مقالات وآراء

السودان : جرح الحرب ينزف على جسد بيئة منهكة

د. عثمان الوجيه
تحت وطأة سماءٍ مشحونة بالغيوم الداكنة ، تتلوى الأرض السودانية في آلامها ، فبعد أن مزقتها نيران الحرب ، تكشف عن جروح أعمق ، جروح نخرتها عوامل التغيّر المناخي ، كانت دولة السودان ، قديماً ، سلة غذاء إفريقي ، لكن اليوم ، وهي تئن تحت وطأة صراع دموي ، تتجلى هشاشتها أمام قوى الطبيعة المتوحشة ، فالتغيّر المناخي ، الذي كان يهددها بخفوت ، أصبح الآن يضرب بيد من حديد ، في البلاد ، حيث اشتعلت فتيل الحرب ، تحولت المنافسة على الموارد المائية والأراضي إلى صراع دموي ، فالجفاف المتكرر ، وهطول الأمطار الغزيرة المفاجئة ، وتدهور الأراضي ، كلها عوامل غذت الصراع ، وأدت إلى نزوح الملايين ، والآن ، مع استمرار الحرب ، يتفاقم الوضع. فارتفاع درجات الحرارة وموجات الحر الشديدة ، تهدد الزراعة ، وتجعل أراضي خصبة قاحلة ، وتلوث التربة ، وإزالة الغابات ، والرعي الجائر ، كلها جرائم ترتكب بحق الأرض ، وتزيد من هشاشتها ، ولا يقتصر الأمر على التغيّر المناخي والحرب. فبناء سد النهضة في إثيوبيا يزيد من تعقيد المشكلة ، فالسودان ، الذي يعاني من نقص المياه ، يواجه الآن تهديداً جديداً على أمنه المائي ، وسلامة سدوده ، والحرب نفسها تزيد الطين بلة ، فالنـزوح ، وانقطاع الخدمات ، وتدمير البنية التحتية ، كلها عوامل تساهم في تدهور البيئة ، وانتشار الأمراض ، السودان اليوم ، يواجه كارثة إنسانية وبيئية متكاملة ، فالحرب دمرت بنيته التحتية ، والتغيّر المناخي يهدد وجوده وسد النهضة يزيد من تعقيد المشكلة ، إن صراخ الأرض السودانية واضح ، فهل سنستمع إليه؟ أم سنتركها تموت؟ هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي : وصلني خبر مؤلم من صديق عزيز عبر منصة التواصل الاجتماعي سيجنال ، يخبرني عن الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوداني ، فبعد أن اندلعت شرارة الحرب في أبريل الماضي ، لم تترك هذه الحرب أي شيء إلا ودمرته ، بيوت هُدمت ، وأرواح زُهقت ، وأرض خصبة تحولت إلى صحراء قاحلة ، يشعر المرء بالعجز وهو يقرأ عن المعاناة التي يتجرعها السودانيون ، فالجوع والمرض والنزوح باتوا يهددون حياة الملايين ، تقارير الأمم المتحدة تتحدث عن أرقام مخيفة ، فملايين الأطفال يعانون من سوء التغذية ، وملايين آخرون نزحوا عن ديارهم ، والكارثة الأكبر هي أن هذه الأرقام في تزايد مستمر ، أشعر بالأسى الشديد لما وصل إليه السودان ، بلد عريق ، وحضارة عريقة ، تغرق اليوم في بحر من الدماء والدمار ، أتذكر جيداً كيف كان السودان يوصف بسلة غذاء إفريقيا ، واليوم أصبح يعتمد على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة ، إن ما يحدث في السودان هو جريمة بحق الإنسانية ، يجب على العالم أجمع أن يتحرك سريعاً لتقديم المساعدات العاجلة للشعب السوداني ، يجب أن نتكاتف جميعاً لتخفيف معاناتهم ، وإعادة الأمل إلى قلوبهم ، أدعو الله أن يرفع عن السودان هذا البلاء ، وأن يعيد إليه الأمن والاستقرار والرخاء ، وأدعو الله أن يلهم القادة في السودان الحكمة والعقلانية ، وأن يتوصلوا إلى حل سلمي ينهي هذه الحرب الأهلية.
I pray that God will inspire the leaders in Sudan with wisdom and reason, and that they will reach a peaceful solution to end this civil war
وعلى قول جدتي : “دقي يا مزيكا !!”.
خروج : نعي إلى روحك الطاهرة يا أستاذي الفاضل أستاذنا الفاتح جبرا ، بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ، وبنفوس مكلومة ، تلقينا نبأ رحيل الأستاذ الفاضل ، الكاتب الصحفي المتميز ، الفاتح جبرا ، فقدنا برحيله قامة صحفية شامخة ، وقلباً نابضاً بالوطنية ، وعقلاً مفكراً لا يكل ولا يمل، لقد كان الفقيد أكثر من مجرد كاتب ، فهو معلم وأستاذ ، زرع في نفوسنا حب القراءة والكتابة ، وشجعنا على التفكير النقدي ، كان قلمُه سيفاً مسلولاً في وجه الظلم والفساد ، وصوته مدويًا يدافع عن الحق والحقيقة ، لقد كان الفاتح جبرا نموذجًا للصحفي الشجاع والمخلص ، الذي لا يخشى في الحق لومة لائم ، لقد واجه التحديات بكل شجاعة ، ولم يتردد في فضح الممارسات الخاطئة ، مهما كانت التكلفة ، إن رحيله خسارة كبيرة للأمة السودانية ، وللعالم العربي بأكمله ولكننا على يقين بأن إرثه سيبقى خالداً وأفكاره ستظل حية في قلوبنا .
إنا لله وإنا إليه راجعون ، نسأل الله العظيم أن يتغمده بواسع رحمته ، وأن يسكنه فسيح جناته ، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان ، وأخبار خط هيثرو شنوووووووووو أقصد
#أوقفوا – الحرب ولن أزيد ،، والسلام ختام.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..