عقب تزايد المخاوف من المتحور “أوميكرون”..الاندفاع نحو اجراءات متشددة

متحور فيروس كورونا الجديد الذي أطلقت عليه منظمة الصحة العالمية تسمية “أوميكرون”، دفع بعدد من الدول إلى الاستنفار والإسراع باتخاذ إجراءات جديدة ومتشددة، في محاولة منها لدرء مخاطر تفشيه.
وتتحَّور كل الفيروسات بشكل طبيعي بمرور الوقت، ولا يُعد (سارس كوف 2 ) استثناءً، فمنذ أن تم التعرف على فيروس كورونا لأول مرة أوائل عام 2020، ظهرت آلاف الطفرات منه، وتعد جائحة فيروس كورونا أو (كوفيد-19)، جائحةٌ عالميةٌ مستمرةً حاليًا، سببها فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (سارس-كوف-2)، الذي تفشّى المرض للمرة الأولى في مدينة ووهان الصينية في أوائل شهر ديسمبر عام 2019، وأعلنت منظمة الصحة العالمية رسميًا في 30 يناير2020 أن تفشي الفيروس يُشكل حالة طوارئ صحية عامة تبعث على القلق الدولي، وأكدت تحول الفاشية إلى جائحة يوم 11 مارس. وأُبلغ عن أكثر من 194 مليون إصابةً بكوفيد-19 في أكثر من 188 دولةً ومنطقةً حتى تاريخ 27 يوليو 2021، تتضمن أكثر من 4٬170٬000 حالة وفاة، بالإضافة إلى تعافي أكثر من مليون مصاب.
وسجلت أوّل إصابة من سلالة “أوميكرون” المتحور الجديد وإبلاغ منظمة الصحة العالمية عنها بحسب مجموعة الخبراء المكلفة بمتابعة تطور الجائحة، في جنوب إفريقيا في 24 نوفمبر 2021، يحتوي هذا المتحور، الذي عرف أولا برقم B.1.1.529 قبل تسميته بـ”أوميكرون” على الكثير من الطفرات، بعضها مثير للقلق وفق منظمة الصحة العالمية، إذ إن خطر الإصابة به أعلى بكثير من بقية السلالات المعروفة حتى الآن، وأشارت إلى أن بعض طفرات هذا المتحور ظهرت مع سلالات أخرى كدلتا و ألفا وبيتا، كما أوضحت أن هذا المتحور الجديد يرتبط بواحد من تغييرين رئيسين عن الإصابة بالسلالة التقليدية للفيروس: ارتفاع شديد في العدوى، وارتفاع في صعوبة الكشف عنه وفي فعالية التطعيم والعلاجات.
وتسابق فرق من علماء الفيروسات حول العالم للحصول على التسلسل الجيني لمتحور فيروس كورونا الجديد “أوميكرون”، ومحاولة اكتشاف ما قد يحدث بعد ذلك.
وحتى الآن، أظهرت الأبحاث التي أجراها توليو دي أوليفيرا، عالم المعلومات الحيوية الذي يدير مؤسسات التسلسل الجيني في جامعتين بجنوب إفريقيا، أن المتحور الجديد يحتوي على أكثر من 30 طفرة على بروتين “سبايك”، مقارنة بالسلالة الأصلية لـ”Sars-CoV-2” (فيروس كورونا المستجد).
وتزداد المخاوف من أن تعيد المتحورة الجديدة لفيروس كورونا العالم إلى المربع صفر، بعدما تغيرت الأوضاع خلال 24 ساعة الأمر الذي قد يشكل ضربة جديدة للانتعاش الاقتصادي بعد التعافي من الإغلاقات والفرض الشامل للإجراءات الاحترازية.
إلا أن تصريحا مطمئنا يتيما أتى من بريطانيا. فقد قال كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا، إن متحور دلتا يمثل مصدر قلق أكبر بكثير بالنسبة للمملكة المتحدة من متحور أوميكرون الجديد.
واكتُشفت السلالة كذلك في بلجيكا وفي إسرائيل، كما ظهرت في البلدان المحيطة بجنوب إفريقيا كبوتسوانا وزيمبابوي وناميبيا وليسوتو، كما تم الإعلان عنها في هونج كونج، ما أدى بمجموعة من الدول إلى تعليق رحلاتها مع كل هذه البلدان والمناطق، كما يوجد اشتباه في وصولها إلى ألمانيا.
