مقالات وآراء

مستقبل السودان

د. محمد العركي

في البداية سنسرد بعض الوقائع مع بيان وجهات النظر الغالبة لدى بعض الصحفيين والمحللين السياسيين والعسكريين دون مناقشتها أو تفنيدها أو تحليلها. إنما هي أفكار وآراء تارةً ذات اليمين وتارةً ذات الشمال في محاولات لقراءة الأحداث ، سأسردها دون نسبتها إلى جهة معينة ، عليها تساعدنا في معرفة أماكن الخلل ، واستخلاص الدروس والعبر ، والتعلم منها لتجويد مسيرة الدولة نحن وطن نفخر به جميعاً ، وعلى القارئ أن يكون قناعاته الشخصية بفهمه وتحليله الخاص دون تأثير. وسنختم بخلاصة الموقف الذي توافق عليه الغالبية العظمى من السودانيين.
إندلعت ثورة ديسمبر المجيدة وأدى طوفانها الهادر في وقت قصير إلى سقوط حكومة الكيزان رغم وقوف العسكريين في طريقها بقوة السلاح وقتل الشباب واغتصاب البنات وحسرة الأمهات. طالبت الثورة بالحرية والسلام والعدالة ورفعت شعار (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل). كانت الثورة ثورة شعب وكانت كسيل العرم لا يقف أمامها لا جبل لا شجر لا بشر لا حجر وكان على الجميع الخضوع لسلطانها القاهر.
استغلت قحت السانحة فقدمت نفسها كممثل للثورة وبدأت التفاوض مع العسكر باسم الثورة ووقعت على الشراكة المشؤومة مع العسكر لحكم السودان. إن كان يؤخذ على دولة الكيزان التمكين والاقصاء وفرق تسد ، فإن قحت بالإضافة لعيوب الكيزان جاءت بأمراضها المزمنة المعروفة وهي الانقسام والتشظي والتناحر وأمراض اخرى جديدة هي الانتقام من الكيزان ومحاسبتهم ومصادرة أموالهم وإذلالهم عن طريق لجنة التمكين.
 كان على العسكر الانحناء للعاصفة وأن يقووا موقفهم باستمالة حميدتي قائد القوة الاكثر استعداداً للدواس فجاءوا بحميدتي نائباً لرئيس مجلس السيادة لا عن قناعة بقدراته ومهاراته وإنما مجبرين.
 وتم توقيع اتفاق العسكر والمدنيين بوثيقة تناسب الوقت العصيب ولا تناسب ما يتطلع له الثوار من تغيير شامل في هيكلة وبنية الدولة. ومنذ الأيام الأولى بدأ الخرق المنهجي للوثيقة الدستورية من الجانبين المدني والعسكري وأصبح من الواضح لكل المتابعين أن ما يحدث لا يمكن أن يستمر وأن كل ذلك تأجيل للمواجهة. فبدأ كل طرف يعد العدة.
 راهن العسكر على أن تفقد قحت زخمها ودعمها وتصبح ضعيفة وهزيلة فينقضوا عليها في الوقت المناسب ، وساعدهم على صدق هذا التوقع أن قحت انشغلت بصراعاتها على السلطة وخلافاتها وهو أمر متوقع ، إضافةً إلى وبعدها عن شعارات الثورة وعن الثوار، وتركيزها على الإقصاء والانفراد بالقرار والانتقام من الكيزان.
 ثم تحرك الكيزان بقوة فاقنعوا العسكر أن قحت تريد السلطة فقط وأن تعطشها للسلطة أعماها عن سلامة الدولة وأمنها ، فجمعوا الحركات المسلحة في اعتصام الموز وأغلقت كوادرهم الشرق ، وأطلقوا يد النيقرز وتسعة طويلة لإشاعة الفوضى في العاصمة، مما أدى إلى ظهور السلطة المدنية في قمة الضعف والوهن ، فانقضوا عليها في الفجر وألقوا بقادتها في غياهب السجون.
الكيزان يخططون للجيش وحميدتي ينفذ، كل المسارات والخطط ابتداءً من الفض الدموي لاعتصام القيادة العامة وإجهاض كل قرارات السلطة المدنية. لكن الانقلاب العسكري لم ينجح ولم تستتب له الأمور. واستمر يعرج تارةً ويسقط تارةً أخرى.
مع الأيام أدرك حميدتي أن منصب نائب رئيس مجلس السيادة ليس منصباً حقيقياً ولا تدعمه الوثيقة الدستورية المهترئة ، وأنهم جاءوا به بذكاء شديد لتحييده حتى تأتي فرصة السيطرة عليه وإخضاعه. هو في السلطة ولكن بدون سلطات حقيقية ، ولأنه شارك في كل مؤامرات الكيزان ضد الحكم المدني فهو كان على يقين تام أن الدور سيأتي عليه. وأن نهايته ستحين بعد نهاية المدنيين. وبدأت حملات شيطنة الدعم السريع واتباع نفس الخطوات المجربة في شيطنة وتجريم قحت. وقتها أيقن حميدتي أن الحرب عليه بدأت فعلاً وأن خطوات تدميره وتدمير الدعم السريع في تسارع. فلجأ لحماية نفسه من خلال الإدارات الأهلية وعمل الحواضن واتخذ مستشاريه من قحت. ووصل إلى قناعة أن مصير قحت والدعم السريع واحد وهو القضاء عليهم معاً من قبل الكيزان الدواهي.
 ثم جاء الاتفاق الاطاري فسانده حميدتي بقوة وشدة وتعصب له ، لأن الاتفاق الاطاري لا ينقذه فقط من الكيزان وإنما في أسوأ الأحوال سيهدم المعبد فيكون على الكيزان وعليه لا يهم. هناك كانت نقطة الخلاف الرئيسة وأصبح اللعب على المكشوف ، لقد أحس حميدتي بالتآمر عليه من قبل الكيزان وأنهم لن يتركوه فبعد أن تخلصوا من قحت بقي أن يتخلصوا من المهدد الآخر الأخطر وهو الدعم السريع. وكان عليه أن يتحرك قبل أن يقع في الفخ خاصةً أن حملات التخوين والشيطنة بدأت تزيد وتتصاعد. ورأي أن الاتفاق الاطاري فقط ينقذه فأيده بقوة ودافع عنه.
دفاع حميدتي عن الاتفاق الاطاري وضعه ليس في خانة الخصم فقط وإنما في خانة العدو المسلح الذي يجب كسره وهزيمته قبل أن يتمكن من قيادة انقلاب عسكري متوقع ومؤكد. اقنعت قحت حميدتي بأنه يمكنه الاستيلاء على السلطة خلال ثلاثة أيام شريطة أن يتحرك تحركاً مدروساً ، ذلك أن وضعه العسكري أقوى من الجيش بمراحل ، وأن قواته منتشرة في المؤسسات الحيوية للدولة. صدق حميدتي عندما قال أن الحرب مفروضة عليهم فهو يعتقد أنه إذا لم يتغدى بالكيزان والفلول سيتعشون به. فجلب القوات والآليات بكثافة إلى العاصمة ودعم مرتكزاته في مؤسسات الدولة ثم حرك قواته تجاه مروي ، وبذلك أعلن الحرب على الكيزان والفلول فمن وجهة نظره أن الجيش هو كيزان وفلول. وهكذا اشتعلت الحرب.
 الحرب لم تبدأ في 15 أبريل كما يعتقد كثيرون ، وإنما بدأت من يوم الإنقلاب على السطة المدنية ، وتيقن حميدتي أن الدور القادم سيكون عليه ، ولذا يكرر دائماً أن الحرب لم تكن خيارا لهم، بل كانت “صناعة الذين عطلوا إجراءات التسوية السياسية” والمتمثلة في الاتفاق الإطاري. وقوله أن هذه التسوية كانت ستجنب البلاد السيناريو الحالي ، الذي وصفه بأنه نتيجة لسيطرة النظام القديم على القوات المسلحة السودانية.
 جذبت شعارات الدعم السريع الكثير في استعادة الحكم المدني وإعادة بناء الدولة على أسس جديدة مبنية على إزالة المظالم

