ماذا قالت القوى السياسية عن استقالة حمدوك

الشيوعي: استقالت حمدوك ضربة للجنرالات وليس للشعب
الأمة القومي: حمدوك وضع السودان في منطقة ما بعد حافة الهاوية
المؤتمر السوداني: قوى الثورة لديها فرصة للوحدة بعد استقالة حمدوك
معز حضرة: استقالة حمدوك تصحيح لخطأ ارتكبه في 21 نوفمبر
الشعبي: حمدوك يفترض أن يستقيل قبل سنتين
على الرغم من الاستقالة المتوقعة لرئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك والتي لوح بها منذ أكثر من أسبوعين، الا أن تقديمه لها رسمياً أحدث ربكة في المشهد السياسي السوداني على خلفية الوضع السياسي والأمني الذي زاد هشاشة والمواكب التي ما زالت تنتظم البلاد مطالبة بحكم مدني كامل، كما أن حمدوك يعتبر طرفاً مهماً في الاتفاق السياسي الذي وقع في 21 أكتوبر لإزالة الاحتقان السياسي والأمني وغيابه سيعرض هذا الاتفاق الى الانهيار هذا إضافة إلى أنه وجه مقبول خارجياً، وكانت هناك مطالبة على استمراره ومراهنة على دوره في المرحلة الانتقالية، لكن يبقى السؤال: هل ستترك استقالة حمدوك تأثيراً على المستوى السياسي والأمني والاحتماعي.. (اليوم التالي) طرحت هذا السؤال على القوى السياسية وهذه حصيلة إفاداتهم:
فاطمة مبارك
استقالة حمدوك ضربة للجنرالات
أشار الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعى فتحي فضل أن دور رئيس وزراء الحكومة الانتقالية السابق عبد الله حمدوك انتهى، منذ أن استطاعت اللجنة الأمنية الإمساك بزمام السلطة حيث أصبح ليست له أهمية تذكر في العملية السياسية، وقال: بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي كان معنياً بتنفيذ مشروع الهبوط الناعم وسيطرة المكون العسكري على الحكم، كان الدور المرسوم لحمدوك تقنين وشرعنة الانقلاب وفعلاً قام بذلك عندما وقع على الاتفاق السياسي فى 21 نوفمبر، واعتقد وقتها المكون العسكري أن حمدوك سيجد حاضنة جديدة لشرعنة الانقلاب وتأييد من الشارع، وأوضح فتحي أن حمدوك فشل في تنفيذه، وفقد بتوقيعه عليه التأييد والأهمية الداخلية التي أفقدته الأهمية الخارجية على الرغم من أنه نجح في تحسين العلاقات بين السودان والمجتمع الدولي، وأكد فتحي لـ(اليوم التالي) أن حمدوك كشخص انتهى وأي حديث عن أن استقالته ستغيير في الوضع السياسي أمر مشكوك فيه، موضحاً أن الصراع أصلاً بين مشروعين مشروع اللجنة الأمنية ومشروع القوى التي تعمل على استعادت الحكم المدني الديمقراطي، مضيفاً أن استقالت حمدوك تعتبر بمثابة ضربة للجنرالات وليس للشعب لأن مهمته كانت شرعنة الانقلاب وعدم وجود حمدوك يعني فشله.
وأشار إلى محاولات متعددة لوحدة قوى الثورة التي يجب أن تتفق على ميثاق وقيادة فاعلة تعكس التحول الذي حدث في السودان، مذكراً باتفاق يناير 2019م الذي تمخض عنه إعلان قوى الحرية والتغيير، لكنه فشل نتيجة للخلافات التي حدثت، وقال فضل: الآن ظهرت قوى جديدة يجب أن تلعب دوراً في صياغة القرار وتنفيذه، يمثلها تجمع المهنيين ولجان المقاومة والأحزاب التي لها موقفاً من الشراكة مع المكون العسكري.