ورغم توصيات منظمة الصحة العالمية بعدم فرض قيود على السفر، بدأت الحدود تغلق، وقررت دول تعليق الرحلات الجوية من بلدان أفريقية، بينما فرضت بلدان أخرى حجرا صحيا.
وقالت وكالة الأمن الصحي في بريطانيا إن السلالة الجديدة تحتوي على بروتين تاجي يختلف جذريا عن البروتين الأصلي الذي تعتمد عليه اللقاحات، مما يذكي القلق ويشعل المخاوف حول فاعلية اللقاحات الحالية.
وقال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها إن البيانات الأولية تظهر أن سلالة “أوميكرون” هي “السلالة الأكثر تحولا التي يتم اكتشافها بأعداد كبيرة خلال تفشي الوباء حتى الآن، الأمر الذي يثير مخاوف جادة من أنها قد تقلص فعالية اللقاحات وتزيد خطر الإصابة مجددا”.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الدكتور ويليام هاناج، عالم الأوبئة بجامعة هارفارد وباحثين آخرين قولهم إن “اللقاحات ستحمي على الأرجح من أوميكرون، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لتحديد مدى فعالية الجرعات”.
وبالتزامن مع ذلك، ذكرت شركة موديرنا الأميركية للأدوية أنها ستطور جرعة معززة ضد المتحورة أوميكرون. غير أن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى يفهم العلماء تحورات السلالة الجديدة، وما إذا كانت اللقاحات والعلاجات الحالية فعالة في مواجهتها.
ويسلط المتحور الجديد الضوء على الخطر الذي تواجهه الصحة العامة العالمية بسبب عدم حصول عدد كبير من السكان في العالم النامي على اللقاح، حيث كافحت البلدان للحصول على التطعيمات بينما كان الفيروس ينتشر ويتحور.
وبحسب بيانات لجامعة أكسفورد، فقد تم تلقيح 7 في المئة فقط من الأشخاص في أفريقيا بالكامل، مقارنة بـ42 في المئة من سكان العالم. بينما بلغت مستويات التطعيم في أوروبا والولايات المتحدة 67 في المئة و58 في المئة.
وعن التداعيات الاقتصادية لظهور المتحور الجديد، فقد أرجأت منظمة التجارة العالمية، الجمعة، في اللحظة الأخيرة، أول مؤتمر وزاري لها منذ أربع سنوات، بسبب ظهور المتحور “أوميكرون” المثير للقلق، ما يحبط الآمال بإعادة إطلاق أعمال المنظمة. واتفق أعضاء منظمة التجارة العالمية البالغ عددهم 164، على تأجيل المؤتمر الوزاري الثاني عشر “إلى أجل غير مسمى” في أعقاب انتشار المتحور “أوميكرون” الذي دفع حكومات كثيرة إلى فرض قيود مشددة على السفر، ما سيمنع العديد من الوزراء من التوجه إلى جنيف”، وفق ما قالت المنظمة.
وعقب الكشف عن السلالة حدث استنفار وتراجع حاد في البورصات العالمية وانهيار الأسهم وحظر للسفر وانخفاض لأسعار النفط وسط مخاوف من انتشار متحور فيروس “أوميكرون”، وصاحب ذلك انخفاضات في أسواق المال الأوروبية والأمريكية، وسجل سوقا السعودية والإمارات تراجعات حادة اليوم الأحد.
وبحسب خبراء في المجال الصحي قد يستغرق الأمر عدة أسابيع حتى يتعرف العلماء على نحو كامل على تحورات السلالة، وما إن كانت اللقاحات والعلاجات المتاحة فعالة في مقاومتها.
ويطالب الخبراء الشعوب بتشديد الإجراءات الاحترازية التي كانت معتادة عن بدء ظهور الفيروس للمرة الأولى، من التباعد الجسدي واستخدام الكحول للتطهير والالتزام بارتداء الكمامات.
ويحذر الخبراء من أن التطورات الجديدة، قد تؤدي إلى تجدد تدابير الإغلاق، وتشديد القيود على التنقل، مما سيؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي.