تحليل خطاب البشير 1 يناير 1990

رانيا مامون – مدنى

حرية.. سلام وعدالة، الثورة خيار الشعب، هي أبرز الشعارات التي رددها شابات وشباب السودان الذين خرجوا في تظاهرات عارمة في سبتمبر الماضي2013، تظاهرات بذلوا فيها دماءهم فداء للحرية، صودرت حريتهم، أودعوا المعتقلات في سبيل مطالبتهم بالعدالة، وعُذبوا حين نادوا بالسَّلام!

لكن، ليس من الغريب على هذا النظام أن يريق الدماء ويستلب الأرواح جهاراً نهاراً وسط الخرطوم ومدني ومدن أخرى برصاصٍ حيٍّ توجَّه نحو الرأس والصدر بقصدية مسبقة، ليس غريباً عليه، فدماء أهل دارفور تسيل من عشرة سنين، كما لم تعش جنوب كردفان والنيل الأزرق فترات طويلة من الهدوء والسلام، وإنما معارك تستمر وتحصد أرواحاً يتخذها هذا النظام جسراً في رحلته نحو العروبة.

رحلة بدأت في عام 1989، فرَّقت الشمل وقسّمت الجمع وشوهت الخارطة الاجتماعية وأرجعتها القهقري لتدخل كهوف العنصرية المظلمة حالكة الكُره. تبنَّى هذا النظام منذ مجيئه خطاباً عروبياً واضحاً وعنترياً أحمقاً، عندما تغنَّى بدنو عذاب أمريكا وعودة جيش محمد لبني صهيون، وفي الحقيقة الجيش العرمرم المغوار الذي توعَّد أمريكا وإسرائيل لم ينُازل سواء أبناء الوطن، ولم يتوجَّه سلاحه سوى إلى صدورهم ورؤوسهم.

في بدايات هذا العهد السلطوي سادت أدبيات ساعدته في إذكاء نار الحرب بأجساد الشباب، سادت الأدبيات الجهادية في الأناشيد والبرامج التلفزيونية مثل (ساحات الفداء) وكثرت الوعود بالحور العين، وكنا نستمع في بداية تكوين وعينا إلى أن رائحة دماء الشهداء في الجنوب تتحول إلى رائحة مسك يضوع في الغابة، وإلى قصص فدائية كانت تغسل عقول الشباب وتدفع بهم إلى الحرب، ضد مَنْ؟ ضد جزء من خارطة الوطن، وضد جزء من أبنائه.

وإن حوَّل النظام حرب الجنوب إلى حرب دينية بين مسلم ومسيحي برفع بطاقة الدين لكسب تأييد العامة من البسطاء، فإن الإبادة في دارفور رُفعت فيها بطاقة العنصرية لإشباع خيلاء العروبة وأوهامها عند البعض في إبادة جماعية، مسلم يقتل مسلماً، مليشيات (الجنجويد) مدعومة من الحكومة وقواتها تفتك بأهل دارفور، تحرق القرى ببيوتها وناسها ودوابها وزرعها حتى حيواناتها لا تسلم من الحرق.

بذات العقلية أديرت المعركة في مدن الوسط، الخرطوم ومدني لإخماد نار الثورة التي التهبت في صدور الشباب فخرجوا للتعبير عنها سلمياً، ولأن خزينة الذرائع للقتل لا تنفد من خزينة الدولة، مثل نفاد الأموال منها، تُوجِد السُّلطة لنفسها ذرائع مختلفة للقتل، كذريعة الشغب والتلف والإزعاج العام والإخلال بالأمن والسلامة العامة! ترفع عالياً هذه البطاقة، في حين عليها أن ترفع أخرى مكتوب فيها: نقتل من أجل البقاء على سدة الحكم.

أشاعت هذه السلطة ثقافة التدين الشَّكلاني الذي يعتمد على المظهر دون الجوهر، اطالت اللحى وعصبت الرؤوس لتغطية شعر النساء وأسبلت ثيابهن، واستحدثت قانون النظام العام الذي يدَّعي الحفاظ على المظهر العام على حساب إنسانية الإنسان الذي كرَّمه الله عز وجل، وانتهكت كرامة النساء بالضرب علناً، كما تقوم بإذلالهن وإهانتهن وسبِّهنّ وتهديدهنّ بل، اغتصابهنّ داخل المعتقلات وخارجها! أي تدَيُّن هذا؟ وأي دين يجيز هذه الانتهاكات؟ طغى التدين الاقصائي وغاب التدين السمح المتسامح الذي يقبل بالجميع تحت ظلَّه الوارف.

