أنا أحارب الفساد..أنا بحب الفساد..!

العصب السابع
أنا أحارب الفساد..أنا بحب الفساد..!
شمائل النور
للكوميديان محمد هنيدي تجربة قاسية ومُضحكة مع محاربة الفساد خلال فيلمه “وِش إجرام” فقد تحصل على مستندات تورط وتدين رجل أعمال كبير له وزنه فتم اختطافه بواسطة عصابة رجل الأعمال ونُقل إلى مكان سحيق وتحت التهديد والوعيد لم يسع لوالدته إلا أن تقتحم مقر الاختطاف مستقوية باقتحام وشيك للشرطة، وما أن دخلت أعلنتها في قالب كوميدي “أنا جاية أحارب الفساد” وطبعاً ليس في يدها دليل، فصفعها أحد أفراد العصابة فغيرت إعلانها إلى “أنا بحب الفساد” حفاظاً على روحها ثم رن هاتف الضابط وحذره محدثه بأن هناك توجيهاً بأن يترك هذا الملف نهائياً.. المستفاد من الفيلم أن الفاسدين لا مساس بهم حتى لو كان في يدك ما يُثبت ذلك، فليست المسألة خوف فقط من الشخصية الفاسدة ونفوذها، لكن الأمر أقرب إلى شبكة من الفاسدين تجتمع في مصلحة واحدة ويحمل واجهتها شخص واحد، لأنه ليس من المنطق أن تسطيع تطويع كل الظروف لتنفرد بالفساد فلابد من إشراك أطراف أخرى فاسدة حتى تكتمل عملية الفساد، لذلك من يقع في يد القانون يجر خلفه عشرات من كبار الرجال، وربما هذا ما دفع الحكومة لانتهاج فقه السترة للمحاسبة، فليس الأمر من مبدأ من ستر مؤمناً بل المبدأ هو أن هذا المؤمن سوف يورط معه حتى أمير المؤمنين نفسه، فـ “عشان خاطر عين..تكرم مية عين” لأجل هذا تنتهج الحكومة فقه السترة في محاسبة منسوبيها وعجبي أنها لا تنتهجه في محاسبة مواطنين جرتهم غرائزهم إلى فعل يفضحهم. في لقاء جماهيري بنيالا أعلن نائب الرئيس “أن من يريد محاربة الفساد سيجدنا أمامه” وبما أن العبارة حمّالة أوجه، حيث أنه يُمكن أن نفهم من كلمة “سيجدنا أمامه” أن الحكومة ستواجه المواطنين لكي يحاسبوها على الفساد ولن تهرب الحكومة من العقاب، لكن دعونا نأخذ المعنى الآخر الذي هو الأقرب وهو أن الحكومة ستهرول قبل المواطن في حرب الفساد القادمة، إذاً الحكومة الآن بطريقة ما تطلب من المواطن المبادرة لحرب الفساد وسوف تساعده بكل ما عندها، جيّد، لكن ما حيلة المواطن الغلبان، الذي يعتمد على الإعلام، الإعلام الذي يغوص لأجل الحصول على المعلومات والأرقام الحقيقية دون جدوى فأحياناً يحالفه الحظ وأحياناً كثيرة يفشل. إن المشكلة التي تجعل من الحرب على الفساد عصية من جانب المواطنين والإعلام هو أزمة المعلومات وتغييب الأرقام، فلنأخذ وزارة الطاقة نموذجاً ففي فترة من فتراتها عانى الصحافيون في إيجاد أرقام ثابتة وحقيقية فيما يخص إنتاج النفط وإيراداته، ولو الحكومة انتهجت فقه تمليك المعلومة بدلاً عن فقه السترة لما اضطرت إلى حرب الفساد.. ملكوا المواطن المعلومات كاملة والأرقام الحقيقة، فكل ما يملكه مجرد سماع معلومات وشبهات.. تخيلوا أن مواطناً عادياً ذهب واتهم وزيراً بالفساد دون ما يثبت ماذا سيُفعل في أمره.؟ فحتى لا يُصفع المواطن، يا سادتي أنتم أدرى بالفساد وأعلم ببواطن أموره فإن كنتم عازمون على الحرب فلا يحتاج منكم كثير عناء.
التيار