أستقالة علي عثمان ..الإستفهام سيد الموقف

لحد كبير قدتكون استقالة وزير (مقبولة) للرأي العام ..فهي ماتعارف عليه بين الناس ولعل مبعثها الأساءة للمنصب والتقصير في العمل . ولكن استقالة أو اقالة رجال حول عرش السلطان فتكون هي الدافعة لمعرفة الأسباب وكشف ماوراء القرار والدوافع الزمنية التي جعلت منه حدثا يستحق الأستفاضة والجدل والأستنتاج ..
في واقعنا السياسي أدب الأستقالة (معدوم)..والنماذج شحيحة في ذلك المضمار ان يقدم مسئول مهما كانت وظيفته بالأستقالة تبعا لمواقف توجب فيها الخطوة ..وحتي الفشل التنفيذي .صار له تأصيل يجعل لصاحبه تمترسا وعضا بالنواجذ عليه ولاتزيده سهام النقد الي فشلا وأستمرارا.فسار الناس علي ذلك او تعودوا علي ذلك الوضع ..لكن ان يباغتهم الرجل الثاني في الدولة بالأستقالة في توقيت يحسبه المراقبون حرجا علي النظام فذلك مبعث الشك ودوامة الجدل وان تنوعت الأسباب وتأرجحت التأويلات مابين الدهشة والتسليم ..
مبعث الدهشة ..شخصية (المستقيل)..فالرجل لاتزال علي عاتقه أتفاقية السلام التي لم يتم إكمالها فيو جود برتكولات (الأحتقان) والشيطان الذي يكمن في تفاصيلها ..فلم يرجم بعد بحصي التنفيذ .فأضحت القضايا عالقة ..والتناوش سيد الموقف ..والرجل المستقيل أعلم هل بلاده بسيرها ومايعتور سطورها من نقاط وأشكالات .فقد تحمل االرجل الوزر الأكبر وسهام النقد في أنفصال الجنوب التي لانزال ندفع فاتورته الي الآن ..ولعل طبيعة الصراعات التي تعتور الحزب الحاكم المفندة دوما ..وسهام النقد التي باتت تنتظم اعلام البلاد بمخاطر الاتفاق ودواعي المرحلة قد دفعت الرجل دفعا للأستقالة وأن حاول هو إخفاءها بإتهام الأعلام بأنه ينصرف عن عظيم القضايا الي خلق أزمات مبعثها أستقالته (العادية) التي عزاها الي اتاحة الفرصة لآخرين ..
والجدل لايزال كثيفا ..فأن سلمنا بالأسباب فأنه يعوذنا التسليم بمنطق التوقيت ..عندي أن الأستقالة مفاجئة ..قد يذهب بعضنا بتحليلاته سفرا بعيدا قاصدا وآخرون يذهبون بها قريبا قاصدا ..فدلالة التوقيت اعطت للتحليل صدقه وأن حاول الحزب الحاكم تغطية التفسير بتداول الحكم والتطلع لأجيال شابه تعيد للحكم شبابه الذي تمترس خلفه الجيل القديم ربع قرن من الزمان ..
ومها يكن من أمر فأن واقع الحال يقتضي الوقوف مع الأستقالة وإعطائها حقها بالتفسير والتوقيت ..فقد أقال الرئيس نميري نائبه الأول من قبل ..فسرت الخطوة علي أنها من باب (المطامع) التي اقتضت ذهاب احد الرجلين ..فتغدي النميري به قبل أن يتعشي به (خليل). هذا ماجرت به الركبان.ولكن استقالة طه قد بددت المزاعم بالأقالة والمطمع ..ولكن في دواعيها مايعتوره الغموض ومابستوجب البحث ووضع النقاط علي الحروف …
ظروف المنطقة أ ضحت (متشابهة) تحتاج لتبيين وربط دقيق ..فقد أعفي سلفاكير (الحرس القديم).. وهيمنة (العسكر).في (الجارة).والظروف التي أحددثها الربيع العربي بوقوف أصحاب (المال) مع كل تغيير تتداخله ( الشروط ).أضف الي ذلك الأختراق في العلاقات الخارجية التي تستوجب شروطا وتنازلات أضف لذلك أحداث داخلية كثر أفرزت (انشقاقات)..وتباين في الأفعال وردودها وماينتظم البلاد من (قلالقل) وإحن ..وتلك لعمري قد تجعل الحليم (حيرانا) ..عندي قد تكون أستراحة محارب تهيئ الرجل للعب دور اكبر ..ومهما يكن فإن .(الأستقالة) قد أورثت الجميع (إستفهاما ) طويلا .وإن غلفت بأكياس التنحي الصادق الذي يجعل من التغيير سنة الحياة.
الارجح ان الرجل هارب من السفينة الغارقة وقد ايقن باستحالة اصلاح حال النظام بعد أن لم تتمكن الجماعة المتجبرة أن تستمر في كنكشتها على السلطة أكثر من هذا وتكلس نظامهم وتحجر وانهار اقتصادهم وانكسرت قواتهم شكر انكسار أمام رجال الجبهة الثورية التي تخطط الآن لاكتساح الخرطوم في وقت ليس ببعيد. بالاضافة إلى انشقاق الجماعة إلى شيع وأحزاب وملل ونحل متصارعة على ما تبقى من جثة السودان الجريح. لذلك رأي بأم عينيه أن النهاية قربت ولم يبق في السلطة ما يدعو للتناطح فقرر أن ينجو بجلده حتى لا تتم محاسبته عند تغيير النظام الذي بات وشيكاً، خاصة وأنه يعول على الذاكرة الضعيفة للشعب السوداني الذي ما أن يصبح الرجل خارج السلطة يسارع إلى العفو عنه حتى ولو ارتكب من الجرائم ما يندى له جبين البشرية. الأمر أمر هروب وليس استعداداً لاستعادة منصب أرفع مما علق فيه لسنوات طويلة.