تَدَينهم دفعهم إلى تقديم الزمن ساعة فيما يسمى بـ(البكور) كي يصلي الناس صلاة الفجر حاضراً ويخرجون إلى أعمالهم مبكرين! متجاهلين أن التوقيت مرتبط بخطوط الطول والعرض وليس بموعد الصلاة. يطالبون الناس بالذهاب مبكراً للعمل وقد أغلقوا المصانع كمصانع الغزل والنسيج في مدينة مدني، المصانع التي كانت تشغِّل آلاف العمال والموظفين، ودمروا مشروع الجزيرة الذي كان تقتات منه آلاف الأسر والمزارعين، وشرّدوا كل من خالفهم الرأي والتوجُّه بفصلهم عن العمل أو التضييق عليهم حدّ الاختناق، واستبدلوهم بكوادرهم فيما سُميّ بسياسة التمكين، التي مكّنت لهم في كل مفاصل الدولة الحيوية ومرافقها ومؤسساتها.

تغيرت بمجيئهم ملامح الساحة الفكرية والثقافية والإبداعية، تناسلت المجموعات الغنائية الدينية والفرق الكوميدية التي تقدم نكات تعزز الجهوية والفُرقة، طفت أسماء لا نصيب لها من الإبداع وفتحت المنابر أمامها ومهدت لها الطُرق، في حين أُغلقت المسارح وجُففت، وأغلقت دور السينما وصارت مبانيها خرابات ماتت فيها الحياة، وزال عنها سحر وجمال الفن السابع كأنه لم يكن، حورب المبدعون والمثقفون وشُردوا في جهات الأرض الأربعة، وفُقدوا مثل الشاعر أبو ذر الغفاري، وفقد البعض توازنه العقلي والنفسي وغاب عن الساحة. صادروا الحريات، حرية التعبير والنشر وكثرت الكتب الممنوعة عن النشر والمحظورة من الدخول والمصادرة بعد أن تمَّ نشرها، وتكرر منع إقامة الندوات العامة، وإلزام استخراج إذن لإقامة ندوة، كما أُغلقت في أواخر عام 2012 المراكز الثقافية مثل مركز الدراسات السودانية، ومركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية، وبيت الفنون وغيرها من مراكز التنوير في مدن السودان قاطبة.

من أولويات هذا النظام ضرب مؤسسات الإشعاع الثقافي بإغلاقها ومحاربتها ومصادرة ممتلكاتها، في حين سُمح بخطاب واحد سائد ومستيِّد وكافر بالتعددية؛ لأنه هشّ ولا يستند على دعائم معرفية راسخة، وجَّه الشعب إلى الإلتهاء بكل ما هو قشري والاستجابة المتعاظمة لكل ما هو فارغ المحتوى.

للوقوف على صدقية خطاب البشير ووعوده وما يحدث الآن على أرض الواقع لنقرأ مقتطفات من خطابه.

الكلام بين قوسين من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة أشهر:
سيشهد احتفالنا هذا بدء نفاذ قانون الثراء الحرام ، وسأبدأ بنفسي وأخوتي في مجلس الثورة والوزراء التوقيع على إقرارات الذمة عقب هذا الاحتفال ، وسنلزم به.

