مقالات وآراء

الأمام الصادق المهدي: فالعنقاء أكبر أن تصادا

 

 

عبد الله علي إبراهيم

أثارت ردود فعل في أوساط حزب الأمة على الخطاب الذي ألقاه السيد عبد الرحمن الصادق المهدي في مسجد الأنصار بود نوباوي في يوم الجمعة الماضي سقمي القديم من حزب الأمة. فقد ساءني منذ حين، بفطرة المؤرخ، أن معادلة الحزب-الجماعة الدينية (الأنصار) قد اختلت، وغلب الحزب على الجماعة الدينية التي خرج من رحمها في العبارة الشائعة. فلست من حزب الأمة، ولكن جماعة الأنصار كيان انتمى له كسائر السودانيين بصورة أو أخرى. فاشتغالي بالتاريخ إلى يومنا بدأ بكتابة “الصراع بين المهدي والعلماء” (1968) التي استحسنها الناس وعلى رأسهم استاذي مكي شبيكة. وصرت مؤرخاً من يومها. لم احتج لحزب الأمة، بل وللمفارقة، كتبت كتابي نفسه عن حجة المهدي الثورية في وجه تنطع علماء النظام التركي من باب مقاومة الحزب الذي ضلع في حل حزبنا الشيوعي في 1956. وهذه كلمة قديمة علقت فيها على خطبة للأمام الصادق المهدي تجد فيها نازعي لإعلاء الانصارية على الحزب (بل حله) فيما سميته “المهدية الثالثة”.

كان خطاب السيد الصادق المهدي مساء السبت الماضي (ضاع مني التاريخ، ولكنه في نحو عام 2011)، كما أحسن وصفه فيصل محمد صالح، عودة إلى منصة التأسيس في المشروع المهدوي وهي الأنصار. كان عودة للإمام إل “قندهاره”. فكانت المناسبة أنصارية خاطبها إمامها واحتشدت لها الجماعة بسهر هيئة شؤون الأنصار وبآلية وكلاء الإمام. وكانت هداياها أنصارية مثل تذكيرها بشرعيتها الأولى في ثورة جده، وببشارتي البقعة والجزيرة أبا الجديدتين، ونجاحات مجلس حل الهيئة وعقدها ومكتبها التنفيذي. وكانت هذه العودة لمنصة التأسيس واجبة لأمرين. أولهما خروج بني عمومة الإمام من مثل نصر الدين الهادي ومبارك الفاضل مع الجبهة الثورية يبتغون سنداً من الأنصار في حقول المهدية التاريخية في جبال النوبة ودار البقارة. فزعم نصر الدين الهادي مثلاً أنه مهدي الجبهة الثورية بخروجه من جبل قدير الشهير في جبال النوبة. أما الأمر الثاني فقد كان اللقاء لماً لشعث حزب الأمة الذي طغت صورته على القندهار الأنصاري. فالحزب تفرق أيدي سبأ حتى أنه يعمل اليوم بدون أمانة عامة، أو بأمانة مشاكسة ناهيكم عن التيار العام والمادبوز والقيادة الجماعية وهلمجرا.
