الأوطان يبنيها بنوها (1-2)

بروفسور محمد بابكر ابراهيم
أستاذ الدراسات التنموية والافريقيه
جامعه مدينه نيويورك

لقد لاحظت من خلال متابعتي اليومية لما يدور في الوطن من خلال الصحف الأسفيريه، الغياب التام للحديث عن النهوض بالوطن بعد زوال دوله الحزب الواحد. وقد يقول قائل ( انت في شنو والحسانيه في شنو … كدي خلينا نتخلص من الورطة دي وبعدين نفكر في بناء الوطن … إذا فضل لينا وطن؟) وردي علي ذلك بسيط وواضح … سوف يبقي الوطن… ولكن في اي حاله فهذا علمه عند الله …فقد يتحول لا قدر الله الى أوطان. المهم يجب علينا أن نتذكر بان عمليه البناء صعبه ومعقده وسوف تستغرق مده طويله … لان حجم التحدي كبير .. كبر الدمار الذي أحدثته الإنقاذ… والذي شمل كل مناحي الحياه … الزراعة … الصناعه .. التعليم … الصحه .. النسيج الاجتماعي .. أضافه الي تحدي الحفاظ علي الجزء الباقي من الوطن … فان هذا الدمار لن ينتهي بنهايه الإنقاذ … وسوف تستمر اثاره لاجيال قادمه … ومن واقع التدهور السياسي والاقتصادي الخطير الذي يعيشه الوطن حاليا والذي سوف يعجل بنهايه النظام قريبا هذا إذا لم يكن قد بدا فعلا … و لذا علينا بالتحرك سريعا..

إذن ماهو المطلوب؟

المطلوب هو التفكير والعمل علي طرح ونقاش السبل التي تساعد علي النهوض بالوطن بعد زوال الإنقاذ … وان نجعل من ذلك هاجسا وهدفا استراتيجيا في كل نقاشاتنا واجتماعاتنا … جنبا الي جنب مع كيفيه تغيير النظام التي أخذت حيزا كبيرا من تفكيرنا … نعم … أن حجم التحديات كبير ولن يتم التغيير مابين عشيه وضحاها … وسيأخذ وقتا أطول مما نتصور … وسوف يتم علي مراحل … أولي تلك المراحل هو أن نؤمن جميعا بأننا بصدد بناء دوله العلم والفكر … والحرية .. والديمقراطية … والمساواة … والعدالة الاجتماعية … والفرص المتساوية … ودوله القانون … وبالتالي علينا في هذه المرحلة أن نعمل بجد علي حصر وتجهيز الكادر المؤهل علميا في الداخل والخارج للقيام بهذه المهمة. ولتحقيق هذا الهدف علينا أن نكون عمليين … وان نبدأ الآن … فنحن في الحركة الاتحادية والتي اندمجت حديثاً مع الاتحادي الديمقراطي الموحد والحزب الوطني الاتحادي في كيان اتحادي واحد – الحزب الوطني الاتحادي – الينا علي انفسنا بناء الحزب علي أسس علميه… وكذلك برنامجنا للنهوض بالوطن … وها نحن قد بدأنا أولي خطواتنا في هذا الطريق منذ مدة، حيث قمنا بتشجيع كوادرنا الشبابية بالولايات المتحدة وفي بعض الأماكن الأخري وحثهم علي تنمية ورفع قدراتهم العلمية … لقيادة الحزب في المستقبل ومن ثم خدمة الوطن والعمل علي نهضته ورفعته…

وتماشيا مع هذه الروح … وهذا الفهم … ندعو كل الأخوة السودانيين في الشتات وخاصة المتواجدين منهم في الدول المتقدمة أن يغتنموا هذه الفرصة النادرة للقيام بتنمية قدراتهم العلمية … ومن خلال تجربتي كأكاديمي آري ان تحقيق هذا أمر ممكن … ويمكن ان يتم بأيسر السبل … كل في مجاله … حملة الدبلومات المهنية يمكنهم الاستزادة من العلم في مجالهم … ومن يحمل درجة البكالريوس عليه السعي لنيل الماجستير … وحملة الماجستير عليهم بالسعي للحصول علي درجة الدكتوراه … فان ذلك سوف يزيدهم رفعة في دول الشتات ويكسبهم خبرات كثيرة … ويصب كل ذلك في مصلحة الوطن الأم … في فترة مابعد الإنقاذ..

