مقالات سياسية

جزر معزولة داخل مشروع الجزيرة.

أسامة ضي النعيم

هي فقط انطباعات مراقب يتسقط أخبار أكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة ، يزيدني فخرا أنها في بلادي السودان ، سمعت حديث الاعجاب بها في منديات اقتصادية خارج السودان ، حكي الشيخ قوقل عن بداية مشروع الجزيرة في عام 1911م كمزرعة تجريبية  لزراعة القطن في مساحة قدرها 250فدان ( بمنطقة طيبة وكركوج ) شمال مدينة ود مدني ، تروي بالطلمبات ( مضخات المياه ) . بعد نجاح التجربة بدأت المساحة في الازدياد عاما بعد آخر حتي بلغت 22 ألف فدان في عام 1924م. وفي العام الذي تلاه تم افتتاح خزان سنار وازدادت المساحة المروية حتي بلغت حوالي المليون فدان في عام 1943م. والفترة من عام 1958 وحتي 1962م تمت اضافة أرض زراعية بمساحة مليون فدان أخري عرفت باسم امتدادالمناقل ، لتصبح المساحة الكلية للمشروع اليوم 2.2 مليون فدان.

في عام 1919م تم انشاء مصلحة الري السودانية بالخرطوم لتعمل علي ادارة شبكة الري الجديدة وكان للمصلحة الفضل في ترقية برنامج وتطوير شبكة الري في مشروع الجزيرة ، الاخبار اليوم تحدثنا بأن معضلة مشروع الجزيرة وجزيرته المعزولة هو عمليات ري  المشروع التي تتولاها وزارة الري ، يحدثك المزارعون عن مآسي برمجة الري وخروجهم من الموسم الزراعي صفر اليدين ، الدورة الزراعية لزراعة القطن منذ نشأتها لها تقويم محدد  يبدأ من شهر أغسطس وينتهي في شهر مايو ، وزارة الري وادارات مشروع الجزيرة كانت تضبط الساعة البيولوجية لادارة العمليات والتنسيق وفق تلك الرزومانة ، تأتيك الاخبار اليوم بتبريرات عن عدم نظافة الترع ونقص المياه في بعض التفاتيش وما الي ذلك من مبررات تدخل في عبارة استاذنا الفاتح جبرا ( فجأتن) والقاسم المشترك هوغياب التنسيق وانفلات التعاون و فقدان روح العمل الجماعي.

الي سبعينيات القرن الماضي كانت حملات استجلاب عمال لقيط القطن من دول غرب افريقيا تماثل في زخمها طلب موظفين للعمل بليبيا أو دول الخليج ، تتسابق حملات وشاحنات نقل عمال اللقيط وتنتشر (الكنابي ) أو ( الكمبو ) تحوير كلمة ( كامب) الانجليزية بمعني مخيم ، يعيش في تلك المخيمات عمال اللقيط الذين أصبح معظمهم مواطنين سودانيين لهم الحق في المنافسة لتقلد الوظائف السيادية والتشريعية في السودان ، مع طول تأريخ ممارسة زراعة القطن يحسب المرء  أن الابحاث الزراعية نجحت في ادخال التقانة الحديثة لإدارة عمليات الدورة الزراعية من أغسطس الي مايو ، برمجة وتقنيات ومجسات تتحكم في مواقيت محددة  لعمليات ضخ المياه في الترع المختلفة ، القفل والفتح والصيانة تتم أيضا عن طريق ( سوفت وير) صممته أكبر شركات البرمجيات في العالم لخدمة أكبر مزرعة في العالم.   

بعد أكثر من قرن في زراعة القطن تتراجع أكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة ، تتحول الي جزر تلعن بعضها بعضا ، يحتار المزارع بين اداراتها والياتها التي تعمل في سلحفائية لإضاعة الوقت وإفشال الموسم الزراعي كما يفعل لاعب الكرة الماهر لإضاعة الوقت علي الخصم ، المضيع هو الوطن وريادة السودان في مجال زراعة وتصنيع القطن ، تفرد السودان في زراعة القطن في بداية عهد مشروع الجزيرة جعله اسما وعلما عند مصانع لانكشير وصويحباتها في انجلترا ، سنة الحياة والأشياء هي التطور والرقي و لكن في مشروع الجزيرة وتحت ضغط جزره المعزولة يذهب التقهقرالي الخلف بوتيرة متسارعة ، لا تخط لمشروع الجزيرة  اداراته الاصدقاء الالداء صيغا مماثلة تطبق بنجاح في مناطق دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة بل تنحر ادارة الري المشروع عطشا .

اعادة مشروع الجزيرة لسيرته الاولي عبارة لحشد التأييد الشعبي عند ساسة الوطن ، هي واقعا بعيدا اليوم عن روح العمل الجماعي الذي تركه الانجليز ، لا بد من مراجعة قوية ليصبح مشروع الجزيرة الزراعي الصناعي الذي نتباهي بصناعات قطنية تخرج من مزارعه و مصانعه تضاهي في جودتها ما تنتجه أكثر مصانع العالم كفاءة وجودة من ثياب نسائية وقمصان رجالية وملابس أطفال.

وتقبلوا أطيب تحياتي.

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..