وزير الإعلام يبيع الوهم

قال وزير الإعلام السيد الدكتور أحمد بلال في كلمته في إتحاد الصحافيين السودانيين بمناسبة احتفاله بيوم حرية الصحافة العالمي قال ( إن الحوار الذي تدعو له السلطة سوف يستمر و لا يتأثر بالأحداث التي وقعت في شمال كردفان) ثم أضاف قائلا و هو ينصح الصحافيين و الصحافة ( يجب أن تبتعد الصحافة من الإثارة و تعدي علي الخطوط الحمراء) هذه الكلمات تبين تماما إن السيد وزير الإعلام يشغل موقعا لا يملك فيه حرية القرار, و لا يستطيع أن يغير من الواقع شيئا, و ما عليه إلا أن يتكيف مع هذا الواقع بكل سوأته, و دكتور بلال, يملك من المقومات و القدرات التي تؤهله لكي يتكيف مع كل واقع دون أن يسبب لنفسه حرجا, فالرجل قبل أن يكون وزيرا للإعلام, بعد معركة لوزير الإعلام السابق مع مدير وكالة السودان للإنباء, حيث أتضح أن وزير الإعلام ليس لديه الصلاحيات في الإقالة أو التغيير, أنما مهمته الأساسية هي فقط التوقيع علي القرارات التي تأتي إليه من الجهات التي تدير هذه الوزارة من الخلف, و جيء بالسيد بلال للوزارة, باعتبار أنه يحترم مثل هذه الأشياء, و أنه لم يناكف و لا يجادل كثيرا في أشياء و التي أن تبدو له تسئه, لذلك الرجل حاول أن يعطي للحوار مساحة أكبر من التحدث عن حرية الصحافة.
نرجع لحديث السيد وزير الإعلام, أولا يجب علي وزير الإعلام أن لا يفتي في شيء لا يملك فيه قرار, و إن الحوار السياسي الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية و نائبه الأول ثم بعد ذلك توالت تصريحات القيادات, هو قرار يخص الرئيس وحده, و الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تؤثر سلبا و إيجابا علي هذا القرار, هي القوات المسلحة, لأنها التي تدعم رئيس الجمهورية, و البقية الباقية ليس لديهم أية تأثيرات علي القرار و تنفيذه, أنما هم مجموعة كورال, يجب عليهم, و من حيث المبدأ أن يتبعوا المايسترو الفرقة, و لكن السيد وزير الإعلام يحاول أن يجمل نفسه, بأشياء يعرف الجميع أنه لا يملك فيها حبة خردل, و خاصة أولئك الذين كانوا يستمعون لكلمته, فهم أدري بشعاب مكة. ثانيا إن وزير الإعلام يعرف تماما, أنهم جاءوا لكي ينفذوا برنامج الرئيس الانتخابي, و الذي لم يفصح عنه, و بالتالي ما دام البرنامج غير معروف المعالم يجب عليهم التزام الصمت.
أما ما يخص حرية الصحافة, فإن الدكتور أحمد بلال كان واضحا في ذلك عندما استلم حقيبة الإعلام, لذلك قال في تصريح أنه سوف يسهم في رفع الرقابة القبلية, و ذلك باجتماع يضم مجلس الصحافة و اتحاد الصحافيين و جهاز الأمن و المخابرات بالإضافة إلي وزارته, و من خلال الجهات المدعوة للاجتماع لرفع الرقابة, يتبين إن الوزارة ليست هي صاحبة الشأن في ذلك, و كما ذكرت فأن الرجل يعرف حدود وظيفته تماما و بالتالي لم يدع أنه سوف يرفع هذه الرقابة لأنه لا يملك فيها القرار الفصل, و في أية حكم ديمقراطي أو حتى في بعض الدول التي تحكم بنظام الحزب الواحد و القرار يعود للحزب, يأتي الوزير و هو يملك مشروعا لأداء وزارته, و أية تدخلات من أية جهات أخرى لا يتردد في تقديم استقالته علي الفور, فهو يحاسب وفقا لذلك المشروع, فالسيد وزير الإعلام بدلا عن الحديث عن حرية الصحافة و الوقوف إلي جانب الصحافيين المطاردين و الموقوفين عن العمل, و العمل من أجل توسيع حرية الصحافة, باعتبارها واحدة من الوسائل التي تخفف وسائل العنف في المجتمع, ذهب للهجوم علي الصحافيين و منعهم من الإثارة و احترام الخطوط الحمراء, فحرية التعبير هي أحد وسائل المطالبات و الحوار من أجل تحقيق الحقوق, و إذا فقدت هذه, فالبعض يلجأ مبشرة لوسائل العنف لتوصيل قضيتهم للمجتمع, و لكن السيد الوزير انحرف عن مشكلة الصحافيين و حرية الصحافة و تحدث عن الإثارة, لكي يحمل الصحافيين مسئولية الرقابة التي تفرض, و معلوم لأية سياسي مبتدئي إن النظم الدكتاتورية تقيد الحريات و خاصة حرية الصحافة و الإعلام, لأنها الوسائل التي تنشر الوعي, و كلما تقلصت الحريات و زادت الاعتقالات و أعطيت قوات الأمن و كل الأجهزة القمعية, صلاحيات زيادة, تؤكد إن النظام يعاني من مشاكل وجودية متعلقة باستمراريته, و أنه بدأ يفقد القاعدة الاجتماعية التي تناصره, و لكن السيد الوزير وحده الذي يريد لوي عنق الحقائق.
كل الصحافيين التابعين للنظام و المعارضين, و حتى الذين لا طعم و لا لون لهم, يعرفون إن وزير الإعلام لا يملك قرارا في وزارته, و لا يستطيع أن يقدم أية مشروعا إعلاميا, و مهمة الوزير فقط أن يحافظ علي ما هو قائم, فهي وظيفة أقل من منسق في الشأن, حتى الإثارة الصحافية التي يتحدث عنها الوزير, تريد مساحات من الحرية, و هي أحد مدارس الإعلام, في التأثير علي الرأي العام مؤقتا, و تستخدم حتى في الحرب النفسية, و ليت الوزير كان التزم الصمت كان أفضل إليه, لآن الصمت في بعض المرات يعتبر موقفا, و لكن السيد الوزير بحديثه يدخل نفسه في حرج كبير, و أقول للسيد وزير الإعلام قبل الحديث عن الإثارة و حرية الصحافة و الرقابة, و كل هذا الكلام الكبير, يجب أن تدير معركتك الخاصة, أن يكون أليك صلاحيات في وزارة تديرها, و تعيد للوزارة هيبتها, فهي أيضا أحد معارك الحرية الأساسية, و الصحافيين هم أقدر و أجدر بمعاركهم, فإذا استطعت أن ترجع للوزارة ذلك البريق, سوف تكون جديرا بالحديث عن حرية الصحافة و مشاكلها. و نسأل الله التوفيق.
[email][email protected][/email]