الصادق و النموذج السوري

في بيانه الأخير , يرفض الصادق المهدي الانتفاضة الشعبية السلمية – وذلك حسبما يقول في بيانه المهرب المضحك من سجن كوبر , بعد يوم واحد من اعتقاله – لأن النظام استعد لها . وفي ذلك تحريض صريح , وفتنة ظاهرة, لقتل المواطنين في الشوارع , والتنكيل بالشباب في الميادين , والعبث بالدماء البريئة في الطرقات , ولم يحذر السلطة التي أعلنت أنها نشرت القوات في العاصمة , ونشرت شباب الحزب في الحقيقة في التجمعات بأن تتوخى الحذر من إطلاق النيران , وأن تبعد الأسلحة الثقيلة من الشوارع من تلك ا لنوعية التي استعملها معمر القذافي لضرب المظاهرات فحاقت الدائرة به وبأتباعه .
لا يرى الصادق المهدي في الثورة السلمية إلا مصير سوريا . كي يثبط الهمم . ويمكن من الخوف في النفوس . ويجعل الناس عبيدا لفسدة لا مستقبل لهم ولا للسودان . ولا يرى للثورة مصيرا كمصير الثورة المصرية أو اليمنية أو حتى الليبية التي قتل القذافي فيها المتظاهرين بالآلاف , وحول المدنيين المطالبين بحقوق بلادهم في العدالة والنزاهة والديمقراطية إلى مسلحين ثم اندحر إلى الأبد في الأخير .
لماذا يلعب الصادق المهدي هذا الدور ؟ لماذا يرهب السودانيين بعد أن اكتملت أركان الثورة من الجوع والخوف والمرض والمجهول ؟ هل المهدي مطلوب لعدالة الشعب السوداني ؟ لماذا يحمي الإنقاذ الآن وهي تتداعى وتنهار وتتلاطم أمواجها ؟ هل هو العراب الحقيقي المختفي بكل هذا الخوف التاريخي من مساءلة الشعب السوداني , وبكل هذا الاضطراب السياسي والغموض والارتباك لأنه هو العراب الحقيقي الملفع لانقلاب 1989 ؟ من الذي يملك الحقيقة ومن الذي يهدده بكشفها ؟ لماذا يرفض ثورة الجماهير وهي الآلية الوحيدة لوحدة الشعب السوداني ولتماسك وطن يتهاوى في سفوح التمزق والتفكك أكثر من المائدة المستديرة والكوديسا والخروج الآمن واكتساح ا لخرطوم ؟ هل هناك تاريخ سري آخر للإنقاذ يشارك فيه المهدي يمكن أن تفضه وتفضحه ثورة شعبية . لماذا المهدي ضد الثورة ؟ بل لماذا يصل المهدي في كراهيته وخوفه من الثورة إلى حد تهديد المواطنين وتحريض المسلحين بقتلهم إلى هذا المدى ؟
السؤال الأكثر أهمية هل حقا يمكن أن تتحول الانتفاضة السلمية السودانية إلى مثل ما حدث في سوريا ؟ والجواب : كلا . الثورة السودانية ثورة حقيقية لها أسباب حقيقية بل أسبابها أسباب كل الثورات الحقيقية في العالم , بينما كانت الثورة السورية ثورة (نائمة ) مقلدة على غير هدى لثورات حدثت في تونس ثم مصر , وكانت ثورة في أروقة قناة الجزيرة أكثر منها ثورة في البطون والأدمغة والأحلام . كانت سوريا بلدا موحدا ولم يكن متنازعا من أطرافه , ولم يكن مختلفا عليه أيديولوجيا , ولم يكن منبوذا إقليميا أو عالميا أو متهما أو مطاردا رئيسا وخفيرا , ولم يشهد ثورات شعبية ذات ثقل من قبل , بينما رفض الشعب السوداني أن يقلد أحدا لأن أسباب الثورة كانت تعمل ببطء وتتحرك بهدى بقوة دفع ذاتي هي التي ستشهد نجاحها قريبا . ورفض فكرة الثورة ( النائمة ) أو ثورة الثيران في مخزن الخزف . الثورة السورية التي تحولت من مظاهرات إلى مسلحين لا تشبهنا إطلاقا ,فهي ثورة خارجية وليست داخلية , وكل مسلح ينتمي لدولة