أخبار السودان

متلازمة السلام..!

شمائل النور
لو فقط عددنا اللافتات التي تحمل مفردة ?سلام? ربما يتجاوز عددها ما هو غير متوقع، انظروا فقط إلى شارع واحد سوف تجد، صيدلية السلام أو ?بقالة? السلام وإن عدمت اللافتات التجارية قطعاً لن تعدم أن تجد أمامك حافلة مكتوب على ظهرها هذه المفردة أو توابعها. ولو مسحنا سريعاً على المناطق التي تعاني صراعات وحروبات بما في ذلك الاحتقانات السياسية والعرقية ربما يتربع السودان قائمة أكثر الدول التي كلما تقدمت السنوات كلما تطورت أشكال الصراعات فيها وهو الأمر غير الطبيعي، نحن أكثر البلاد التي تدمن استخدام خطاب السلام والحرب وهو ما ينعكس على الساحة فعلاً مباشراً، هي ما يُسمى بحصاد الألسن.

السودان من أكثر الدول التي وقعت إعلانات ومذكرات واتفاقيات سلام جميعها قادت إلى المزيد من الحروب، والحالة الوحيدة التي لم تقد إلى حروب قادت إلى انقسام البلاد إلى دولتين، وحتى في هذه الحالة لم تتوصل الأطراف إلى سلام دائم، لا تزال الثقة ضعيفة والاتهامات لم تبارح مكانها،حتى بعد اقتطاع ثلث البلاد كفاتورة للسلام، بل انفتحت مزيد من جبهات القتال التي أدت إلى استمرار النزوح واللجوء الذي تحمل فاتورته الشعوب.

تقارير مؤشر السلام العالمي، تضع السودان باستمرار ضمن أقل الدول سلاماً وأمناً.

ببساطة الوضع الآن لا يحتاج إلى تقرير عالمي، ثلاث جبهات قتال مفتوحة الآن ودارفور وحدها تعيش صراعاً متعدد الأوجه فلم يعد قاصراً على مواجهات عسكرية بين القوات الحكومية والحركات المسلحة،بل هذه بدأت تتراجع حدتها لتُترك الساحة للقبائل المسلحة تتقاتل كما تشاء ويدخل الإقليم مرحلة جديدة تتناسب وما يدور في السودان ومحيطه،القضية الأكبر ليست في أن الحروب مستمرة،القضية أن السودان بكل قياداته المتصارعة تسهم بشكل أساسي في تثبيت وتوالد هذه الحروب عبر الاتفاقيات التي توقعها، كما أنَّ تجربة الاتفاقيات الموقعة لم تقد إلا إلى المزيد من التقسيم والتشظي،ودون سلام يتحقق، وبعيداً عن الاتفاقيات، كم عدد مؤتمرات الصلح التي عقدت لقبائل السودان، ولأي درجة أسهمت أو أشعلت هذه المؤتمرات التوتر والقتال بين القبائل المتناحرة المتصالحة، نحن بحاجة إلى إعادة تشريح، دعوها دون اتفاقيات أو مؤتمرات.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..