رسائل إثيورترية

الرسائل التي يرسلها السيد رئيس وزراء إثيوبيا “أبي أحمد” ونظيره الإرتريي “أسياس أفورقي” تتعاظم يوما بعد يوم ولا يستطيع العقل الإفريقي الذي أنهكته المخازي والمحن والحروب استيعابها، ومن المؤكد أنها ليست رسائل مُنبتة، وإنما نابعة من رؤية ثاقبة، ومشروع متكامل، وحلم وطني إقليمي له أبعاده الدولية، فقد تضمنت الرسالة في مضامينها حتمية رصّ الصفوف الإثيورترية، والإفريقية، في مواجهة التحديات التي تحيط بالبلدين والمنطقة والقارة السمراء ككل، وقد ترجما ذلك عمليا بالالتقاء بعد خصومة دامت لعقدين من الزمان وطرحا كل المواضيع الخلافية والأجندة الحربية وإبدالها بملفات سلامية (لا إسلامية) بكل صراحة وتجرد وشفافية، كل ذلك تمت إحاطته بأكبر ضامن وهو السند الشعبي والتأييد الذي ضجت به شوارع العاصمتين أسمرا وأديس أبابا.
التحرك الاثيوبي المبادر أبهر المراقب الخارجي لأنه تسارع بطريقة فاقت التدابير الدولية وقطعت الطريق أمام كل أصحاب أجندات ووضعت الجميع أمام الأمر الواقع، وشكلت هذه المبادرة لرئيس لم يكمل عامه الأول مصدر دهشة لكل من يتتبع السياسية الإقليمية وحراك القرن الأفريقي والقارة، ومثلت متراسا قويا أمام كل إملاء ووصاية.
لا شك أن الحلول الاستراتيجية التي وضعها الطرفين ستشكل أحلافا سياسية، وإقتصادية، وأمنية، وإجتماعية، لضمان استدامة السلام، ولمسنا من كلا الطرفين الحرص على الاستقرار واستدامة السلام وتحقيق رفاه الشعبين وعزمها على تقوية تلك الأحلاف مهما كلفهما الحرص.
هنا يمكن أن نضع تشخيصا مبدئيا مفاده:
?1. أن الوضع في المنطقة والإقليم عموما غير مبشر بحكم التجربة كل من حاول إنهاء الصراعات الأهلية والحروب وتحقيق السلام لقي مصيرا محتوما، وهو الاغتيال من جنرالات الحرب في الإقليم بالتعاون مع مخابرات دولية لذلك ترتفع لدي درجة الإحساس بالخطر الداهم على زعماء الدولتين.
2. هنالك دماء لم تجف بعض قد يستثمرها جنرالات الحرب في الدولتين لخرق الاتفاقات وإعادة البلدين لأتون الحرب.
3. وهنالك دول جارة لا تأبه للاستقرار وإنما تستثمر في الصراع وتدير العملية السياسية عبر الفوضى وخلق الأزمات.
4. وهنالك صراعات حدودية لم يحسمها أبي أحمد في “عفر” و”أوقاديم” مع الجارتين الصومال وجيبوتي، وهنالك مطامع البحر الأحمر التي تتصدر الصراع الدولي ومدى مقدرة الرئيسين على خلق خطاب سياسي خارجي متزن يلبي تطلعات ومصالح البلدين دون اقحامهما في محور من محاور الصراع الدولي.
* كل هذه النقاط ملامح لتشخيص عميق يوجب التوحد الإفريقي ودعم مثل هذا المسعى الإثيورتري، وأن أي محاولة لوأده ستجلب إلى المنطقة دمارا وحربا هي في غنى عنه?.
إن ما شهدناه من ردود أفعال في غضون أقل من 72 ساعة من الحراك الدبلوماسي والسياسي الرئاسي لدولتين بينهما أنهار من الدماء وجبال من الجماجم، يبين للعالم أن هنالك إرادة وعزيمة إفريقية يمكن أن تصنع المستحيل وأن تقهر كل الصعاب، وهذا قد يجلب المكاره التي أشرت إليها في عاليه.
على الرؤساء في المنطقة وخصوصا في القرن الإفريقي الاهتداء والاقتداء بمسلك أبي أحمد وأسياس أفورقي ودعمها ما استطاعوا للدعم سبيلا، ومناشدة الأسرة الدولية برفع العقوبات المفروضة على إريتريا ودعمها عبر صندوق النقد الدولي وتشجيع مشاريع تنموية تخدم شعوب البلدين، خصوصا في مناطق حدودية شهدت حروبا أوغرت الصدور.