أخرى غير سوريا , كإيران , ولأحزاب كحزب الله , ولا توجد دولة واحدة من دول المنطقة حتى إسرائيل لا يوجد من يمثلها في أطراف النزاع . أما الثورة السودانية فهي خالصة لوجه الجوعى ولوجه الوطن الذي صار بلا وجه , ولوجه فشل المشروع الإسلاموي الذي يهدد وجود الإسلام نفسه كما حدث للنازية . ولفشل إدارة التنوع في بلد بداخله عشرين دولة . ولسبب آخر لا نذكره كثيرا وهو تفكك الإنقاذ نفسها التي تخوف الآخرين على لسان المهدي بتفكك السودان إذا لم يرجعوا عن فكرة الثورة الشعبية السلمية .
كانت سوريا دولة غنية ومصنعة , وغير مدينة بدولار واحد لأي صندوق في العالم , وكانت مشاريعها تمول من داخل سوريا , ووصلت مصنوعاتها من مكنات تغليف ومخايز آلية وإسبيرات دقيقة لمصانع الأغذية إلى كل مكان . وكان إنتاج القمح يصل إلى أكثر من 3 مليون طن فتكتفي ذاتيا وتصدر الباقي , وكان السكان يتلقون كهرباء وغاز تدفئة وإمداد مائي وعلاج وتعليم بأجور رمزية . هل الثورة في السودان تشبه الثورة في سوريا أيها الإمام الغائب ؟ هل الثورة السودانية ثورة حقيقية أم ثورة نائمة أو تقليد أو ثورة خارجية ؟
لماذا يفكر المهدي دائما في النموذج السوري , فيلوكه كلما ضاقت الحلقات حول الإنقاذ , ويتفه حالما تنفرج الأوضاع , ولا يفكر في النموذج الليبي ؟ وفي كليهما ضرب المتظاهرون وتحولوا إلى مسلحين ؟ ما الذي يعجب المهدي في دمار سوريا ؟ أم أنه التخويف والمكيدة والتخذيل ؟ وهو يعلم أن سوريا دولة مواجهة وأن سياستها الخارجية تتحكم في كل لفتة يلتفتها الأسد أو داعش أو جبهة النصرة , وأن سياستها الداخلية انعكاس لأطماع خارجية . ولذلك حاربت مليشيات القذافي القبلية والأسرية الثورة الشعبية التي استطاعت القضاء على القذافي ونظامه في النهاية على النقيض في سوريا التي يعني هزيمتها هزيمة أنظمة أخرى لا تقل عن قامة إيران وروسيا ودول أخرى .
على الرغم من التحريض والتهديد فإن الثورة قائمة على قدم وساق , لأنها نتيجة فشل مزمن وتاريخي وحضاري , ولن يوقفها قول الصادق إن الإنقاذ أعدت لكم فخافوها , وسيتحمل كل سياسي يرهب الجماهير , ويردعها فكريا من أن تمارس حقوقها السلمية والتاريخية مسؤولية لا يعرف أحد الآن في هذه الأجواء المضطربة كيف سيكون شكلها ونهايتها ونوعها, فأي شخص يراهن ضد مشيئة الشعب وضد مشيئة التاريخ التي هي من مشيئة الشعب , كأنما يراهن ضد مشيئة الله التي هي دائما مع الجماعة خاصة إذا كانوا يطالبون بحقوق ضيعها بعض الفاشلين .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياخي حرام عليك ..اتق الله غايتو الراجل اخد من السودانين جبال حسنات . كل من هب ودب يشتم فيه ..انت البي تكتب عملت شنو للسودان غير شايل ليك قلم وتسب وتقذف شمال ويمين . هسي اتحداك اكان قالو الناس تطلع انت اول واحد يدخل بيتو ..الراجل اتسجن قالو مسرحية ..كمان بقي عراب الانقاذ نسيتو قالو فيهو شنو من ايام صحيفة حسين خوجلي ةالراية ..ابوكلام حلق حواجبيهو متووج خواجية تعةيضات المهجي قيت سجون سب قذف ..ياخي هو ماعندو حل اعتبرو مات امشو انتو اتقدمو جيبو لينا حل وبطلو الفلسفة ةقلة الادب..مافي غير الانصار البشيلو الحارة اكان متو اكان قعدتو

