أخبار السودان

عام على الانقلاب.. العدالة للشهداء لا تزال غائبة

الخرطوم- نبيل صالح
أيام ثلاثة وتكمل إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الموصوفة بالانقلابية عامها الأول، وما زال ملف مرتكبي عمليات القتل لغزاً يثير حيرة الشارع السوداني، والمجتمع الدولي والمراقبين. وتتهم القوى السياسية والناشطين الأجهزة الأمنية بارتكاب المجازر التي بلغ ضحاياها أكثر من 116 سقطوا في المواكب السلمية، بينما لقي ضابط برتبة رفيعة مصرعه على أيدي جماعات لم تبت المحكمة حتى الآن في إدانة المتهمين.
وكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان صرح في أكثر من مناسبة بأن مرتكبي هذه الجرائم سيقدمون للعدالة، بيد أنه برأ القوات الأمنية والشرطة من ارتكاب عمليات القتل عقب اندلاع الاحتجاجات على خلفية قراراته في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، واتهم البرهان  جهاتٍ لم يسمها واكتفى فقط بوصفها بالـ “طرف ثالث”.
ويجزم المراقبون أن من قام بقتل المحتجين مدفوعون من جهات نافذة بالسلطة الانقلابية، ويستند هؤلاء على عدم فتح ملف شهداء ما بعد انقلاب 25 أكتوبر، بينما سارعت السلطات بالقبض على متهمين بقتل ضابط برتبة رفيعة بشرطة الاحتياطي المركزي،  وسقط “14” متظاهراً برصاص قوات الأمن في العاصمة الخرطوم، ومدينة أم درمان في يوم واحد حسب اللجنة المركزية  ويعد أعلى حصيلة قتلى في تاريخ السودان الحديث، ولكن لم تتحرك الأجهزة العدلية ولا القانونية ولا الأمنية بتقصي مرتكبي هذه المجزرة، ويقول الخبير الأمني  د. محمد جابر أن فترة انقلاب البرهان شهد أكبر المجازر البشرية في تاريخ السودان الحديث، حيث سقط أكثر من 116 من المحتجين، وفيما يتعلق بالجهات التي ارتكبت هذه الجرائم قال محمد إن السلطة الانقلابية لم تقم بأية خطوة عملية إزاء هذا الملف، ما يعضد فرضية اتهامها بارتكاب هذه الجرائم. وأضاف أن الدولة تعاني من نقص في المؤسسات العدلية والقانونية القادرة على ملاحقة مرتكبي مثل هذه الجرائم، وتابع “السلطة الانقلابية حتى إن لم تكن مسؤولة من هذه الجرائم فإنها مستفيدة وتستغلها في إطالة أمد سلطتهم بحجة السيولة الأمنية”.
وطالب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضية السلطات السودانية بتسريع إنهاء التحقيقات الجارية عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في أعقاب الانقلاب، بينما تقول السلطة الموصوفة بالانقلابية  إنها تجري تحقيقات في الانتهاكات التي طالت المحتجين، لكنها لم تعلن عن أي إجراء ذي مصداقية في الشأن، فيما حققت وقدمت متظاهرين إلى القضاء بتهم قتل قائد شرطي وأحد عناصر الجيش في سياق الاحتجاجات.
ويؤكد محامو الطوارئ  براءة  موكليهم من التهم المنسوبة إليهم، وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، حسب “سودان تربيون”، إننا “نحث السلطات العسكرية على ضمان التعجيل بالتحقيقات الجارية في الانتهاكات المرتكبة في أعقاب الانقلاب، وطالب بإجراء هذه التحقيقات في إطار الامتثال الكامل للقواعد والمعايير الدولية ومحاسبة جميع من تثبت مسؤوليتهم عن ذلك.
وتقمع قوى الأمن والشرطة الاحتجاجات التي تنظم بصورة شبه يومية ضد قادة الجيش، باستخدام السلاح الناري وسلاح الخرطوش ــ المحرم دوليًا ــ والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وبدأت مؤخرًا تضع الزجاج والحصى في قاذفه لإلحاق أكبر ضرر بالمتظاهرين.
وقتل 117 متظاهراً، منذ الانقلاب الذي نفذه الجنرال عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021، كما أصيب 7 آلاف آخرون بعضهم إصاباتهم دائمة، هذا غير الانتهاكات الأخرى من قبيل التحرش الجنسي والاغتصاب والاعتقال، ودعا المفوض السلطات السودانية إلى عدم استخدام القوة ضد الاحتجاجات المقرر تنظيمها الثلاثاء المقبل على غرار التظاهرات السابقة، وقال “يجب تسهيل تعبير الناس عن المظالم القديمة بدلاً من قمعها، وشدد على أن الحق في التجمع السلمي محمي بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الموقع عليه السودان.
وفي يونيو السابق، سجل خبير الأمم المتحدة بحالة حقوق الإنسان في السودان أداما ديانغ، زيارة إلى البلاد عقد فيها لقاءات مع منظمات حقوقية والمسؤولين، وقد استبق الجيش هذه الزيارة برفع حالة الطوارئ.
ويعتبر المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي تلكؤ السلطات في تقصي الحقائق في مقتل المتظاهرين أمر يثير الشكوك، ويقلص الثقة بينها وبين الشارع السوداني الذي ينتظر القصاص من هؤلاء ويطمئن على حرص السلطة على سلامة مواطنيها ومعاقبة القتلة. وأضاف في حديثه لـ(الحراك) سارعت السلطات في إعلان المتهمين في مقتل ضابط في الشرطة وتقديمهم للمحاكمة، غير أن ملف قتلى المتظاهرين ما زال في رحم الغيب ولا مساعٍ جادة منها في كشف الحقائق. وطالب فضل المرجي السلطات بتقديم القتلة للمحاكمات على غرار المتهمين في قتل الضابط، بيد أنه عاد قائلاً “لا أعتقد بأن الحكومة جادة في ذلك وربما تريد سقوط المزيد من القتلى لإرهاب الشارع الثائر”.
الحراك السياسي
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..