في الماضي كانت الدولة تصرف أموالا طائلة على إرسال أبنائها للخارج لنيل الدرجات العليا … وعندما اغتصب أهل الإنقاذ الحكم فطنوا لخطورة علماء البلد … فسعوا للتخلص منهم بالعزل والتطهير المجحف … فأثر الكثير منهم الهجرة للخارج … ومن بقي منهم في الداخل انضم الي صفوف المتفرجين … فخسر بذلك الوطن كل استثماراته في هذا المجال … وانعكس ذلك علي حجم الدمار الذي نشهده الآن … ومن واقع هذا الظلم والأجحاف الذي أصاب علمائنا … يحضرني هنا ما قاله إنقاذي لمدير جامعة الخرطوم عندما عزلوه ظلما وبهتانا ” يا بروف ليس لدينا عليك مأخذ … ولكن عزلناك لأنك لن تطبق برنامجنا” … وياله من برنامج تدميري… ومن يومها لم تكسب جامعة الخرطوم و كذلك التعليم عافية… فان جامعة الخرطوم التي كانت من أحسن ثلاثة جامعات في أفريقيا… فإنها وفي آخر تقرير لتقييم الجامعات الأفريقية جاء ترتيبها السادسة و العشرون… ولا حول وقوة إلا بالله …

من واقع هذا الحال المزري في الوطن … وما أصابه من تدمير … دعونا نتمثل بطائر الفنيق وتنتفض من تحت الرماد … وأوجه حديثي هذا للكل وخاصة الأخوة الشباب في دول المهجر … فأنتم تعيشون في تلك الدول وخاصة المتقدمة منها كمواطنين … والعلم فيها حق وميسر إلا لمن أبي … فعليكم ان تنهلوا وتستزيدوا علما ومعرفة منه. فالوطن ينظر إليكم … وينتظركم .. فأنتم زخره ومستقبله الزاهر … وانتم الذين سوف تحافظون علي ما تبقي منه والعمل علي تقدمه ونهضته حتي يحتل مكانة سامقة بين الامم … وسوف نتابع معكم في المقالات القادمة شرح الآلية التي يمكن بها جمع المعلومات عن الكوادر المؤهلة … وكذا الحديث عن المراحل التالية … وفقنا الله جميعا لما فيه خير الوطن.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكرا يابوروف على هذه النصيحة الغالية، لإبنائك الشباب في الشتات، فهم كثر وفي كل بقاع الدنيا، ونتمنى أن تواصل في هذه المقالات، وبالتأكيد يكون لها تأثير كبير علىهم ، فهم في حاجة ماسة لمن يذكرهم ويأخذ بيدهم.

  2. نعم يا بروف الناس في معمعة التغيير فاكرة إنو زوال الإنقاذ بيعني تلقائيا رفاهية الشعب … والله بعد هذا الدمار فإن معركة البناء ستكون أشق وأصعب ألف مرة من معركة إزالة الانقاذ .. والمحزن أن الأحزاب في كل تعبئتها وحشدها وتبشيرها بزوال الانقاذ تتجاهل الشأن التنموي تماما ,,, وهو ما يهدد بفشل تجربة ما بعد الإنقاذ وعودة مغامر أو معتوه آخر لحكم البلد إذا لسه في بلد
    جزاك الله كل خير وأكثر من أمثالك المهمومين بأمر البلد رغم نجاحهم خارجه

  3. كلام نظرى جميل جدا ويمكن أن يكون مفيد لشبابنا الهائمين فى دول المهجر ولكن فنبدأ بك يا بروف انت نفسك هل غرست فى ابناءك حب الوطن وضرورة العودة للوطن وبناءه ونقل ما أكتسبوه من معرفة ومهارات للابناء وطنهم لا والف لا لان ابناءك حتى الاجازات لا يقضوها بالسودان لا تقولوا الانقاذ نفرتكم من البلد فالبلد ليس ملك الانقاذ ويؤسفنى ان أقول لك برغم من كلامك الهادف والمشجع للشباب لاغتنام فرص وجودهم فى البلدان المتطورة بتأهيلهم للحصول على ارفع الدرجات العلمية سيظل كلامك تنظير وحبيس افكاركم طالما أنكم لاتطبقونه فى أنفسكم وأبناءكم الذين يعرفون عن السودان غير اسمه

  4. كلامك يابروف جميل وحلو لكن نحنا وأبناؤنا نحتاج لعلاج نفسى فى الأول ,فلقد تلاشت مننا أو كادت تختفى تلك العاطفة نحو الوطن , فلكل منا حكاية فى هروبه منه . أما الآن فنحن نعيش حياتنا فى هدؤ تام وكذلك أبناؤنا يرتعون فى حبور فى ( وطن ) جديد وفر لنا كل شيئ وبدون مقابل وبكرامة وكما أشرت أ نت فإن أراد أحدنا أن يرتقى فى تعليمه فستجد كل الأيادى ممتدة إليك بالأضافة لأبنائنا الذين نهلوا من العلم الرصين فى جامعات لاتستطيع جامعة الخرطوم مجاراتها حتى وهى فى أوج عظمتها ناهيك عن حالها الآن .. الوطن تسرب من ذاكرتنا حتى النيل لايعد شيئا مما نملكه الآن من أنهر جارية وغزيرة .. ليس قريبا أن نعيد الوطن كما كان حتى ولو ذهب (هؤلاء ) اليوم وليس غدا ..!

  5. نعم الرأي يا بروف
    وأضف إلى ذلك:
    الإهتمام بالتربية وتحليل المناهج وعلاج عيوب الشخصية السودانية في نواحي الإنضباط الزمني ورفع الإنتاجية واحترام النظام وتطبيق الديمقراطية من سن مبكرة في المدارس وحب الوطن.
    وباقي البرنامج لا غبار عليه !!!!
    المسارعة بالوثبة!!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..