ماذا يريد الليبيون من حكومتهم الجديدة: فرص العمل ثم فرص العمل

تتصدر فرص العمل وعودة الحياة الى طبيعتها والديمقراطية قائمة أمنيات شبان طرابلس حين تسألهم عنها.. لكن بعد صراع استمر شهورا يمثل تحقيق توقعاتهم مهمة تنطوي على تحد للمسؤولين الذين يحاولون إدارة بلادهم الآن.

ولا يعرف كثيرون شيئا عن رئيس وزرائهم المؤقت عبد الرحيم الكيب الذي كان أكاديميا متخصصا في هندسة الكهرباء قبل تعيينه في أصعب وظيفة بليبيا بعد الإطاحة بزعيمها معمر القذافي.

وكرئيس للحكومة المؤقتة عليه أن يؤكد سيطرة المجلس الوطني الانتقالي على البلاد التي تعاني انقسامات وتزخر بالأسلحة وأن ينعش الاقتصاد ويساعد ليبيا على الانتقال الى الديمقراطية.

وقال سعد حلمي (30 عاما) وهو من المقاتلين الموالين للمجلس بينما كان يحمل بندقية آلية زين مقبضها بشرائط بألوان علم ليبيا الجديد "عدت الى هذا البلد لأحمل هذه الأداة في يدي".

وأضاف حلمي الذي عاش في اسكتلندا لعشر سنوات "الآن أريد أن أضعها وأن أستبدلها بقلم او كمبيوتر محمول. أريد البقاء هنا للحصول على عمل".

ويتكرر ذكر فرص العمل في شوارع طرابلس ويقول الكثير من الشبان إن البطالة هي التي دفعتهم الى قتال حكومة القذافي.

وامام الكيب ورئيس المجلس الوطني مصطفى عبد الجليل مهام صعبة مثل بناء المؤسسات من الصفر وإحياء قطاع النفط ونزع سلاح الميليشيات ومحاولة مداواة جروح الحرب في دولة تعاني انقسامات إقليمية وعقائدية بين أبرز ساستها.

علاوة على ذلك يشعر الكثير من الليبيين بالحماس بسبب الطموحات الجديدة التي تداعبهم ويتطلعون الى أن يحققها لهم المجلس الوطني.

وقال محمد عاشور (23 عاما) وهو مبرمج كمبيوتر "هل تعلم ماذا كنت قبل الثورة؟ كنت شخصا عاطلا شاهدت ابناء القذافي البلطجية وهم يتجولون في بلدتي".

"ثم أعطاني شخص بندقية وتبدل الأمر. نحن كشبان أعطينا الثورة للأكبر سنا. كانت هذه هديتنا.. أهديناهم بلدا. والآن نريدهم أن يردوا لنا الجميل".

ويحتل التخلص من الأسلحة التي أنهت النظام القديم في ليبيا المركز الثاني على قائمة مهام الكيب ومجلس الوزراء المؤقت الذي وعد بتشكيله في غضون أسبوعين.

وستخدم هذه الحكومة لثمانية اشهر تجري بعدها انتخابات لمجلس تأسيسي يقضي عاما في صياغة دستور جديد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية.

لكن أغلبية الناس في شوارع طرابلس التي تعود الى طبيعتها يوما بعد يوم ترى أنه يجب بدء العمل بما في ذلك نزع سلاح الميليشيات الآن.

وجاءت عبارة "حياة طبيعية" في المرتبة الثالثة بعد "فرص العمل" و"نزع الأسلحة" بين اكثر العبارات التي يستخدمها ابناء طرابلس حين يتحدثون عما يتمنونه في المستقبل. وقالت امرأة تدعى نبيلة بالانجليزية "أريدها حياة طبيعية". واتفقت صديقة معها قائلة "طبيعية" وكررت ثالثة نفس الكلمة.

وقالت رابعة "مثل اوروبا".

وهذه الرغبة تغذي شعورا متزايدا بالاستياء من المقاتلين الموالين للمجلس الذين كانوا يحظون بالاحترام الشديد يوما ومازالوا يتجولون في الشوارع.

قالت فاطمة قدور في شارع به الكثير من متاجر المصوغات "ضقت ذرعا بالمقاتلين فعلا".

وأضافت "مازالوا يتجولون في الليل ويلقون القبض على من يقولون عنهم إنهم موالون للقذافي. سمعت أنهم يسرقون السيارات. المجلس الوطني الانتقالي يعد بأنه سينزع سلاحهم فلماذا لم يفعل هذا بعد؟".

ويقول محللون سياسيون ومواطنون من طرابلس إن الإجابة هي أن استنهاض البلاد بعد الحرب ليس الشيء الوحيد الذي يتوقعون أن يشغل أعضاء المجلس الوطني في الأشهر العشرين السابقة للانتخابات. وهم يعتقدون أن التنافس على المناصب قد يكون اكثر أهمية بالنسبة لهم.

ضحك ايمن عبد القادر -وهو مدرس- حين مرت مجموعة من المقاتلين المدججين بالسلاح من مدينة مصراتة وقال "يحتاجون ميليشياتهم حتى يحصلوا على افضل المناصب الحكومية. الجميع يخشون من التعرض للخطر وفقد قدر من القوة اذا نزع السلاح عنهم".

واستطرد قائلا "لهذا يجب أن نتعايش معهم".

وتدفقت كتائب مسلحة من مصراتة وبنغازي ثاني اكبر مدينة ليبيا وغيرهما على طرابلس في ليلة 23 اغسطس/ آب وفر منها القذافي. لكن أفرادها يرفضون الرحيل منذ سيطروا على العاصمة وأقاموا نقاط تفتيش مسلحة في أنحاء وسط المدينة وضواحيها.

ومن غير المرجح أن يرحلوا الى أن تضمن أبرز المدن والمناطق التي تحالف معها المسلحون مكانا لها في ما يطلق عليه "ليبيا الجديدة".

ويقول ابناء طرابلس إن اختيار الكيب -وهو سليل عائلة من الوطنيين من المدينة القديمة بطرابلس- كرئيس للوزراء ربما يكون أول محاولة لتضييق هوة الخلافات والرد على الاتهامات بأن المجلس الوطني منحاز لبنغازي.

وقال المحامي حمزة محمد وهو يحتسي الشاي مع أصدقائه تحت لافتة كتبت عليها عبارة (ليبيا متحدة) "لا أرى أي سبب آخر لاختياره… إنه لا شيء بدون عبد الجليل. اتساءل هل بوسع رجال المجلس الوطني الانتقالي القيام بالمهمة. من هم بخلاف أنهم معارضون للقذافي؟".

وتدخل صديقه مصطفى في الحديث ضاحكا وقال إنه كان ينبغي أن يقول رجال المجلس الوطني "المملين".

وقال "لكن هذا أمر جيد… العالم عرفنا لسنوات من خلال رجل لم يصفه أحد قط بأنه ممل. كان مثيرا كل يوم.. هذه حقيقة".

ميدل ايست أونلاين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..