واضح خمول ذكر حزب الأمة في خطاب الأمام. فأقصى المطلوب منه، في قوله، أن يستعد لنظام جديد ويلتزم فيه برأي محدد. وبدا لي أن أعضاء مخالفين للإمام هتفوا حين عرض للحزب فألتمس منهم أن يستمعوا له لا أن يُسمِعوا. ونبه إلى أن الحزب لن تتخطفه الأجندة الطائشة. فظل الحزب “يشد ويلين” على مر الزمن انقلع الطغاة الذين أرادوا به شراً وظل كالطود بفضل قوة قيادته وحكمتها. واستهدى الإمام من لم يرغب بالعمل في إطار رشد القيادة أن يذهب “والباب يفوت جمل”.
لو كنت بين حشد البقعة والإمام خطيباً لتمثلت بالحلفاوي في الطرفة الشائعة. فقد منح الأزهري حلفاويين إجازة لغد زيارته لهم لحسن استقباله فطلب منه الحلفاوي أن لو ألغى رمضان . . . كمان. وكنت هتفت: “وحزب الأمة كمان يا ريس”. فقد ظللت لسنوات أدعوه لتنشئة الأنصارية الثالثة العاقبة لأنصارية جده الأكبر الأولى وجده المباشر الثانية. فالأنصارية عندي كيان أعظم خطراً من حزب الأمة. فهي استثمار تاريخي وتربوي سوداني جامع لغمار الناس من كل فج. وضمت أهل البادية بشكل خاص ممن لا وجيع لهم حتى تورطوا في “الجنجويدية” والمراحيل في الملابسات المعروفة. واستحق الأنصار من إمامهم عناية مستديرة بحيواتهم أفضل مما سمحت به أنصارية الإمام عبد الرحمن التي أحصتهم، سياساً عدداً، كمجرد أصوات لحزب الأمة. ولذا تساءلت يوماً، وأنا أعرض كتاباً قيما للإمام الصادق، إن كانت هناك جامعة للأنصار تسرب بالموالاة معانيه الحسان عن مسائل المسلمين إلى أفئدة غمار الأنصار مع الراتب العذب.
أما حزب الأمة فقد دخله الذي لا يتداوى. فقد ظل يستقوي به من لا قاعدة له بين الشعب منذ طلائع المتعلمين في مؤتمر الخريجين حتى صغار البرجوازيين المستفحلين على أيامنا هذه. وحوّل هؤلاء المتعلمون زعيم الأنصار إلى “مقاول أنفار”، في وصف دقيق للترابي، يجيش لهم الأصوات والساحات. وصغار البرجوازيين هذه طبقة وصفتها بأنها “كديسة أم خيط” سياسياً. وتقال العبارة في الذي يتغشى الأبواب. فهي جماعة مودراليها حزب. وتغشى أحزاب الجمهرة الدينية عن يأس من أحزابها الصغيرة الفاشلة حاملة مطلب “المؤسسية” كجرثومة لا منهجاً في العمل. ولم نر منها مع ذلك المؤسسية حيث أتفق له إنشاء حزب من أحزابها الصغيرة.
ومرحباً بالأنصارية الثالثة بعد خطاب الإمام.