  2. يا خالد الثورة الحقيقية كانت اتفاقية نيفاشا2005 وانتخاباات 2010 التي سجل لها 18 مليون مواطن وخذلهم المهرولون
    والصادق المهدي ما مقفل ابواب الناس قال رائيه وخلاص العايز يمرق يسقط النظام يمرق…هسة يعني هو مانعهم مثلا؟ جاوب انت ليه الناس ما مرقت الخرطوم فيها 8 مليون مرقو لي جون قرنق2005 ولي الانتخابات 2010 ليه ما مرقوا تاني ؟؟؟

    يا خ ديل قلنا ليهم ارفعو علم الاستقلال “الاصل” في بيوتكم في كل السودان في يناير 2013 ونشرناه في الركوبة وكل الاسافير السودانية وغير السودانية وطبعا العيب ليس في الشعب ولكن العاطلين عن المواهب الحارسنهم من 1964 ديل”قوى الاجماع الوطني” واحد فيهم هبب الفكرة دي مافي”رفع علم الاستقلال” والان تفرقوا ايدي سبا…-نفس الناس بتاعين 1964
    الناس تمرق لي شنو تاني؟؟؟!!
    لا رموز ذى الناس
    لا برنامج بديل
    لا اقنعوالشعب ولا دول الاقليم ولا المجتمع الدولي بي برنامج تغيير حقيقي
    بس قاعدين يسبوا في الكيزان عشان يتفشو بس…

  3. ياخي حرام عليك ..اتق الله غايتو الراجل اخد من السودانين جبال حسنات . كل من هب ودب يشتم فيه ..انت البي تكتب عملت شنو للسودان غير شايل ليك قلم وتسب وتقذف شمال ويمين . هسي اتحداك اكان قالو الناس تطلع انت اول واحد يدخل بيتو ..الراجل اتسجن قالو مسرحية ..كمان بقي عراب الانقاذ نسيتو قالو فيهو شنو من ايام صحيفة حسين خوجلي ةالراية ..ابوكلام حلق حواجبيهو متووج خواجية تعةيضات المهجي قيت سجون سب قذف ..ياخي هو ماعندو حل اعتبرو مات امشو انتو اتقدمو جيبو لينا حل وبطلو الفلسفة ةقلة الادب..مافي غير الانصار البشيلو الحارة اكان متو اكان قعدتو

  4. يا خالد الثورة الحقيقية كانت اتفاقية نيفاشا2005 وانتخاباات 2010 التي سجل لها 18 مليون مواطن وخذلهم المهرولون
    والصادق المهدي ما مقفل ابواب الناس قال رائيه وخلاص العايز يمرق يسقط النظام يمرق…هسة يعني هو مانعهم مثلا؟ جاوب انت ليه الناس ما مرقت الخرطوم فيها 8 مليون مرقو لي جون قرنق2005 ولي الانتخابات 2010 ليه ما مرقوا تاني ؟؟؟

    يا خ ديل قلنا ليهم ارفعو علم الاستقلال “الاصل” في بيوتكم في كل السودان في يناير 2013 ونشرناه في الركوبة وكل الاسافير السودانية وغير السودانية وطبعا العيب ليس في الشعب ولكن العاطلين عن المواهب الحارسنهم من 1964 ديل”قوى الاجماع الوطني” واحد فيهم هبب الفكرة دي مافي”رفع علم الاستقلال” والان تفرقوا ايدي سبا…-نفس الناس بتاعين 1964
    الناس تمرق لي شنو تاني؟؟؟!!
    لا رموز ذى الناس
    لا برنامج بديل
    لا اقنعوالشعب ولا دول الاقليم ولا المجتمع الدولي بي برنامج تغيير حقيقي
    بس قاعدين يسبوا في الكيزان عشان يتفشو بس…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..