مقالات وآراء
السياسات العامة للصحة والحقوق الاجتماعية

خارج السياق
مديحة عبدالله
جاء في أخبار وكالة سونا للأنباء أن وزارة الصحة ولاية الخرطوم قد أجازت السياسة العامة للنظام الصحي تماشيًا مع سياسة الوزارة في إنزال الصلاحيات والربط القوي بين الوزارة والمحليات، وقال مدير النظام الصحي المحلي بالولاية إن الوزارة لها حق التدخل في حالة الأوبئة والطوارئ فقط ليتواكب مع السياسة العامة وأشار إلى اتجاه لتنفيذ سياسات متتالية لإحكام وتقوية النظام الصحي ومعه برامج الوصف الوظيفي والإجراءات والعمليات المعتمدة من الجودة.
الخبر بحيثياته تلك نموذج للأخبار الرسمية، التي تعلن عن أمر ما ثم لا تفصح عن ما يهم المواطنين حقيقة وهو حقهم في الحصول على خدمات صحية جيدة تستند على وثيقة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي وقع وصادق عليها السودان، فالخبر طابعه إداري، بينما ما يهم المواطنين هو أن يعلموا مدى توفر الإمكانيات للمحليات لتقوم بمسؤولية توفير الخدمات الصحية لهم على مستوى محيطها الجغرافي، والميزانية المخصصة للصحة خاصة الأولية على مستوى الوحدات الصحية، بالذات في ريف الولاية الشاسعة حيث تحتاج النساء والأطفال للرعاية من مرحلة الحمل والولادة والرضاعة مع الظروف الاقتصادية والمعيشية المسببة لسوء التغذية.
إذا شئنا الدقة فأحد أسباب غياب المعلومات حول الشأن الصحي والميزانية المخصصة له يرجع إلى غياب الدور الرقابي للمجتمع المدني والإعلام، ويبدو من يضعون السياسات الصحية في مأمن من المساءلة والمتابعة حيث لا مجالس تشريعية ولا وعي كافي حول الحدود الجغرافية للعاصمة الاتحادية من ولاية الخرطوم، مما يؤدي للخلط بين المستوى الاتحادي والولائي، ويقود ذلك لضياع معلومات وحقائق مهمة لا بد أن يلم بها المجتمع المدني والإعلام للقيام بدورهما الرقابي حول الميزانية المخصصة للصحة وأوجه صرفها خاصة بعد أن آل أمرها للمحليات.
الدور الرقابي للمجتمع المدني والإعلام في شأن الصحة ليس باعتبارها خدمة بل حق من حقوق المواطنة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مدعوم بتعهدات السودان أمام المجتمع الدولي للإيفاء بها، والتزام الحكومة بها أمام شعبها، والمقاومة للدكتاتورية تتخذ أشكالًا عدة منها الإصرار على نيل الحقوق ومتابعة الموازنة العامة والميزانية المخصصة للصحة والتعليم وغيرها ورفع الوعي بهذه الحقوق والتمسك بها.
الميدان