من يقرأ خطاب البشير في أول عيد استقلال بعد ستة أشهر من الانقلاب الذي غيِّر خارطة الوطن السياسية والاجتماعية ولاحقاً الجغرافية، عليه أن يسبق كل جملة بأداة نفي، فالبشير الذي قال: (سيشهد احتفالنا هذا بدء نفاذ قانون الثراء الحرام، وسأبدأ بنفسي وأخوتي في مجلس الثورة والوزراء التوقيع على إقرارات الذمة عقب هذا الاحتفال، وسنلزم به.) الشاهد بعد 26 سنة من الحكم أن المقصود كان: إباحة الثراء الحرام وليس إنفاذ قانون الثراء الحرام، من منا بإمكانه إنكار أن أعضاء مجلس الثورة آنذاك أو الوزراء الحاليون ليسوا أثرياء ولا يتنعَّمون بخيرات هذا البلد، هم فقط لا سواهم، من منهم يعوزه المال كي يشتري علبة دواء لابنه أو كي يدفع رسوم الدِّراسة لابنته؟! بل من منهم لا يجد ما يدفئه في ليل الشتاء أو يقيِّه إنهيار منزله في عزِّ الخريف؟! ليسوا هم، بل نحن أبناء هذا الشَّعب المقهور والممَّكون بحمى زارتنا قبل أكثر من ربع قرن ومازالت تستشري في مفاصلنا ومفاصل البلاد.
وعندما قال في خطابه في ذات عيد الاستقلال 1990: (فلا تهاون بعد اليوم في طمأنينة المجتمع وسلامة المرافق العامة( هل كان يقصد أنه بدأ التَّهاون في سلامة المرافق العامة وبيع ممتلكاتها، وأنه بدأت زعزعة المجتمع وترويع أمنه وسلامه؟! وقتل مواطنيه بذرائع شتى، وأن طائرات الانتنوف تتهيأ للانطلاق من منصاتها صوب المواطنين في جنوب كردفان والنيل الأزرق؟ وأن حرباً وإبادة عرقية تطهيرية ستعُّم دارفور وتشتِّت من نجا من أهله في بقاع الأرض قاطبة؟ هل قصد هذا؟ بإمكانكم أن تجيبوا على السؤال.
البشير قال كذلك: (وقد قدمت الثورة البديل الصالح، والمنهج القويم في الحرية المسؤولة والمشاركة الصادقة.. والروح الإجماعي والطرح الموضوعي السليم لمعالجة قضايا الوطن( أيَّة حريَّة وأيَّة مشاركة قدَّمتها حكومة ما يسمى بثورة الإنقاذ؟! حرية الرأي والتَّعبير؟ بالأحرى تكميم الأفواه ومصادرة الحريَّات وقمع كل رأي مخالف لا يصفق للطغمة الحاكمة ولا يطبِّل لها، كيف نفسِّر يحدث الآن من اعتقال ومحاكمات للصحفيين وإغلاق للصحف ومصادرة لممتلكات منظمات المجتمع المدني وإغلاق دور التنوير والثقافة والفن؟ هل هذا في بند تقديم الحرية المسؤولة؟ وما هو المقصود بالـ (المسؤولة)؟ أهي حرية العمائم والذقون والتّدين الشَّكلاني؟

وقال أيضاً عن (المشاركة الصادقة) أية شراكة وقد ظلَّ الحزبُ يحكم منفرداً طيلة هذه السنين؟ وحتى إن كانت هناك مشاركة من قِبل بعص الأحزاب، فأيِّ المناصب هي من نصيبها؟ أليست مشاركة صورية ومناصب تشريفية بدعوى أننا أتحنا المشاركة؟! فعلى أي العقول تلعبون أيُّها السّادة؟

