عمدة خالي أطيان

في سابقة استثنائية وجه رئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح انتقادات حادة للبرلمان، واتهمه بتجاهله وعدم تقدير الجهاز التنفيذي. وانتقد استدعاء المجلس الوطني، لوزرائه دون علمه وأبدى استيائه من استدعاء وزير الاستثمار مبارك الفاضل أمام إحدى اللجان، أثناء اجتماع اللجنة الطارئة لدراسة خطابه أمام البرلمان، وقال بلهجة حادة: “أنا رئيس وزراء في نظام رئاسي وليس برلمانياً” وكرر العبارة مرتين.
صالح وصف خطوة البرلمان بأنها “عدم تقدير لرئيس الوزراء وعدم تقدير لجهازه التنفيذي” انتهى الخبر وتداعياته وقتها ما بين إحراج رئيس البرلمان المكلف، وبين دفاعه عن لجانه التي رأي أنها تقوم بواجبها وتعذر الوزراء الذين لا يحضرون الجلسات ويعتذرون عنها لأسباب مختلفة. (انتهى الخبر).
من المضحك المبكي في بلادي أن يتجرأ رئيس وزراء (معين) ليوجه انتقاده الحاد لبرلمان (منتخب) إذا سلمنا فعلاً بأن برلمان السودان منتخب ولا تدور حوله شبهة (المحاصصة)، و(الكباري).
برلمان الشعب الذي لم يقف يوماً واحداً في صف الشعب، وظل على الدوام يشكل الحلقة الأضعف في النظام الحاكم، يستحق أن يجد الزجر والتوبيخ من رئيس الوزراء ومن الوزراء، ومن أصغر مسؤول بالدولة لأنه ارتضى لنفسه أن يكون مؤتمِراً بأمر النظام ومنتهيا بنهيه). برلمان لم نسمع له بكلمة حق يعلن بها انحيازه لقضايا الوطن والمواطن.
بكري حسن صالح كرئيس وزراء وبدلاً من صب جام غضبه على البرلمان، كان الأولى به استدعاء وزراءه المقصرين في أعمالهم ممن ضيعوا البلد، وأهملوا في مهامهم، وخالفوا اللوائح، وعاثوا في البلد فساداً، كان الأولى به أن يستدعي وزير المالية ووزير النقل، ووزير النفط ووزير لمعرفة أسباب الأزمة الحانقة التي يعانيها البلد المنكوب، ولأن الفريق بكري حسن صالح، لم يشعر بمأساة المواطنين كان من الطبيعي جداً أن يرفض استدعاء وزرائه ومساءلتهم من قبل (نواب الشعب)، ومن الطبيعي أيضاً أن يذكرهم بأنه رئيس وزراء في نظام رئاسي وليس برلمانياً، ولكنه نسي أن يذكرهم بأنه كرئيس وزراء من حقه أن يستدعي من يشاء من وزراء وزجره وتوبيخه (كحد أقصى)، ولكن ليس من صلاحيات ممنوحة له في حال إقالة المقصر منهم أو المستهتر أو الفاسد، أو تعيين من يراه مناسباً، ونسي أن يذكرهم أيضاً بأنه كرئيس وزراء ليس له الحق في استدعاء مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني ومساءلته حول (انتحار) سجين على ذمة قضايا تتعلق بالمال العام، والكيفية التي انتحر بها، وليس من صلاحياته إيقاف أي قرارات تصدر من الأجهزة التنفيذية والتشريعية.
لن أقول إن منصب رئيس الوزراء أشبه بـ(عمدة خالي أطيان)، فالوضع يتحدث عن نفسه، ولكني أشدد على أن البرلمان الحالي (المقهور المنهور)، ليس هو الجهة التي يتوقع منها المواطن أن تقدم له معالجات لكافة إشكالاته المعيشية، لأنه موجود فقط بأمر السادة الأكابر، مهامه معلومة حقوقه وواجباته لا يختلف عليها اثنان والدليل على ذلك ما يحدث حالياً من فوضى وانفلات في جميع مرافق الدولة الخدمة، والأسواق وغيرها.
المطلوب حالياً من المواطن نفسه أن يتقدم خطوة للأمام برفض هذه الملهاة السخيفة التي تسمى أزمة، فالأزمة الحقيقية هي الصمت الغريب من المواطن تجاه ما يحدث له وللوطن.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..