ورفع التهميش وتأسيس دولة العدالة والحقوق المتساوية لجميع المواطنين، جذبت العديد من السودانيين ، وكانت الأغلبية العظمي ستؤيد الدعم السريع في صراعه مع الكيزان والفلول ، إلا أن أفعالهم الوحشية على الأرض جعلت الشعب يدرك أنهم يقولون ما لا يفعلون وأن ما يقولونه شيء وما يفعلونه شيء آخر. كانت حربهم ضد المواطن السوداني وضد مؤسساته وبنيته التحتية، فقتلوا ونهبوا وسرقوا واغتصبوا وشردوا المواطنين من بيوتهم وارتكبوا من الجرائم ما لم يرتكبه التتار في بغداد. الدعم السريع كان وصمة عار سوداء في جبين الوطن.
عمائل وفعائل الدعم السريع جعلت كل المواطنين يلتفون حول القوات المسلحة السودانية ، أصبح كل السودانيين فجأة جيش حتى يزول على النبت الشيطاني المسمى بالدعم السريع.الشعب السوداني يدافع الآن عن الأرض والعرض والوطن. واختفى الكلام عن السياسة والحكم المدني. الآن الشعب يريد وطن يتصارع على سلطته بصناديق الانتخابات.
 الحرب مستمرة منذ أكثر من 17 شهرًا ، وفي رده على دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن للطرفين المتحاربين للانخراط مجددًا في محادثات. قال رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أمس الأربعاء ، إن الحكومة تظل “منفتحة أمام كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة”. وفي وقت مبكر من اليوم الخميس قال دقلو على منصة “إكس”: “نجدد التزامنا بمفاوضات وقف إطلاق النار ، إذ نؤمن بأن طريق السلام يكمن في الحوار ، وليس في العنف العشوائي ، وسنواصل الانخراط في عمليات السلام لضمان مستقبل خالٍ من الخوف والمعاناة لجميع المدنيين السودانيين”.
 الغالبية العظمي من الشعب السوداني تريد أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد سواءً بالانتصار على الدعم السريع أو التفاوض معه ، وأن يعم السلام والنماء والازدهار كل ربوع السودان ، يريد الشعب السوداني أن يرجع لبيوته وعمله ومزارعه ومصانعه ، فلا أحد يريد أن تستمر الحرب. الدعم السريع ليس له أي مستقبل سياسي أو عسكري أو أمني في السودان ، وغير مرحب به في أي مكان في السودان ، وليس أمامهم سوى أن يستسلموا ويسلموا أسلحتهم ويحاكموا محاكمات عادلة في كل ما ارتكبوه من جرائم وفظائع. وحكومة السودان مفوضة للتفاوض على السلام باسم الشعب ولكن لن يقبل منها الشعب أن تمنح الدعم السريع أي صفة عسكرية أو أمنية أو سياسية أو مكاسب مهما كان نوعها ، كل ما يمكن أن تتفاوض عليه هو عرض محاكمات عادلة وفقاً القوانين المحلية والدولية. ويريد الشعب عودة الحكم المدني وأن يعود الجيش للثكنات ويتفرغ لمهامه الرئيسة في حفظ أمن وسلامة الوطن.