إقرأ معي أيها القاري الكريم ما بين القوسين:(إن من معاني الاستقلال أن يشعر المواطن في وطنه بالأمن من غائلة العدوان والطغيان لهذا نهضت الثورة بواجب تأمين المواطن في نفسه وماله وعرضه) هذا مجتزأ آخر من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990، هل تشعر أنت بالأمن في وطنك؟ أنت الآن في مطلع 2015، هل تشعر بالأمن؟ هل أنت آمن؟ في مدينتك؟ في بيتك؟ في وظيفتك؟ في جامعتك؟ آمن اقتصادياً؟ صحياً؟ اجتماعياً؟ أترك لك الإجابة
هل كان البشير واعياً عندما قال: (إن الحرب التي اشتعلت في جنوب بلادنا ، قبيل الاستقلال . وظلت تتجدد كلما أخمدت لها نار . كانت عاملاً في إحباط مشروعنا الوطني لتحقيق الاستقلال الكامل . وأراد مدبرو الفتنة شق الصف السوداني وتفتيت وحدته ، وإنهاك قوته . . وعجزت الحكومات المتعاقبة من علاج بالجد في الدفاع . . أو السلام . . وبالخطة الجذرية التي تحسم أصول المشكلة . . بل اكتفت بمعالجات عرضية . . ومساومات إجرائية . . ومسكنات وقتية (.
هل انفصال الجنوب هل الحل الجذري والعبقري والناجع للحرب؟
من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة أشهر :
(ولا بد أن يرتبط بهذه الفلسفة طلب الرزق الحلال ، ومن مصادره المشروعة ، بالابتعاد عن شبهة الربا في المعاملات الاقتصادية ، واجتناب الظلم ، وأكل أموال الناس بالباطل .(لا تعليق! فليس هناك كلام أقوى من الواقع، يظلُّ الكلامُ نافلةً، قِسّ وتأمَّل وتدبَّر في الواقع وستعرف لماذا عجز الكلام ولماذا عجزتُ عن التعليق!
من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة اشهر :
(لقد سعت الثورة إلى جمع شتات أبناء الشعب . . وأولت الوحدة الوطنية اهتمامها . وجعلت منها مرتكزاً أساسياً للانطلاق باتجاه التقدم والعمران . . فعالجت بالحكمة أسباب الصراع . . وقيدت بالقانون شرور التحزب . . وسدت بذلك ثغور التدخل الأجنبي الذي كان يغري بعضنا ببعض . . ويستغل صراعاتنا . . ويهدد استقلالنا في أصول البناء والقرار السياسي (.

بل الصحيح: لقد سعت إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، وحقن النفوس بالعنصرية والقبليَّة وإعادتهم للتمترس في مضارب القبيلة، وضربت الوحدة الوطنية في مقتل، فصار الكل يجد ملاذه الآمن بعيداً عن الآخر، والاخوة باتوا أعداء بصراع دائم ومتجدِّد ومحتدّ.
(وسنحرص ، كل الحرص ، على (تمكين) سلطان الدولة وهيبتها ، وتوطيد حكم القانون (والنظام العام))
نعم، لذا أفشوا ثقافة (تمكنَّا) وصمموا لها حقائب بذات الاسم، وصار كل من يرغب في التَّمكين أن يطلق لحيته ويكبِّر ويهلل، أو ينخرط في معسكرات الدفاع الشعبي والشرطة الشعبية وغيرها من مؤسسات أنبتوها من رحم الخواء كي يغازلوا الشعور الديني في الشعب السُّوادني المتدين التَّدين السمح في أصله.

أمَّا قانون النظام العام في جلد الفتيات وإلزامهن بلبس زي معين، ونسوا أن النظام العام ليس في اللبس، ولكن في تنظيم المدن، وشق الطرق، وتعبيدها، ونظافة المدن وصيانة المرافق العامة والاهتمام بها.

(واصبح باسنا بيننا شديداً . . وطاقاتنا ضائعة بالتمزق والصراع، وكانت العاقبة المؤسفة أن تضاءل استقلالنا ولم يتكامل . . وغدا السودان عرضة للهيمنة الخارجية . . ترهن قراره السياسي . . والاقتصادي والحضاري . . وتزلزل استقراره ، وتكدر وحدته الوطنية . بل غدا السودان معولاً في غالب شؤونه على يد أجنبية تمنح . . وأخرى تمنع . . ومظللاً بنفوذ أجنبي يغشى أحواله جميعاً (.

ولهذه العنترية الهوجاء أنشدوا (أمريكا قد دنا عذابها) و(خيبر خيبر يا يهود. جيش محمد سوف يعود) متى العودة يا ترى، ومتى يدنو عذاب أمريكا؟ وهم على سدة الحكم منذ أكثر من ربع قرن؟ بالهم واسع ياخي!! وهل خرج السودان الآن من مظلة النفوذ الأجنبي؟
(فنحن أمة ذات سيادة . وأساس وجودنا هو استقرار كيان الحياة العامة . . ومفتاح علاقتنا مع العالم الخارجي هو الاحترام المتبادل . . وعدم التدخل في الشؤون الداخلية)
(ونعلن هنا ، أن الضوابط الاقتصادية الصارمة ستستمر حتى نؤمن السوق باستئصال السوق الأسود وتجارة العملة . . والاحتكار والاستقلال . وحتى نؤمن الانتاج بنفي مظاهر التسيب والتعويق والتراخي في أداء الواجب وستعمل الثورة ، ومؤسساتها ، ولجانها الشعبية على تحقيق عدالة التوزيع ، واقتسام المتاح بين الناس بالتساوي( .

