إنتاج الركود والعنف

(تأثيرالاغتراب الزمني في توليد الركود والعنف في المجتمعات الإسلامية) هي الورقة التي قدمها الاستاذ بابكر فيصل خلال مؤتمرصحفي نظمه معهد وستمنستر بواشنطون بعنوان الاصلاح الديني، بابكر فيصل كاتب ومحلل صحفي عرفته صحافة الخرطوم عبر مقالاته التي تجد متابعة واهتمام كبيرين من القراء ومعظم الدوائر السياسية ـ وما يميز كتابات فيصل انها مباشرة تعمد الى التحليل التشريحي للقضايا بعيد عن التفاصيل وللكاتب قدرة تفكيك وفض الاشتباكات فيما يتناول ، وقد جاءت ورقته موضوعنا اليوم ملامسة لقضية مزمنة طالما شغلت كل الدول بما فيها كبرياتها فعكفت عليها مراكز البحث دراسة وتحليلا وتشريحا ، غير ان الأستاذ بابكر فيصل تعامل معها كلية في غير ما إجتزاء ، عكس ما يعني منها الأتجاهات الأخرى بحصرها في (زمكانيتها) وسبل مكافحتها ان لم نقل القضاء عليها ، ولعل عنوان الورقة يعفينا مما نحن فيه من إسهاب فهي شاملة لجوانب الحالة محيطة بمؤثراتها فيما إحتوت من فذلكة تاريخية متابعة لنشوئها وتطورها حتى بلغت سنام خطورتها ،وحتى لا نطيل نكتفي بالوقوف على بعض نواصي الورقة وبعض تلخيص لما ذهب الكاتب ..اذ انها ـ الورقة ـ لا تسعها المساحة فضلا عن انها جاءت باللغة الإنجليزية وقطاً لن توفيها الترجمة دلالاتها وذات ابعاد مراميها.
في تقديمه للورقة يقول الكاتب وكما هو معروف جيدا، تعتبر ظاهرة العنف متعددة الأوجه ولا يمكن أن تعزى إلى سبب واحد. وهي تتألف من عدد من الأسباب النفسية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تساهم بدرجة متفاوتة في تشكيل تجمع عنيف، ولكن العامل الأهم هو سلسلة الأفكار، أو ما يمكن للمرء أن يسميه الأيديولوجية التي يكسب بها الفرد السيطرة على الفرد في المجموعة بطريقة كلية بحيث يكون مستعدا للقتل حتى على حساب التضحية بحياته.
ويمكن وحسب وجهة نظر الكاتب قراءة المسالة في سياق التطرف بمعناه لا باصطلاحاته كونه ترجمة او التعاطي مع الواقع كونه مغاير لمنتوج العقل الجمعي للمجموعة وهو موضوعي في خلوصه بينما هو رافض لمبدأ الحوار وهو عندنا بعد لا يمثل خطورة غير انها نكمن في تبني المجموعة للديني او العقدي ومكمن الخطورة في
وقد لعبت المناهج التعليمية – تلك التي تروج عن طريق مؤسسات تعليمية رسمية أو حكومية أو تعليم ديني، أو عن طريق قنوات التعليم غير الرسمي الممثلة في أماكن العبادة (المساجد)، أو ممرات الجماعات السياسية الدينية، وما إلى ذلك – دورا هاما في وتشكيل نظام الأفكار التي أدت إلى ظهور ونمو ظاهرة العنف الأصولي الإسلامي.
ويدلل الكاتب باحداث هجمات 11 أيلول / سبتمبر التي شنتها القاعدة على الولايات المتحدة مباشرة،فقد شدد العديد من الخبراء الأمريكيين ودوائر صنع القرار ومراكز البحث في أعقابها على ضرورة مراجعة البرامج التعليمية في الشرق الأوسط التي اعتبروها أحد البرامج الرئيسية للسائقين من مصانع القنبلة البشرية التي انفجرت أبراج التجارة التوأم ودمرت جزءا من البنتاغون.
وفي اعقاب تلك الهجمات اجتمعت مراكز القرار بكل الغرب وليس امريكا وحدها على ضرورة التعامل مع الحالة على اساس انه خطر ماثل يجب التعرف عليه أكثر لإيجاد صيغة مواجهة فاعلة تملك أدواتها والطاقة المطلوبة لذلك وهو ما تشير اليه الورقة
ويرى الكاتب في الاحاطة بسياق الزمان والمكان للحالة أساسيين للمعرفة، مبررا بأن كل عصر تنتج علومها المختلفة وكل مكان أجسام المعرفة الخاصة بها، يمكن للمرء أن يتحدث فقط عن الأماكن والأوقات الماضية إلى وجهة نظر أولئك الذين يعيشون فيها، وبالمثل لا أحد كان قادر على العمل بشكل مستقل عن قوانين العصر أو محاولة إعادة إنتاج دون وعي مثل هذه الفترة في وقت آخر.
ومما لا شك فيه رفض الفطرة السليمة لسلوك الجماعة وفق تفسير يخصها للنصوص الدينية أيا كانت، وإتخاذها سلاحاً تشهره في وجه الآخر وهي محاكمة جائرة طالما ان النص مُنزَل للجميع ـ لاـ الجماعة وحدها ،ما يحيل النص الى وكالة للبعض دون سواه وطالما ان الديانات في مجملها جاءت لتنظيم حيوات الناس ـ لاـ هدمها وإرساء قيم العدالة وحفظ الحقوق بينهم، عموما الورقة مفيدة ويجب متابعتها لثرائها واحاطتها للمسالة بكل جوانبها.
[email][email protected][/email]