 

[email protected]

‫6 تعليقات

  1. فاليكن معلومًا لك يا عركي يا كوز أن لا ثقة في جيش يقوده الكيزان.
    انت قايل السودانيين هم ناس المديرية الشمالية القديمة والجزيرة؟
    يا زول اصحى وافهم إنكم بقيتوا أقلية لا تتجاوز العشرين في المائة على أفضل الفروض.
    القوات المشلخة تعتمد إلى الآن على أولاد النوبا والمهمشين من غرب السودان وبعض ما أفاء الله عليها من فلنقايات وكل هؤلاء مُحرشون لا يقاتلون إن حمى الوطيس.

  2. يا سلام يا دكتور بعد الانتصار علي الجنجويد علي الجميع لبس افخم الثياب من الجلاليب والعمم المزركشة ومراكيب النمر والذهاب الي البرهان في القصر الجمهوري وبعد تناول شاي المغرب معه في جلسة ودية نطالبه بتسليم السلطة للشعب ونهتف ونغني ونحن فرحين عند بوابة الخروج: نحن راجعين في المغيرب، والله انت بتقول كلام ري الفل!!! يا زول الكيزان والجنجويد لا يؤمنون بالمدنية والديمقراطية وصناديق الانتخابات الشفافة،( كلامك دة قولو لزول ما عندو حديدة)

  3. للاسف الشديد مقال كله اباطيل وتزييف حقاءق واضحة وضوح الشمس…ومن ذلك الاتى_
    _حدوث انشقاقات في قحت!!!…لم يحدث ذلك ابدا…فالفلول من التيجانى سيسى والتوم هجو وبعض الطرق الصوفية وبعض الادارات الاهلية لم تكن من ضمن قحت بل انهم فلول تابعين للكيزان وتقاسموا معهم السلطة…فرفض قحت للفلول لا يسمى انشقاق قحت
    _بعد انقلاب البرهان خرجت قحت في مظاهرات ضد البرهان وحميدتى وقدمت كثير من الشهداء…واثناء ذلك سمح البرهان للامارات بتسليح الجنجويد من خلال الموانىء والمطارات السودانية فقفز عددهم من 15 ألف جندي إلى 170الف جندي وسمح لهم بالاقامة فى العاصمة وسلمهم نحو 80 موقع عسكرى واستراتيجي وشمل ذلك حتى القصر الجمهورى….فهل بعد هذا تحريض لاستلام السلطة…هل كان حميدتي في حاجة لتحريض قحت للانقضاض على السلطة
    _يدرك الكاتب أن قحت ثم بعد ذلك تقدم ليست شرذمة وانما هي تمثل قوى الثورة السودانية…تضم تقدم أكثر من 100 حزب واتحاد ونقابة تم اختيار قادتها بشفافية تامة…ويصر على وصفها بالشرذمة جريا مع ما يقوله الكيزان…ورغم ذلك يدعى الكاتب انه ثورى أمام الناس ويعلم انه منافق ومرتزق

