تنبؤات ورسائل..!!

تنبأ القيادي بالحزب الحاكم د. نافع علي نافع بعدم استمرار الاحتجاجات والمظاهرات .وبعث نافع برسالة للمتظاهرين بأنه (إذا كان الغرض من الاحتجاجات والمظاهرات التعبير عن تدهور الأوضاع الاقتصادية، فإن المتظاهرين عبروا ورسالتهم وصلت). وأضاف نافع (إذا كان الغرض التخريب وخدمة أجندة سياسية لمعارضة تفكر في إسقاط النظام، فالمواطن العادي لا دخل له في خدمة أجندة لمعارضة تفكر في الوصول للحكم بهذه الوسيلة).
الدكتور نافع شغل من قبل منصب نائب رئيس الحزب الحاكم ويدرك جيداً أن قضية الاقتصاد السوداني لا تنفصل عن الواقع السياسي السوداني المأزوم، والعلة في المقام الاول علة سياسية قبل أن تكون علة اقتصادية ولذلك فالأمر يتطلب إصلاحاً سياسياً مؤلماً وهذا هو المفقود لدى الحكومة، فهي لاترى الأزمات إلا بمنظار ما يحقق لها البقاء بصرف النظر عن الضريبة التي يدفعها الآخرون من أفراد الشعب السوداني في سبيل ذلك.. وإن غير نافع نظرته الآن فهذا لا يلغ وجهة نظره السابقة التي كانت وراء توقيعه على إتفاقه مع عقار والتي كانت يمكن أن تجنب البلاد كثير من المزالق.
النظر للاحتجاجات الشعبية التي خرجت بسبب الأوضاع المعيشية البائسة بأنها مجرد تظاهرات مطلبية وليس لديها مطالب سياسية فهذا هو طعن في ظل الفيل ومحاولات لشراء الوقت بحلول على الورق ، لذلك فالمطلوب قرارات شجاعة تفسح الطريق للعمل السياسي الحقيقي الجاد دون مجاملة أو محاباة أو حسابات مصالح مشتركة لحماية النفوذ فالقضية ليست تجميل وجود وإنما إجراء جراحات مؤلمة سياسية على جسم الحكم قبل أن تكون اقتصادية وبغير ذلك فلا ظن أن هناك أي حل للأزمة الاقتصادية.
في السابق كانت الحكومة لا تريد أن يمسها سوء من أي إجراء اقتصادي تتخذه، لأنها غير آبهة بما يترتب على المواطن من هذه الإجراءات السياسية قبل الاقتصادية ، ولكن بعد الاحتجاجات الأخيرة أصبح ذلك غير ممكناً البتة وإلا فلتجرب الحكومة رفع الدعم مرة أخرى.
إذا الرسالة الأولى هي جسارة الشباب الذين قادوا الاحتجاجات ومعظمهم ولدوا في عصر الانقاذ وهذا يعني أن المستقبل في الحركة الطالبية والشبابية لم يعد لصالح الاسلاميين وإلا كيف لمن يسيطر على كل الاتحادات الطلابية والشبابية يعجز في تحقيق الاستقرار الجامعي وتضطر الحكومة لمعالجة المشاركة الواسعة للطلاب والشباب باغلاق الجامعات والمدارس.
الرسالة الثانية هي رسالة سياسية فالمطالب تجاوزت ماهو اقتصادي إلا ماهو سياسي ومادام أن الحكومة خلقت كثير من الأزمات السياسية عمداً هذا أغرى القوى المعارضة بالضغط على النظام خاصة وأن التسوية في ظل تعنت الحزب الحاكم واصراره على الانتخابات باتت (رهاب) أو بلا مكاسب وبالتالي الأفضل هو اصطياد (الفريسة) أو مناوشتها فبعد سبتمبر كان الحوار الوطني.
الرسالة الأكبر والتي ينبغي أن يدركها الحزب الحاكم هي أن الوضع بعد ديسمبر وما قبله سيكون مختلفاً وعنوانه فرض مزيد من العزلة على المؤتمر الوطني ومهاجمة حكومته وهذا يعني صعوبة سلامة الوصول إلى 2020 م..!!
الجريدة