الحال يغني عن السؤال، استئصال السوق الأسود قال! ومحاربة تجارة العملة! وقد وصل سعر الدولار 9 جنيه سوداني؟ ماذا لو لم تحُارب، إلى أي مدى كان سيصل سعر الدولار يا ترى؟!
من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة اشهر :
يا جماهير شعبنا الوفية . .

(إن الثورة ستعمل جاهدة على سد الفجوة بين طبقات المجتمع ، بدعمها للفقراء والمحتاجين)

الثورة ستعمل جاهدة لمضاعفة أعداد الفقراء والمحتاجين، إلى أن صاروا هم غالبية الشعب.
وأعلن أننا قد عقدنا العزم على أن يكون عام (1990) عام السلام في السودان .
من خطاب البشير في عيد الاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة أشهر:
(إن الثورة سترفع في عامنا هذا شعار القدوة الحسنة عفة في اليد واللسان . . وسلامة في الصدر . . وعدلاً ومساواة بين الناس في الحق والواجب) صااااااااااح
من خطاب البشير في عيدالاستقلال 1990/1/1 بعد انقلابه المشؤوم بستة اشهر :
(جئنا لقلب المعادلة الظالمة . . فنادينا بأن تكون علاقة المواطن بالوطن هي تقديم العطاء قبل الأخذ . . وأولوية الواجبات من الحقوق . . وإيثار المصالح العامة على المصلحة الخاصة . . ومحاسبة الذين يظلمون أنفسهم وأهلهم بسرقة قوت الشعب، واغتصاب حقوق الجماهير)

جاء البشير ليحاسب سارقي قوت الشعب، لذا يجدد الثقة في والي الخرطوم الذي سرق أفراد مكتبه حوالي 18 مليار جنيه (17835000) ويبتدعوا (فقه التحُّلل) يقصونه ويخيطونه تماماً على مقاساتهم ويحللِّوا لأنفسهم ما قالوا إن سيحرِّموه؟ أي كذب وأي افتراء على الله والناس؟

والحصيف من أعمل عقله وقارن بنفسه، ما بين أول خطاب وما بين واقعنا المعاش، وكأنه كان خارطة زمنية مليئة بالوعود الكاذبة التي تحقَّق عكسها تماماً، لذا قلتُ الأجدى يمن يقرأ الخطاب أن يسبق كل جملة بأداة نفي، أو أن ينفي كل جملة أو أن يقرأ عكس معناها لأنها بالفعل استبطنت عكس المعنى.

حكت لي صديقة محامية بأنها كانت ضمن وفد للمشاركة في مؤتمر للمحاميين العرب في دمشق يوم الإنقلاب 30 يونيو 1989، وإنهم جميعاً تجمعوا في بهو الفندق لسماع خطاب البشير، بتركيز تام وأعين مبحلقة في شاشة التلفزيون، أخبرتني أن مع نهاية الخطاب استبشر البعض وهم قلّة، وأُحبط البعض، وقرأ البعض ما بين السطور وقالوا بأن رائحة الإخوان المسلمين فائحة في الخطاب، أما البعض الآخر وهم الرؤيويون لم يعودوا من دمشق، بل منها توزعوا في البلاد لأنهم رأوا ما سيكون عليه الحال، أما من عاد من هم خرج من المطار، ومنهم من تمَّ اعتقاله فور وصوله.

ولك الله يا وطني
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رائعة يا رانيا جد رائعة في الصميم. اختيارك لخطاب البشير في ١٩٩٠ كان في محله في مثل هذا اليوم. نحن بحاجة لمثل هذا النقد لتبصير هذا الشعب النائم و لاشعال الثورة القادمة.

  2. روعة.
    منطق وتحليل يفوق الوصف.
    ما بين الخطاب الأول وآخر خطاباته. ترقد شلالات دماء ومصائب لا تحصى ولا تعد.
    لعنة الله على نظام القتلة الى يوم الدين.