  4. للأسف يا د.محمد العركي مقالك كله بلا مصداقية كلام نجر كما تقول لغة الشارع، لذلك أنت تكتب في مكان به رواد فطاحلة في السياسة والمعلومات لذلك نصيحة اخوية لو أردت الكتابة في الشأن السوداني يا تكون عارف عن ماذا تكتب ولديك المعلومة وإلا حتكون كوز يكتب من خياله كما يفعل الكيزان. كما في كتابات إسحاق فضل الله، وخطرفات دكتور ناجى مصطفى.

  5. ( كانت افتتاحيه هذا الكذوب الدجال المنافق هكذا اقتباس (في البداية سنسرد بعض الوقائع مع بيان وجهات النظر الغالبة لدى بعض الصحفيين والمحللين السياسيين والعسكريين دون مناقشتها أو تفنيدها أو تحليلها)

    ثم فى غمره حماسه الكيزانى وتحامله على المكون المدنى وما يتبع هذا الحماس الصبيانى من ميول فطرى نحو الكذب للشخصيه المتكوزنه اختتم مقاله بالاتى اقتباس
    ( وحكومة السودان مفوضة للتفاوض على السلام باسم الشعب ولكن لن يقبل منها الشعب أن تمنح الدعم السريع أي صفة عسكرية أو أمنية أو سياسية أو مكاسب مهما كان نوعها )
    هنا تناسى هذا الشئ ما كتبه فى المقدمه وراح يجتر الاكاذيب ويعرض رأيه بصراحه. ولا مانع فى طرح رأيه مع انه التزم بعدم التحليل وإبداء رأيه وبدا كأنه محايد، لكن ما دفعنا للهجوم على هذ الكوز الاهطل الكذوب هو ذكره تفويض الشعب للحكومه بالتفاوض!!!!!!!!!!!!!!!!! ولا أدرى من اين له هذا الكم الهائل من الوقاحه التى تجعله يكذب ويتحرى الكذب بأسم الشعب.
    ثانياً تناسي هذا المراهق فى غمره هذيانه وحماسه الصبيانى بأن اسياده خنازيز اللجنه الكيزانيه وعلى رأسهم الاهطل نمر الورق ياسر قد ذكر اكثر من مره وفى اكثر من مناسبه بأن الشعب السودانى هو ألذى فوّضهم لمواصله الحرب ولو لمائه عام فأيكما صادق وأيكما كاذب، يقينى ان كلاكما كذوب ومنافق فالشعب السودانى لم يفوض صبيان خضراء الدُمن سناء حمد بالتفاوض كما لم يفوّضهم بمواصلة الحرب.
    ذكر ايضاً اقتباس ( ليس أمامهم سوى أن يستسلموا ويسلموا أسلحتهم ويحاكموا محاكمات عادلة في كل ما ارتكبوه من جرائم وفظائع) يعنى قوات الدعم (وهذا هو خلاصة الموقف ألذى يتفق عليها معظم السودانيين) انتهى. هذا الكوز الكذوب ما زال يمثل دور الناطق الرسمى بأسم السواد الأعظم من الشعب فى جراءه كيزانيه لا تُضاهيها وقاحه سوي عنتريات المجرم البرهان حين قال ( أنا رب الفور) وسفالة المجرم الهارب البشير حين ادعى ان (الشعب السودانى عن بكره ابيه طوع بنانه) عموماً لن نطالب هذا البوق الصدئ بمصدر هذه الاحصائيات كما لم نطالب التور حسين خوجلى بها حين ذكر ان الكيزان يمثلون ٩٨ فى المائه من الشعب السودانى وتركنا واقع الحال يتحدث عن نفسه ويُكذب هذا التور ويضحد إحصائياته، كذلك نفعل مع هذا البغل الكيزانى. ولكن نذكره فقط ولا احسبه ناسياً فقط من باب الاسترسال بشعار الشعب خلال ثوره ديسمبر ألذى طالب بحل الجنجويد وبذهاب العسكر للثكنات بعد القصاص العادل من خنازيز اللجنه الامنيه وكلاب مليشيا الكيزان عن كل جرم ارتكبوه فى حق الوطن والمواطن جنباً إلى جنب مع محاكمات قيادات الدعم السريع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..