مقالات سياسية

انتهت انتخابات السودان وبقى الجرح القديم نازفاً!

د. علي حمد ابراهيم

وكالات الأنباء العالمية ومراسلو الصحف العالمية المحلية لم يتركوا الكثير الذى يمكن أن يقال عن الانتخابات السودانية التى انتهت للتو.

ابرز صور هذه الانتخابات كانت هى عدم مبالاة الشعب السودانى بها بصورة عكستها صور قاعات الاقتراع الخاوية على عروشها حتى فى اوقات الذروة المعتادة عند فتح صناديق الاقتراح فى ساعات الصباح وعند اغلاقها فى المساء . ومما زاد مشهدها قتامة مناظر موظفى مفوضية الانتخابات الذين يديرون العملية الانتخابية وهم نائمون نوما عميقا فى القاعات التى من المفترض ان تشهد زحاما وحراكا دائبين .

وقال بعض الموظفين انهم ناموا بسبب الملل والسأم لعدم وجود ما يشغلهم بعد ان جلس الناخبون فى منازلهم غير مكترثين . وكانت المعارضة السودانية بشقيها المدنية والمسلحة قد طالبت بتأجيل هذه الانتخابات والاستعاضة عنها بترتيبات جديدة ينتظر أن تسفر عنها نتائج مؤتمر الحوار الوطنى الشامل الذى دعا له رئيس الجمهورية وباشر الاعداد له بصورة عملية .

وكان التقدير ان تسفر نتائج المؤتمر المذكور عن الوصول الى قيام وضع انتقالى بديلا للوضع القائم حاليا يكتب دستورا جديدا ويقيم انتخابات تنافسية حقيقية تؤول السلطة بعدها الى من تختاره صنادق الاقتراع .

ولكن الرئيس البشير عدل من موقفه فجأة و قرر استباق أى نتائج تنجم عن أى مؤتمر حوار، استباقه باقامة انتخابات جديدة بصورة فورية على أن يؤجل الحراك الخاص بمؤتمر الحوار الوطنى الى ما بعد اجراء الانتخابات التى شرع فى الاعداد لها بصورة منفردة بكتابة قوانينها وتشكيل مفوضيتها وتقسيم وترسيم دوائرها الانتخابية وتعيين طواقمها الادارية فى غياب كامل للمعارضة المدعوة للمشاركة فى هذه الانتخابات.

وكما هو متوقع رفضت المعارضة كل الاجراءات والترتيبات التى وضعتها الحكومة منفردة بشأن تلك الانتخابات وقالت انها ستقاطعها وتقاومها بكل الوسائل السلمية. وبدأت بتدشين حملة المقاطعة بشعار ” ارحل ” وحاولت اقامة ندوات فى الميادين العامة توضح فيها اسبابها لمقاطعة الانتخابات ومقاطعتها سلميا . ولكن الحكومة قمعت قمعا قاسيا أى حراك سلمى للمعارضة للوصول الى الناخبين المفترضين .

صحة موقف المعارضة لا تنتطح حوله عنزتان. و قد ايدته الامم المتحدة و الاتحاد الاوروبى ودول الترويكا ( بريطانيا والولايات المتحدة والنرويج ). ورفضت هذه الدول مسبقا الاعتراف بنتائج الانتخابات اذا اخرجت بالصورة المزمعة . وبالطبع اخرجت الحكومة انتخاباتها على النسق الذى ارادت.

ونفذت المعارضة تهديها بحمل جماهيرها على مقاطعة الانتخابات وقد فعلت . حتى مناديب الاتحاد الافريقى الموالون لنظام الرئيس البشير قالوا ان الاقبال على الاقتراع كان ضعيفا و كان للمعارضة دور فى ذلك . اكبر تاييد للمعارضة نالته من شعبها ، بينما خسرت الحكومة شعبها والاسرة الدولية التى ظلت شريكة مخلصة لها فى البحث عن حلول للمشكل السودانى الطويل .نعم ، لقد أخرجت الحكومة انتخاباتها الجديدة على النسق الذى ارادت . وزادت مشاكل البلد المازوم بما لا مزيد عليه من التازم. و لا عزاء للحالمين و قد بقى الجرح القديم نازفا .

