مسرحية جوهانسيبرج

*للشعب السوداني خاصية ينفرد بها دون غيره من الشعوب,وهي خاصية التسامح,فالغالبية العظمي من الشعب السوداني تتمتع بقلب حنين نادرآ ما يلوثه حقد أو تشوبه كراهية.ولنا أمثلة عده فيمن حكموا السودان,وآخذ هنا علي سبيل المثال الفريق ابراهيم عبود عليه رحمة الله,والذي قامت عليه أول ثورة شعبية عرفها السودان قديمه وحديثه,كم كان مبغوضآ وهو حاكم ,وكم تعاطف معه غالبية الشعب وهو مواطن عادي.ولعل حادثة سوق الخضار,التي سار خلف سيارته جموع المواطنين يهتفون له(ضيعناك وضعنا وراك).
*والمثل الثاني لعاطفة الشعب السوداني, مثل الرئيس نميري عليه الرحمة,فقد كانت الجموع تبادي بمحاكمته,ما قبل عودته,وحين عاد لم يرتفع صوت واحد ينادي بتقديمه للمحاكمة,بل قبله الشعب واحدآ من أفراده مع كثير من الاحترام والتقدير.
*مسرحية جوهانسيبرج لعبت بمهارة فائقه علي وتر العواطف السودانية,فالكثير من السودانيين الذين لا يقل بغضهم للبشير عن بغضهم للشيطان,تمنعهم عاطفتهم القبول باعتقال بهذه الطريقة التي يعتقد الكثيرون أنها مذلة للسودان وشعبه,طرح يتفق معه الكثيرون,لأن الاعتقال بهذه الطريقة يلغي دور الشعب تمامآ في حكم نفسه بنفسه,فاذا اعتقلت امريكا رئيس اية دوله,فانها تجد لنفسها القوة لتنصيب من يحل مكانه,كما فعلت في أفغانستان والعراق,ولست في حاجة لشرح ما حدث في تلك الدول بعد ذلك.
*غزو أمريكا لباناما وأسر رئيسها نوريقا كان بسبب شخصي, فنوريقا كان عميلآ للسي آي أيه,حين كان جورج بوش الأب مديرآ لها,وبجانب عمله للمخابرات الأمريكية كان نوريقا مهربآ رئيسيآ للمخدرات,والخايرات الأمريكية تعرف هذا جيدآ,بل يقال أنها كانت شريكة,كما يقال أن حادثة لوكربي كانت للتخلص من لجنة تحقيق,في اتهام المخابرات الأمريكية في فضيحة تهريب للمخدرات من أفغانستان,ودفعت ليبيا الثمن بعد اتهامها بالتفجير,ما مقداره عشره مليار دولار أخرصت عوائل الضحايا.
*غزو باناما وأسر رئيسها نوريقا لم يكن لأسياب سياسية,بل كان السبب التستر علي فضائح أخلاقية من كبار الشخصيات الأمريكية وعلي رأسها بوش الأب.فقد أنشأ نوريقا منتجعآ خاصآ في احدي جزر باناما,لا يؤمه الا كبار الأمريكان بما فيهم الرئيس وابنه,ولكنه زرع في المنتجع كاميرات سرية في غاية الدقه,ترصد كل صغيرة وكبيرة تحدث,كي يستخدمها لابتزاز الزوار الكبار والمؤثرين.علمت أمريكا من عملائها بأمر التسجيلات,فما كان من بوش الأب الا ان غزا باناما وأسر رئيسها الذي لم يشفع له اللجوء لسفارة الفاتيكان,فاقتحمها الآمريكان وأساؤا معاملة الكرادلة الدبلوماسيين,وقبل ذلك أساؤا لدولتهم(المقدسة)الفاتيكان.
*ثم جاء دور العراق الذي استدرجت فيه أمريكا صدام حسين باعلانها علي لسان سفيرتها في بغداد,أن امريكا لن تتدخل في الأزمة,مما شجع صدام علي الغزو حتي وقع في الشباك الأمريكية,في حالة غزو باناما لم تأخذ أمريكا اذنآ من أحد,لكن في حالة العراق حشدت الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية,حتي يجد لنفسها الشرعية الدولية لغزو العراق,وكان ان نالت تلك الشرعية.
