الشرطة والشعب !!

* رصد زميلنا المحرر القدير (ايمن مستور) انتشار ظاهرة حمل بعض النظاميين لاسلحة ظاهرة للعيان وهم باللباس المدنى داخل وسائل المواصلات العامة فى ولاية الخرطوم، ونشرها على صفحته بالفيس بوك، ثم تناولها بإيجاز الزميل صلاح عبدالله فى عموده المقروء (مفارقات) مطالبا بمعالجتها لمضارها العديدة وعلى رأسها إثارة الاستفزاز والعواقب التى يمكن ان تنجم عنه خاصة مع الظروف القاسية التى تعانى منها الأغلبية واحساس الكثيرين بالظلم والغبن ..إلخ، فكان أن اصدرت إدارة شرطة الولاية أمرا لجميع وحداتها بعدم حمل واظهار السلاح فى المركبات العامة، ومنعت بشكل مطلق تسليح الأفراد بالبندقية كعهدة شخصية مستديمة، ووجهت إدارة الشرطة الأمنية برصد ومتابعة أية مخالفات ـ حسب الخبر الذى نشرته صحيفتنا فى عدد الجمعة أول أمس بقلم الزميل مستور !!
* واحتوى القرار الذى أصدره الفريق محمد احمد على إبراهيم مدير شرطة الولاية، منع أفراد الشرطة الذين يرتدون الزى الرسمى ويحملون السلاح من استخدام المركبات العامة، وتوجيه من يرتدون الزى المدنى وفى عهدتهم أسلحة شخصية (مسدسات) بالحرص على عدم اظهارها من تحت ملابسهم لما يترتب عليه من خدش السلامة العامة وتهديد حياة المواطنين وأفراد الشرطة على حد سواء، وأن يتحرى أفراد الشرطة الاهتمام بمظهرهم وتصرفاتهم في الشارع العام لعكس الواجهة المشرفة للشرطة والحفاظ على هيئتها ومكانتها في المجتمع.
* يعكس هذا القرار عدة جوانب إيجابية، أولها الحرص على سلامة وعدم استفزاز المواطنين بأى شكل من الأشكال بسبب أفعال قد تؤدى الى رفع درجة الحساسية بين االشرطة والمواطنين وتقود الى عواقب وخيمة!!
* ثانيا، الفهم الصحيح لمفهوم الأمن الحقيقى الذى يجب أن يُحس ولا يُرى، فالأمن إحساس قبل ان يكون وجود لشرطى مدجج بالسلاح أو حتى غير مدجج، بل إن وجود الشرطى ربما يثير الخوف فى النفوس بدلا عن زرع الاحساس بالأمان (إلا فى ظروف إستثانئية)، لأنه مرتبط فى أذهان الناس بوقوع الجرائم والفظائع، الأمر الذى يثير الخوف والتوتر بدلا عن الامان، وهو عكس ما تسعى اجهزة الأمن لترسيخه، لذلك تجتهد الكثير من الدول فى خفض الوجود الأمنى الرسمى فى الشارع الى أقل درجة ممكنة وإعطاء المجتمع مظهرا مدنيا يزرع الاحساس بالراحة والامان فى النفوس، بل إن دولا كثيرة تمنع حمل الشرطى لأى نوع من السلاح (الا فى ظروف معينة) من أجل زيادة الاطمئنان بأن المجتمع فى أمان كامل ولا يوجد ما يستدعى حمل الشرطة للسلاح، وليس كما نفعل هنا بإظهار الوجود الأمنى الكثيف فى الشوارع والمبالغة فى إقامة نقاط الإرتكاز، واستعراض القوة بتسيير القوافل المدججة من حين لآخر وسط الاسواق والميادين ظنا منا (وجهلا) بأن ذلك يرسّخ الأمن ويكافح الجريمة ويرهب المجرمين، بينما هو على العكس من ذلك تماما، فهو يعكر صفو الأمن ويبث الخوف فى النفوس، ويعطى احساسا بأن الأمن غير مستتب الأمر الذى إستدعى ذلك الوجود الأمنى الكثيف وهو فعل له تبعاته وانعكاساته الخطيرة على كل جوانب الحياة!!
ثالثا، الفهم العميق لدور الصحافة، ومعاملتها بما تستحقه من احترام، والتعاون معها لتحقيق الاصلاح المنشود فى المجتمع، وليس النظر إليها كعدو أو عميل أو خائن، كما تفعل الكثير من أجهزة الدولة، وتطلق ضدها التصريحات العدائية وتسعى لتقييدها ومنعها من اداء مهمتها فى الرقابة والنقد والاصلاح!!
* يجب ان يكون هذا القرار مقدمة لازالة السلبيات الأخرى التى تعترى اداء جهاز الشرطة، وعلى رأسها التقاعس الغريب لشرطة المرور فى التعامل مع مخالفات المرور فى الطرقات، وقصرها على الرخصة والترخيص بغرض الجباية وليس الحد من المخالفات!!
الجريدة
[email][email protected][/email]