ومن الجانب الدولي على الأسرة الدولية والاتحاد الإفريقي إرسال وفود رفيعة المستوى لتهنئة رئيسي البلدين وشعبيهما على ما حققاه من وفاق وطني سيساعد كل الباحثين عن سلام ويكون القدوة الحسنة.
في الوقت الذي تحدث فيه هذه الأحداث تجد رئيسا لدولة جارة لكلتا الدولتين، يمارس أشد أنواع الفوضى واللامبالاة بحضور محفل كأس العالم، برفقة حاشية من الوزراء والأقرباء والأنسباء، ويرزح شعبه تحت نير الفقر والبؤس والأزمات والحروب، وتضج سجونه بالأبرياء والمعتقلين، وتصرخ أقلام الصحف السودانية من التكميم والمنع الأمني الجائر، ويشكو مواطنوه من إنهيار الموسم الزراعي للعام 2018م مما سيؤدي إلى مجاعة حتمية ويزيد من أوار الصراع على الموارد.
إن هذه المقاربة مؤلمة جدا ومهينة لبلاد تدعي أنها رائدة الوعي والديمقراطية والفكر في إفريقيا والعالم العربي، ولكن لا يمنع أن نقتدي بمسلك إثيوريتريا لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها أو كما جاء في الأثر.
ختاما: إن إرادة حكومات الدول إذا انسجمت مع تطلعات الشعوب حققت مراميها دون وصاية أو إستعلاء أو إملاء، وجلبت الخير منهمرا دفاقا، وكفكفت دمع بؤساء ظل رقراقا، وكانت من الحروب والدمار ترياقا، وجففت دمعا كان مهراقا.
أقول ما تقرأون وأستنهض نفسي وإياكم لثورة تحقق سلاما عادلا شاملا تاما وتحولا ديمقراطيا كاملا مستداما.
عروة الصادق
[email][email protected][/email]
هي رسائل أثيورترية أو أريتروثيوبية، لا يضيرك أيها ارتضيت، فقد رد أفورقي التحية بأحسن منها لنده أبي.
إن رئيساً مثل أبي أحمد قل أن يجود به الزمان رغم الإرث الديمقراطي لأثيوبيا منذ الاطاحة بمانقستو هايلي ماريام، وما محاولة الاغتيال التي تعرض لها وهو في بواكير حكمه إلا دليل على الرعب الذي يشكله لأعداء الاستقرار في داخل أثيوبيا وخارجها.
إن الحكمة التي يتحلى بها أبي أحمد لتذكرنا بآباء الاستقلال في القارة أمثال كوامي نكروما وجوليوس نايريري وباتريس لوممبا، بل هو يذكرنا بالرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي في رؤيته الغير تقليدية لإصلاح بلاده والعالم أجمع. إلا أننا لا نتمنى له نفس نهاية كينيدي التراجيدية.
وأبي يصغر البشير بأكثر من ثلاثين عاماً ولكن الحكمة والروح الوطنية التي تتوفر له لا يملكها البشير ولا كل طاقمه الحاكم.
ونسأل الله الاستمساك بالعروة الوثقى والصدق، يا أستاذ عروة الصادق، حتى زوال هذا النظام الخائن لله والوطن.
هي رسائل أثيورترية أو أريتروثيوبية، لا يضيرك أيها ارتضيت، فقد رد أفورقي التحية بأحسن منها لنده أبي.
إن رئيساً مثل أبي أحمد قل أن يجود به الزمان رغم الإرث الديمقراطي لأثيوبيا منذ الاطاحة بمانقستو هايلي ماريام، وما محاولة الاغتيال التي تعرض لها وهو في بواكير حكمه إلا دليل على الرعب الذي يشكله لأعداء الاستقرار في داخل أثيوبيا وخارجها.
إن الحكمة التي يتحلى بها أبي أحمد لتذكرنا بآباء الاستقلال في القارة أمثال كوامي نكروما وجوليوس نايريري وباتريس لوممبا، بل هو يذكرنا بالرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي في رؤيته الغير تقليدية لإصلاح بلاده والعالم أجمع. إلا أننا لا نتمنى له نفس نهاية كينيدي التراجيدية.
وأبي يصغر البشير بأكثر من ثلاثين عاماً ولكن الحكمة والروح الوطنية التي تتوفر له لا يملكها البشير ولا كل طاقمه الحاكم.
ونسأل الله الاستمساك بالعروة الوثقى والصدق، يا أستاذ عروة الصادق، حتى زوال هذا النظام الخائن لله والوطن.