[email protected]
(الشرق)

 

تعليق واحد

  1. سيدي السفير انطباخات حلة القطر قام الان وضعت علي طاولة الطعام امام السيد المشير … توقعاتك هل حلة القطر قام (هي وجبة دسمة من وجهة نظر الطباخين الذين قاموا باعدادها)…من خلال وجه نظرك كدبلوماسي عريق هل هي كافية لمد سيادة المشير بالشرعية التي يريدها وبطاقة تمكنه من البقاء خمسة سنوات عجاف اخري علي كرسي السلطة؟؟!!
    أم ان هذه الانطباخات (حلة القطر قام هذه) نحن نعلم بالنسبة لشخصية غير شخصية المشير ربما عافت نفسه الطريق غير الجيدة التي طبخت بها حلة الانطباخات هذه ولكن بتجريبنا للمجرب كمواطنين عاديين ان السيد المشير سوف يعتبر هذه الطبخة طبخة شريعية وسوف يحتفل ويفتخر بان الشعب فوضة اما تفويض السماء كان مضمون وبيدهم منذ اليوم الأول للانقلاب
    بما انه ليس لنا باع فيما يدور بكواليس السياسة الدولية ماذا لو قبلت أمريكا بشرعية هذه الانطباخات وبدات تضغط بعض دول الاتحاد الأوربي للتعامل مع حكومة الجديدة…ما دوركم انتم كتاب وادباء وخبرة في العمل السياسي وما دور المعارضة المسلحة وهي علاقتكم القديمة كسفراء وتأثيرها في تحيد التعامل مع حكومة.
    ولماذا بقيتم علي مسافة بعيدة من المعارضة المسلجة ودورنا نحن كمواطنين عاديين جربنا وصفة الإنقاذ ولم تزدنا الا مرض .
    اولماذا لا يكون لكم اتحاد كتاب وادباء وسياسيين وهل يظل دوركم مصور في كتابة لمقالات فقط.
    مصطفي عمر ربما هو الكاتب الوحيد الذي يقترح أفكار ونقاط معينة للإسراع بنظام الفاسد الذي رفض كل حلول التسوية لوطن يعيش فيه الجميع بدون هدير المدافع وقصف الطائرات يبدو ان النظام مصر علي الحسم العسكري واجبار المواطنين علي حبه بالخوف عن طريق العقوبات الأمنية من اعتقال وتعذيب…. نتوقع اسهامات واقعية

  2. شكرا للاستاذ الحلو على مداخلته القيمة – واقول له ان الانتخابات لا تعطى الحكام شرعية الا اذا اقترنت برضا الشعب العام عنها . ورضا الشعب عن هذه الاانتخابات دونه خرط القتاد = يكفى القاعات الخاوية وموظفو المفوضية النائمين ة وهذه لمحة كافية لتجعل البشير ان يفكر الف مره لماذا حدث هذا . ىوكلنا ندرك ان النار تـأتى من مستصغر الشرر . البشير مضلل – الزبانية من حوله يكذبون عليه بشعبيته وغندور احسن مثل للمستشار الجاهل فهو يقول للبشير ان عضوية حزبه تفوق العشرة ملايين – اذن لماذا يتنازل البشير للمعارضة ولماذا يصدق ان نظامه عرضة للاهتزاز – امريكاغ لن تستطيع فعل شئ مفيد للنظام لان العلاقات مع النظام هى بيد الكونجرس الذى اصدر قانون العقوبات على السودان وحسب الدستور الامريكى الكونجرس وحده هو الذى يلغى هذه العقوبات او يعدلها بناء على نصيحة غير ملزمة من البيت الابيض – اخطر مشكلة هى موضوع محمكة لاهاى – هذه القضية لن تسقط بالتقادم وسوف يظل السف معلقا فوق رقبة البشير ولعل اخطر الادلة ضده هى تصريحات غير مسئولة تلفظ بهاغ بعظمة لسانه – حين قال ان عدد القتلى فى دارفور هو عشرة الاف وليس 300 الف كما تدعىااامم المتحدة وحين قتال انهم قتلوا ثمانين متظاهرا فى سبتمبر لانهم هجموا على مرافق الشرطة وحين قال انه استعمل الخطة ب لضرب المظاهرات فى 24 ساعة والخطة ب هى القمع المسلح – امل ىالبشير الوحيد هو ان يموت الجمل او الجمال خلال الخمس سنوات القادمة- نصيحتى ان ننسى امريكا والعالم الخارجى ونطور اساليب كفاحنا لوحدنا عاملين بالمثل القائل ىما حك جلدك مثل ظفرك . تصريح نائب رئيس الامين السياسى للحزب الحاكم القائل انه مصدوم من عزوف الجماهير عن الاانتخابات – هذا ىاهعتراف ايجابى يحدث لاول مرة من عضو نظام اغلق عقله منذ زمن – اخيرا انا لااقف على مسافة بعيدة من المعارضة المسلحة ان السفير الوحيد الذى زار معسكرات المعارضة فى هضاب اريتريا فى عام واجتمعت مع السيد الحلو هناك ثم اجتمعت به فى واشنطن فى مقر سكنه اما لقاءاتى مع عرمان فلا تحصى وواظنك لم تقرأ مقالى الذى عنوانه < انا بكره اللحكومة والجنجويد وبحب الثورية وياسرعرمان ح ارجع الى ارشيف الراكوبه تجده كاملا - اما اتحاد الادباء فنحن كتيبة كمال الجزولى ومفجوعى محجوب شريف

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..