‫7 تعليقات

  1. عدت إلى ضلالك القديم في تقمص دور يتلاشى فيه بدنك. لكن أظن من الأفضل أن تنتظر مؤتمر “الحوار الوطني الشامل” الذي سيعقده أحبابك الإسلاميون بعد إنتصارهم المتوهم في حربالقضاء على الدعم السريع. فلربما أعطوك منصة تؤسّس فيها لخبل سفسطائي يؤهلك لمنصب مستشار ثقافي لعلي كرتي

  2. بروف عبد الله من زمن طويل ولم اطالع مقالاتك وهي بالنسبة لي مرجع هام موثوق به إلا إلا إلا حينما تكتب عن تلك الفترة التي هي عندي نقطة فاصلة ولكنها فارغة وهي فترة المهدوية الغاشمة..ما عاناه الشعب السوداني من تلك الحركة البائسة حسب اعتقادي كانت نتائجها الكارثية اكثر من مناقبها.
    واول تلك المثالب هو انها فتحت لنا باب غرب أفريقيا مشرعا فها هو الهوام يتسلل علينا من ذلك الباب، الي يومنا هذا. بحجة باهته وهي ادعاء مهدوية لا اصل لها ومنبتة. فكرة المهدوية في حد ذاتها فكرة موغلة في التخلف وهي ترجع لامنية التحرر والعدل والمساواة وهي بالطبع أمنية تراود الشعوب المستذلة. ولكنها في فكرة المخلص تعتمد اساسا على الغيبيات التي لاتعمل وفق العقل والمنطق وان كان هذا تخصصك فأنا لا اتغول عليك ولكن متابعتي لتك الفكرة المضحكة المبكية جعلتي أجزم وفق رؤيتي انها ضرب من الوهم.
    وثاني تلك المثالب وهذا ليس حكرا على بلدنا المنكوب بل على كل المهدويات وما انبثق منها كولاية الفقية والإمام الغالب والمخلص في الديانات الأخرى. ظلت تفتكر الحق والحقيقة عند ولاتها وان كانوا فكرة.
    عبد الرحمن الصادق الصديق هو مواطن كامل المواطنة ولست انا او غيري اع الحق في نزع وطنيته ولكن لو أن عبد الرحمن الصادق الصديق يريد أن يحدثنا من خلال احقيته في تولي أمرنا كما كان يزعم والده الذي صدح وفي يوتوب موجود قال انا شحض غير عادي ولي قدرات لاتتوفر في اي انسان آخر في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي اي والله هكذا نطق وأعتقد أنه ظن ان كل الناس واقول كل الناس ظن انهم يصدقون ترهاته. بمثل تلك العقلية ظن ويظن عبد الرحمن الصادق انه قادر على جمع الناس حولة قول ليه تلقاها عند الغافل.
    ولك خالص تقديري بروف عبد الله

  3. العالم الفذ العبقري بروفيسور عبدالله على ابراهيم ، هناك مدرسة تقول بأن لو لا المهدية لكان من الممكن أن يكون هناك سودان آخر مختلف تماما عن السودان الحالى، اى لقد كان ممكنا أن يكون لدينا سودان حديث متجانس متطور مزدهر يسوده حكم القانون لو لا المهدية واحزابها . فكلنا عشم يا بروف. أن تعقد لنا مقارنة تاريخية بين حال السودان بالمهدية واحزابها وحال السودان بلا مهدية وذلك وفقا لمنهح With and Wth-out

  4. غايتو يا عاصم لو راجي الزول ده يقدم ليك تحليل نزية موضوعي تبقى بالغت.

    ع ع إبراهيم يجعل من نفسه رديفاً وحليفاً للمتمهدي لأنه قد كتب كتاباً عن صراعه مع علماء عصره وأن بروف مكي شبيكة قد قرظ كتابه ذاك . علماً بأن برفسور مكي نفسه قد فضح المهدوية بكتابات كادت أن تودي بحياته على يد بعض متطرفي الأنصار والواقعة معلومة للجميع ولمن أراد أن يتحرى من صحتها فاليسأل.
    ع ع إبراهيم من البديرية الدهمشية وهو ختمي الجذور كتب عن وفاة السيد علي الميرغني في العام ١٩٦٨ بكائية عظيمة ولا ولم يُعرف له ولاء للمهدوية في ماضيه المعروف بل كان شيوعياً ثم إنسلخ عن حزبه وخرج منه (خروج الشعرة من العجين) كما أفصح ذات مرة.
    لا أفهم كيف ينتمي شخص لكيان الأنصار (بطريقة أو بأخري) فقط لأنه كتب كتاباً عن صراع مؤلفها مع علماء زمانه.
    أرجوا من الجميع أن لا يحمل كتابات الرجل محمل الجد فهو يكتب ليقول أنه مازال موجوداً.

  5. صراحة اسوأ انواع الكيزان هو الشيوعي المتحور الي كوز في آخر عمره، وعلي راسهم هذا العنصري الدعي المستعرب، الناكر لذاته ولونه وهويته، وصدق من قال ” وإن سفاه الشيخ لاحلم بعده***وإن الفتى بعد السفاهة حلم”.

  6. الأخ lsmail Hussain لقد كتب البروفسور عبدالله على ابراهيم مقال فلماذا لم تعلق على ما كتبه فى المقال؟!! وبدلا عن ذالك شطحت فى أن تنال من شخصه، ولدواعى شخصية ، بعبارات عنصرية تؤكد انك انت، نعم انت، العنصري بل العنصري المتطرف وليس كاتب المقال.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..