  3. أكاذيب العشرية الأولى (منها الخطاب هذا) كانت للمحتال الترابي و العميد البشير لم يكن سوى قارئ فقط .

  4. معليش يا استاذة رانيا .. فات عليك تمييز الجنيه مقابل الدولار فحسبتيه ( 9 ) جنيه بالجديد و حسابيآ فهي 9000 جنيه بالقديم … مقابل 13 جنيه بالقديم مقابل الدولار في يونيو 89 .

  5. ممتازة والله .. الله يديك العافية ما قصرتي تب ..
    والله ألد أعداء السودان ما كان يستطيع أن يتخيل حال البلاد بعد ربع قرن من ذلك الخطاب .. 25 سنة خطا فيها العالم كله خطوات واسعة إلى الأمام ونحن نعود القهقرى إلى مستقبل مظلم ..
    ننظر إلى صور الخرطوم في الستينات ونظافة شوارعها وقيافة أهلها وننظر إلى مشروع الجزيرة في ذلك العهد ونتحسر ..
    معقول يا عالم الواحد يتحسر على حاله الذي كان قبل خمسين سنة ؟؟؟

  6. يا رانيا الله يهديك يا بت مالك مقلبه علينا المواجع انا من 1989 ما اكلت شبعت ولا شربت رويت انا حالي حال البلاء اهي اهي اهي اهي وفوق هذا وذلك نقول الحمد لله
    اما عن خطاب البشير يا استاذة فشرذمة الانقاذ لم يتبقى لها سوي ان تدعي النبوءة ولو فعلت لما قلنا انها كبيرة عليهم لان ما قاموا به فاق كل التوقعات
    جات سفينتهم تحمل شعار ناكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ههههههه والبشير بعد ربع قرن يقول مشروع الجزيرة عالة علي الوطن استغفر الله طيب يا رئيس عاوز تزرع مجمع النصر السكني ككككككك قاتلك الله
    ثانيا البشير وشيخه الترابي علي عثمان ثعلب النظام وقوش سيد بيوت الاشباح اوردوا البلاد مورد الهلال بالشعارات الاسلامية حتي فصلوا الجنوب ولم يهدا لهم بااااااااااال وبعد عام ياتي رئيسنا ليقول نحن سلمنا البترول للجنوب تسليم مفتاح ونقول له الم يفتح الله عليك من قبل بان هذا هو المصير فجاء بما يعرف بتقشف فترة ومن بعدها الوثبة ومن ثم الحوار الوطني وكلها تخدير في تخدير والامر صائر من سيء الي اسواء والله المستعان
    السؤال الان اين السودان بعد 59 سنة استقلال

  7. جكي لي صديق عزيز انه راي رؤية مناميةلا يجد لها تفسير قلت له ماهي هذه الرؤية؟ قال لي انه راي فيما يري النائم ان المسيخ الدجال قد ظهر في السودان… ولم تمض اربعة وعشرين ساعة سمعنا البيان الاول….قلت له هذا رؤياك قد جعلها ربي حقا..ربك يستر… والله هذا ما حصل…..اللهم الطف بالسودن م واهله من هذا الكابوس …

  8. يخاطبني السفيه بكل قبح ** فأكره أكــون له مجيبا
    يزيد سفاهة فأزيد حلـما ** كعود زاده الإحراق طيبا
    وأنت العود الذي زاده الإحراق طيبا يا غاليتي . ماشاءالله عدت بقوة وتمكن وهذا أمر متوقع منك .
    تحياتي العطرة مع أحلى الأمنيات .

  9. لقدأفصحت يارانياعما يجيش ويعتمل بدواخل كل سوداني حر وشريف من ألم واسى على وطن ظل يشهد تراجعاً مخيفاً على كل كافة الصعد ويتآكل من أطرافه ويتفتت بفعل زمرة من شذاذ الآفاق فاقدي الضمير والإنسانية. أرجو أن يساهم قلمك في الهاب المشاعر وإثارة الهمم والعزائم للاطاحة بهذا النظام المجرم الذي أذرى بشعب كريم. ولا كسر الله لك قلماً ياأديبة.

