هل سيعود لسيرته الأولى !

هنادي الصديق

* شهدت زيارة رئيس الجمهورية لولاية الجزيرة أمس الأول تصريحات تبشيرية بميزانية 2016 التي أودعت البرلمان لإجازتها، والتي وصفها السيد الرئيس بأنها الأفضل في تاريخ السودان باعتبارها متضمنة زراعة 4 ملايين فدان، و400 طريق أسفلت جديد، وتأهيل السكة الحديد وجلب قطارات وطائرات من الصين وتأهيل الخطوط الجوية السودانية، متعهداً في الوقت نفسه بإعادة تأهيل مشروع الجزيرة ليس ليعود لسيرته الأولى كما ذكر سيادته، وإنما سيعود 10 أضعاف ما كان عليه سابقاً، وجلب القطار السريع المكندش.
* بدورنا نقول مع احترامنا لحديث السيد الرئيس إلا أن معظم ما ذكره في حديثه خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الزراعية لم يكن يحتاج لإعادة تأهيل أو إعادة بناء لأنه كان موجوداً أصلاً منذ عهد الاستعمار الإنجليزي، ولم يحدث له الانهيار الكامل إلا بعد الإهمال الكبير الذي حدث للبنى التحيتة والعديد من المشاريع الضخمة التي كانت ملء السمع والبصر، بل وكانت محل إشادة وتقدير المجتمع الدولي.
*وقبل أشهر من الآن حملت الأنباء خبراً يفيد ببشارة شراكة اقتصادية (سعودية سودانية)، ممثلة في استثمارات زراعية بكل من دنقلا والقولد، فيما أسماه سفير السودان بالمملكة العربية السعودية الوصول الى (تكامل زراعي)، وعقب ذلك عم صمت غريب ولم نسمع بجديد فيه إلى يومنا هذا.
* وسأركز في حديثي على حديث السيد الرئيس على الجانب الزراعي تحديداً، فمشروع الجزيرة مثلاً كان يدر دخلاً ثابتاً للسودان من خلال القطن، وكان ذلك سبباً أساسياً في نزوح مواطني إقليم دارفور وكردفان في مجاعة 1984 الى الجزيرة وخاصة أبناء غرب درافور المستوطنين حتى الآن ومنتشرين في قرى الجزيرة.
* فالجزيرة كانت تغذي الخرطوم تحديداً بالخضروات رغم وجود الجروف المحاذية للنيل في مناطق الريف الشمالي، ورغم أن مشروع الجزيرة وفي بعض القرى المعتمدة على الزراعة هي غير محاذية للنيل تروى فقط بالترعة، ولكن بكل أسف وبفعل الإهمال أصبحت مرتعاً لعشبة (أم صوفة) المدمرة، وحالياً أصبحت الترعة راكدة كما وأن وضع المزارع وفقاً للحالة السابقة، كان مختلفاً حيث كانت لديه خيارات ليزرع في حواشته ما يشاء من قطن أو قمح أو خضروات، وحتى زراعة القطن نفسها لم تكن هي الأساس فقط كان للقطن مشتقاته من خلال (الفبركة) وهي نظافة القطن من البذر الذي يستخرج منه زيت البذرة، ومن البذرة نفسها يخرج أجود أنواع (الأمباز) وهو علف الأبقار، وهو ما (كان) سبباً في وجود أعظم مصنع لبسترة الألبان الموجود بمنطقة بركات، وهو الذي أصبح وكراً مهجوراً يهابه البوم).)
* أما الذرة فكان أيضاً من أهم المحاصيل التي شكلت في السابق اكتفاءً ذاتياً لسكان المنطقة وجزء كبير من مناطق السودان، وهو ما لم يعد موجوداً الآن في ظل غياب استراتيجية واضحة لتأمين الغذاء.
*وما أود التعقيب عليه في حديث السيد الرئيس هو أن غياب المشاريع الزراعية والتي تسببت في الفجوة الغذائية التي يعاني منها السودان الآن أحدثتها الحكومة بفعل السياسات غير الرشيدة، ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب أو الذي يفترض أن يكون هي السبب المباشر في وصولنا لهذه المرحلة لأن الوضع ببساطة شديدة عبارة عن موازنات سياسية وتوزيع مناصب وفقاً للمصالح الشخصية بعيداً عن (مصلحة السودان والمواطن السوداني).
الجريدة