصدت صوت المرأة كل ذلك وبالصور التي كان زنكغرافها يكلف الشيء الفلاني. ولا بد أن باشتيل قرأ وشاهد كل ذلك. وألهمه ذلك توكلاً مضيئاً ليدفع مستحق التقدم. وقد صورته المجلة وابنته الحلوة دقيقة التقاطيع شاهداً علي حجه المبرور لمنارة من منارات التقدم: صوت المرأة.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كمان اْضفت فاطمةاْحمدابراهيم لاْستاذنا؟ .اْستاذة فاطمة جاها بلا.الله يكون فى عونا.

  2. استاذ الاجيال / عبدالله علي
    سلامات وكل سنه وانت طيب .. دائما تتحفنا بمقالاتك الشيقه الممتعه السلسه وانا واحد من متابعييك لمقالاتك .. ارجو منك ان تمدنا بصور باشتيل ابراهيم وابنته بمجله المراه كما زكرت لانني اعرفه شخصيا هذا الرجل القامه. مع شكري وتقديري

  3. كمان اْضفت فاطمةاْحمدابراهيم لاْستاذنا؟ .اْستاذة فاطمة جاها بلا.الله يكون فى عونا.

  4. استاذ الاجيال / عبدالله علي
    سلامات وكل سنه وانت طيب .. دائما تتحفنا بمقالاتك الشيقه الممتعه السلسه وانا واحد من متابعييك لمقالاتك .. ارجو منك ان تمدنا بصور باشتيل ابراهيم وابنته بمجله المراه كما زكرت لانني اعرفه شخصيا هذا الرجل القامه. مع شكري وتقديري

  5. القصداْنوالكابتن ده اْرهق عبد الخالق محجوب باْستاذنا.. اْستاذنا زى الاْسطوانة المكسورة.. دحين هسه كمان قبل على فاطمة اْحمد ابراهيم .. اْستاذتنا .. اْستاذتنا.وماعارفين الهم ده بنزل مننا متين .

  6. القصداْنوالكابتن ده اْرهق عبد الخالق محجوب باْستاذنا.. اْستاذنا زى الاْسطوانة المكسورة.. دحين هسه كمان قبل على فاطمة اْحمد ابراهيم .. اْستاذتنا .. اْستاذتنا.وماعارفين الهم ده بنزل مننا متين .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..