الشارع نسي حمدوك:
اعتبر المحامي والقيادي بقوى الحرية والتغيير معز حضرة إن استقالة عبد الله حمدوك هى تصحيح لخطأ ارتكبه بتوقيعه لاتفاق 21 نوفمبر، بيد أن التوقيت كان خاطئاً، وقال: حمدوك بعد قبوله بالاتفاق كان يمكن أن يصحح ما فعله بفعل سياسي إيجابي، كما كنا نتوقع أن يقول إنه تقدم بالاستقالة لأن الاتفاق الذي وقعه مع المكون العسكري لم يحقن الدماء ويحمل مسؤولية ذلك للقوات النظامية وفي هذه الحالة كانت ستجد الاستقالة قبولاً أكثر، إلا أنه لم يركز على ذلك وهذا خلل لا يحمد له، وكانت كلمات الخطاب شاعرية واحتوت جملاً إبداعية لكنها لم تحمل فعلاً ولم تأتِ بجديد،
وأوضح معز لـ(اليوم التالي) أن الشارع حسم موضوعه ونسي حمدوك والآن على المستوى الداخلي الثورة زادت حدة، أما خارجياً، فقد كان حمدوك يجد التأييد والدعم باعتباره ممثلاً شرعياً للحكومة المدنية، لكن الخارج مؤخراً أصبح يندد بالاعتقالات والقتل خارج القانون وتمنى معز لحمدوك التوفيق وأن يكون فاعلاً في الحياة.
لم يظاهر أحد
فيما أكد الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر أن تأثير حمدوك انتهى في الساحة منذ أن شارك مع من قاموا بالانقلاب وقال: لهذا السبب لم نشهد مظاهرات ولا شعارات تنادي بعودة حمدوك بعد تقديمه لاستقالته، مضيفاً أنه على الرغم من بؤس التجربة لكن بؤسها حسب كمال لم يكن متعلقاً بحمدوك، وإنما كان متعلقاً بالوثيقة الدستورية، مشيراً إلى أنهم منذ البداية نوهوا لذلك وقالوا إنها ستتسبب في تأزيم الفترة الانتقالية، وقال: بالفعل أدت الى صراع بين المكونات وخلقت الأزمة الحالية وهي أزمة وثيقة وحاضنة وأزمة عسكر في المقام الأول، لأن الوثيقة مكنت المكون العسكري.
وقال كمال إن حمدوك يفترض أن يستقيل قبل سنتين، لأن الأزمة كانت أزمة قوى الحرية والتغيير التي كان هواها مع السلطة، وبالتالي قدمت أسوأ تجربة، حسبت في رصيد دكتور عبد الله حمدوك، كما أن عدم وجود حاضنة فاعلة وسلطة تشريعية أدى الى فشله، وأعتقد أن الفشل فشل، وقال إن الحاضنة الإقليمية للنظام تحركت بكثافة لوأد الديمقراطية الجديدة، وطالب في خواتيم حديثه أن يكون رئيس الوزراء المقبل من الشباب الثائر وفق برنامج متفق عليه.
حافة الهاوية:
نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل أكد أن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تقلد المنصب بإرادة شعبية طاغية وسند من القيادات السياسية العليا وجهابذة المسرح السياسي، لكنه تعرض لضغوط وابتزاز سياسي من قبل بعض مكونات قوى الحرية والتغيير أفقدته الفرصة لإكمال ما بدأه من مشوار للإصلاح السياسي والاقتصادي بالبلاد وقال صديق: يحمد للرجل أنه بذل جهداً متكاملاً خارج وداخل مؤسسة مجلس الوزراء لتحسين العلاقة بين السودان والمجتمع الدولي وحقق كسباً وطنياً كبيراً، لكن الحاضنة السياسية ومن يتولون قيادتها عجزوا أن يوفروا له قاعدة شعبية ومسرحاً جماهيرياً للتواصل مع قطاعات الشعب السوداني، مؤكداً أن هذا السبب أدخله في عزلة داخلية، وتدخلت عوامل أخرى نتيجة لحدوث صراع بين قيادات الحرية والتغيير على مستوى مجلسها المركزي وشركاؤه من المكون العسكري، أدت إلى تباعد الخطى وانعدم الثقة فأخذ كل واحد منهم يتربص بالآخر، وأشار صديق إلى أن النتيجة الحتمية كانت استخدام العسكر منطق القوة وإخراجهم من المسرح بانقلاب 25 أكتوبر، مما زاد التضييق على حمدوك لا سيما وضع قيد الإقامة الجبرية وأحيل بينه وبين مكونات الشعب السوداني، وقال: حينما وجد فرصة لتجسير العلاقة مع المكون العسكري امتثالاً لما جاء في الوثيقة الدستورية وتطلعاً لوقف إزهاق الأرواح في مواجهة العنف الذي استشترى وآملاً في تحقيق توافق وطني، لم يتحقق ذلك، هذا إضافة إلى الجهود التي بذلها من خلال المبادرات من أجل توافق وطني بين القوى السياسية، وأكد إسماعيل أنه وسط هذا الإحباط فاجأ حمدوك الشعب السوداني وفاجأني أنا بهذه الاستقالة ووضع السودان في منطقة ما بعد حافة الهاوية، ودعا الجميع للاصطفاف اصطفافاً وطنياً صادقاً ومتجرداً وتقديم بديل يساعد في إنقاذ الوطن وتضميد جراحه، وتمنى لحمدوك التوفيق وتقبل ما بذله من جهد
الاستقالة متأخرة :
المتحدث باسم المؤتمر السوداني نور الدين بابكر يرى أن استقالة حمدوك جاءت متأخرة، وأكد أن عودته الأخيرة عبر اتفاق من غير سند أطال من عمر الانقلاب، وأرسل رسالة مشوشة للخارج بأن الحكم مدني، كما أدى إلى استخدامه لشق الثوار وتوقع نور الدين أن تضعف استقالة حمدوك الانقلاب وتجعله في مواجهة مباشرة مع الثوار، مضيفاً أن المعركة الآن أصبحت بين قوى التحول المدني الديمقراطي والانقلابيين، ولم يستبعد نور الدين أن تقود استقالة حمدوك الى تراجع القوى الخارجية التي راهنت على عودة حمدوك عن دعم الانقلاب إضافة إلى تشديد العقاب اقتصادياً على النظام، وقال: الفرصة أمام قوى الثورة أصبحت متاحة الآن للتوحد بعد التشويش الذي تسبب فيه اتفاق حمدوك مع الانقلابيين.