  10. التحية لك يا رانيا ولاخيك المناضل لقد رأينا ما مررتم به عندما اندلعت شرارة سبتمبر وان التاريخ سيسجل لكم.. فهنيئا لوطننا بكم .. ورغم المرارات لكننا لم نفقد الامل اعادة بناء وطنا البنحلم بيه يوماتي وطن شامخ وطن عاتي وطن خير ديمقراطي

  11. البيان رقم (1)
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ايها الشعب السودانى الكريم :
    ان قواتكم المسلحة المنتشرة فى طول البلاد وعرضها ظلت تقدم النفس والنفيس حماية للتراب السودانى وصونا للعرض والكرامة وتترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذى تعيشه البلاد فى شتى أوجه الحياة وقد كان من ابرز صوره فشل الاحزاب السياسيه بقيادة الامة لتحقيق آدنى تطلعتها فى الارض والعيش الكريم والاستقرار السياسى حيث عبرت على البلاد عدة حكومات خلال فترة وجيز ة وما يكاد وزراء الحكومة يؤدون القسم حتى تهتز وتسقط من شدة ضعفها وهكذا تعرضت البلاد لمسلسل من الهزات السياسية زلزل الاستقرار هيبة الحكم والقانون والنظام .
    ايها المواطنين الكرام :
    لقد عايشنا فى الفترة السابقه ديمقراطية مزيفة ومؤسسات دستورية فاشلة وارادة المواطنين قدتم تزييفها بشعارات براقة مضللة وبشراء الذمم والتهريج السياسى ومؤسسات الحكم الرسميه لم تكن الا مسرحا لاخر قرارات السادة ومشهدا للصراعات والفوضى الحزبية وحتى مجلس رأس الدولة لم يكن الا مسخا مشوها اما رئيس الوزراء قد اضاع وقت البلاد وبدد طاقاتها فى كثرة الكلام والتردد فى السياسات والتغلب فى المواقف حتى فقد مصداقيته .
    ايها المواطنون الشرفاء :
    ان الشعب مسنود بإنحياز قواته المسلحة قد أسس ديمقراطية بنضال ثورته فى سبيل الوحدة والحرية ولكن العبث السياسى قد افشل التجربة الديمقراطية واضاع الوحدة الوطنية باثارة النعرات العنصرية والقبلية حتى حمل ابناء الوطن الواحد السلاح ضد اخوانهم فى دارفور وجنوب كردفان علاوة على ما يجرى فى الجنوب من مأساه وطنية وانسانية .
    مواطنى الأوفياء :
    ان عداوات القائمين علي الأمر فى البلاد فى الفترة المنصرمة ضد القوات المسلحة جعلتهم يهملون عن قصد إعدادها لكى تقوم بواجبها فى حماية البلاد ظلت قواتكم المسلحة تقدم ارتال من الشهداء كل يوم دون ان تجد من هؤلاء المسؤولين أدنى الاهتمام فى الاحتياجات أو حتى الدعم المعنوى لتضحياتها مما ادى الى فقدان العديد من المواقع والأرواح حتى أضحت البلاد عرضة للاختراقات والانسلاب من أ طرافها االعزيزة هذا فى الوقت الذى نشهد فيه اهتماما ملحوظا بالملشيات الحزبية .
    ايها المواطنين الكرام :
    وكما فشلت حكومات الاحزاب السياسية فى تجهيز القوات المسلحة لمواجهة التمرد فقد فشلت ايضا فى تحقيق السلام الذى رفعته الاحزاب شعارا للكيد والكسب الحزبى الرخيص حتى أختلط حابل المخلصين بنابل المنافقين والخونه وكل ذلك يؤثر سلبا على قواتكم المسلحة فى مواقع القتال وهى تقوم بأشرف المعارك ضد المتمردين ولا تجد من الحكومة عونا على الحرب أو السلام هذا وقد لعبت الحكومة بشعارات التعبئة العامة دون جد او فعالية .
    مواطنى الشرفاء :-