*ألقت أمريكا القبض علي صدام وتمت محاكمته عراقيآ,فالتهم الموجهة لصدام,لجرائم ارتكبت في العراق,لذا كانت المحكمة عراقية اسمآ,وأمريكية جوهرآ,بعكس نوريقا الذي تمت محاكمته أمريكيآ بجرائم لم ترنكب في أمريكا.ولو تمت محاكمته في باناما لأفشي بأسرار كانت ستضع الادارة الأمريكية العليا في وضع اقل مايقال عنه انه حرج.لذا كانت محاكمة نوريقا سرية للغاية لم يفصح عن تفاصيلها حثي الآن.
*أرادت أمريكا بهذه المسرحية,حقن النظام بجرعة تقوية,تكسب الرئيس عاطفة الكثير من السودانيين كان قد افتقدها منذ أمد بعيد,وهي تدرك أن النظام قد انهار وفقدت بوصلته مغناطيسيتها,والأمر الثاني الذي أرادته أمريكا هو تذكير الرئيس بما عليه من واجبات تجاهها.
*والالتزامات وقد نفذ بعضها وبقي البعض الآخر لم ينفذ بعد,وحتي أذكر القارئ أنه في يوم توقيع البروتوكولات الستة قال ياسر عرمان أن نموذج نيفاشا سيطبق علي دارفور والشرق والمناطق الثلاثة,وهذا يعني أن السودان يشق الطريق حثسثآ نحو التفكك.ولا عجب ان يطالب أركو مناوي بتقرير المصير لدارفور,حسب الخطة المرسومة لتفتيت السودان.وبعد كل هذا نتهم أمريكا بالتآمر,وهنا لا أبرئها من التآمر,ولكنها حين تلجأ اليه عندما تري أن سلؤك الطرف الآخريعارض مصالحها,ويشكل تهديدآ لها,ولكن مجريات الأحداث لا تشي بأن النظام الحكم في السودان,يعمل ضد المصالح الأمريكية,فالأسفار التي قام بها وزير الخارجية السابق ومساعد الرئيس ووزير الخارجية الحالي,وحتي وفد زعماء القبائل الذي يستمتع اليوم بزيارة أمريكا مشدوهآ بناطحات السحاب,مشدوهين وفاغري الأفواه,كل هذا لا يدل علي تهديد النظام للمصالح الأمريكية.
*النظام يعمل ضد مصالح نفسه والسودان معآ,فمحاولته اذابة المجتمع في سلطته جعلته يصرف النظر عن قضايا المجتمع الحقيقية,وهذا ما هز صورة النظام هزة عنيفة,جعلته أقرب الي الانهيار منه الي اية حالة اخري.انهارت الخدمات بكل أنواعها,وعلي سبيل المثال لا الحصر اسوق ملحمة شباب شارع الحوادث,وجهدهم المبارك في ترقية خدمات علاج الأطفال.
*النظام لا يحس بأزمات المجتمع التي يعاني,كما أن المجتمع لايحس بأزمة النظام التي محورها البقاء علي سدة السلطة,وبقاء النظام حاكمآ يأتي علي حساب الأزمات التي يعيشها المواطن والمجتمع ككل,هذا الي جانب السلطة المطلقة للرئيس والتي هي في حقيفة الأمر مفسدة مطلقة.وقد فشلت كل محاولات النظام في اجتذاب المجتمع,ولم يحلل النظام الأيباب التي جعلت المجتمع نافرآ منه,فسلك اقصر الطرق فهمشه.
*ولنعد الي مسرحية جوهانسبيرج,والتي كما ذكرت كانت لتذكير الرئيس بما قد نسي,والأمر الثاني خلق تعاطف وقتي للرئيس اعتمادآ علي العاطفة السودانية,أقول تعاطفآ لا شعبية ,والعواطف في زماننا هذا سرعان ما تزول.
*من الرابح ومن الخاسر في مسرحية جوهانسيبرج؟الرابح الوحيد في اعتقادي هو أمريكا,وهناك خاسران,الأول هو السودان ببفاء البشير علي سدة الحكم,وهذا نذير تفتيت جديد,أما الخاسر الثالث فهو القضاء والقانون الجنوب أفريقي,علمآ بأن من صاغ قواتين نيفاشا خبراء قانونيون من ذات جنوب أفريقيا.أما آن للبشير أن يذكر الله مرة واحدة ويتنحي عن السلطة,ليبقي ما بقي من السودان موحدآ…؟
[email][email protected][/email]
ننتظر شوية ممكن بعد الزرة يشغل عقله شوية لكن ما الجرائم كبيرة شديد وفظيعة و برضو الشعب مسامح و هذه مشكلتنا الرئيسية منذ الاستقلال كل تغيير حصلنا عليه بالساهل وبدون محاسبات تذكروا نميرى بالرغم من صغر عصابته