الموقف السياسي بعد استقالة حمدوك:
عضو اللجنة المركزية السابق والقيادي بالحزب الشيوعي حامد سليمان قال: استقالة حمدوك لن تؤثر كثيراً على تصميم الشارع السوداني الذي قرر بإصرار ووضوح (أن لا اتفاق، لا مشاركة، لا مساومة) مع العسكر، وأكد حامد أن حمدوك لم يكن منحازاً للثورة ولم يكن الشعب يعول عليه كثيراً، بل واقعياً وقف مع البرنامج المعلن والمستبطن لأعدائها من العسكريين بمختلف مكوناتهم (دعم سريع، بعض التنظيمات المسلحة التي شاركت في مؤتمر سلام جوبا بالإضافة للمدنيين المشاركين فيما توصل له مؤتمر سلام جوبا).
وتوقع سليمان أن تؤثر استقالة حمدوك على هؤلاء خاصة القابضين على السلطة الذين كانوا يستخدمون حمدوك غطاءً لتنفيذ مصالحهم السياسية. مشيراً إلى أن حميدتي عبر عن ذلك بقوله: إننا اتفقنا على الإبقاء على حمدوك للمحافظة على استمرار القروض والمنح من البلدان التي اتفق معها، أي أنه كان رهينة في يد هؤلاء!!
ماذا بعد استقالة حمدوك:
وقال حامد: سيحاول العسكر المحافظة على بقائهم في الحكم والقيام ببعض التنازلات الشكلية المخادعة أي يحنون رؤوسهم مؤقتاً لعاصفة الاحتجاجات والضغوط المليونية والعالمية المطالبة بإبعادهم عن السلطة وقيام حكم مدني كامل دون أن تؤثر هذه التنازلات على سياساتهم المبدئية الهادفة الى سرقة الثورة والإبقاء على المكونات وتمكين مصالح شريحة طبقة الرأسمالية الطفيلية المتأثرة.
مؤكداً أن الواقع يقول إن البرهان وزمرته قد احترقوا، لذلك لا أستبعد في هذه الحالة أن تعمل الإدارة الأمريكية على استبدالهم بمن يعمل على تحقيق مصالحها، ومصالح المنطقة عبر شخص مدني يثقون فيه أو بواسطة انقلاب، كما حدث في حالة عبد الله خليل مع عبود، أو حالة نميري وسوار الدهب أو ابنعوف والبرهان، لكن مع ذلك سيواصل الثوار ضغوطهم عبر المسيرات المليونية الرافعين شعارات (حرية، سلام، عدالة) مدنية خيار الشعب أو (لا مشاركة، لا تفاوض، لا مساومة) مع العسكر
وطالب سليمان الإسراع بالاتفاق على الميثاق الذي يجمع الثوار ويقود نضالهم بوضوح ووعي حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة إضافة إلى الاتفاق العاجل، على القيادة الأمينة على مصالح الثورة. والحازمة والحاسمة في اتخاذ القرارات والتنفيذ دون تلكؤ أو إبطاء، وقال إن ضمان تنفيذ كل ذلك هو قيام المجلس التشريعي كأسبقية أولى تستند عليها كل المكونات والمؤسسات الأخرى، عدلية وخدمية.
اليوم التالي