    لقد تدهور الوضع الاقتصادى بصورة مزريه وفشلت كل السياسات الرعناء فى ايقاف هذا التدهور ناهيك عن تحقيق اى قدر من التنمية فازدا دت حدة التضخم وارتفعت الاسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم اما لانعدامها اولارتفاع أسعارها مما جعل كثيرا من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة وقد ادي هذا التدهور الاقتصادى الى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الانتاج وبعد ان كنا نطمح ان تكون بلادنا سلة غذاء العالم اصبحنا آمة متسولة تستجدى غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسؤولين بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة وكل هذا مع استشراء الفساد والتهريب والسوق الاسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوما بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم فى ضبط الحياة والنظام .
    ايها المواطنين الشرفاء :
    قد امتدت يد الحزبية والفساد السياسى الى الشرفاء فشرد تهم تحت مظلة الصالح العام مما ادى الى انهيار الخدمة المدنية وقد اصبح الولاء الحزبى والمحسوبية والفساد سببا فى تقدم الفاشلين فى قيادة الخدمة المدنية وافسدو العمل الادارى وضاعت على ايديهم هيبة الحكم وسلطات الدولة ومصالح القطاع العام.
    مواطنى الكرام :
    ان اهمال الحكومات المتعاقبة على الاقاليم ادى الى عزلها عن العاصمة القومية وعن بعضها فى انهيار المواصلات وغياب السياسات القومية وانفراط عقد الامن حتى افتقد المواطنون ما يحميهم ولجأوا الى تكوين المليشيات وكما انعدمت المواد التموينية في الاقاليم الافى السوق الاسود وباسعارخرافية .
    ايها المواطنون :-
    لقد كان السودان دائما محل احترام وتأييد كل الشعوب والدول الصديقه لكن اليوم اصبح فى عزلة تامة، والعلاقات مع الدول العربية اضحت مجالا للصراع الحزبى وكادت البلاد تفقد كل اصدقائها على الساحه الافريقية وقد فرطت الحكومات فى بلاد الجوار الافريقى حتى تضررت العلاقات مع اغلبها وتركت الجو لحركة التمرد تتحرك فيه بحرية مكنتها من ايجاد وضع متميزاتاح لها عمقا استراتيجيا لضرب الامن والاستقرار فى البلاد حتى انها اصبحت تتطلع الى احتلال وضع السودان فى المنظمات الاقليمية والعالمية وهكذا انتهت علاقات السودان من العزلة مع العرب والتوتر مع افريقيا ازاء الدولة الاخرى .
    ايها المواطنون الاوفياء :-
    ان قواتكم المسلحة ظلت تراقب كل هذه التطورات بصبر وانضباط ولكن شرفها الوطنى دفعها لاتخاذ موقف ايجابى ازاءهذا التدهور الشديد الذى يهدد الوطن واجتمعت كلمتها خلف مذكرتها الشهيرة التى رفعتها منبهة من المخاطر ومطالبه بتكوين الحكم وتجهيز المقاتلين للقيام بواجبهم ولكن هيئة القيادة السابقه فشلت فى حمل الحكومة على توفير الحد الادنى لتجهيز المقاتلين
    واليوم يخاطبكم ابناؤكم فى القوات المسلحة وهم الذين ادوا قسم الجندية الشريفه الا يفرطوافي شبر من ارض الوطن وان يصونوا عزته وكرامته وان يحفظوا للبلاد مكانتها واستقلالها المجيد وقد تحركت قواتكم المسلحة اليوم لانقاذ بلادنا العزيزة من ايدى الخونه والمفسدين لا طمعا فى مكاسب السلطه بل تلبية لنداء الواجب الوطنى الاكبر فى ايقاف التدهور المدمرولصون الوحدة الوطنية من الفتنه السياسيه وتامين الوطن وانهيار كيانه وتمزق ارضه ومن اجل ابعاد المواطنين من الخوف والتشرد والشقاء والمرض
    ايها المواطنون الشرفاء
    وقواتكم المسلحة ترجوكم للإلتفاف حول رايتها القومية ونبذ الخلافات الحزبية والاقليمية وتدعوكم للثورة معها ضد الفوضى والفساد واليآس من اجل انقاذ الوطن و من اجل استمراره وطنا موحدا حرا كريما
    عاشت القوات المسلحة حامية لكرامة البلاد وعاشت ثورة الانقاذ الوطنى وعاش السودان حرا مستقلا والله اكبر والعزة للشعب السودانى الأبي والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..