وتكررت المأساة بالنهود فهل من مغيث .؟!

إلي رئيس الجمهورية
وتكررت المأساة بالنهود فهل من مغيث .؟!
(1)
العام قبل المنصرم شهدت مدينة النهود أضرارا بالغة جراء السيول والأمطار الغزيرة تهدمت منازل علي رؤوس أصحابها نجي من نجا ومات من مات وأستطاع المواطنين بالنهود تلافي وتحمل الخسارة في الأنفس والأموال بمساعدة ذويهم وأهل الخير وبوقوف حكومة الولاية ومنظمات محلية ضعيفة الإمكانات . لم يظهر وقتها قليل اهتمام مركزي وقومي لمتضررين مدينة النهود جراء كارثة السيول فحينها شهدت مناطق مختلفة من البلاد سيول جارفة خاصة الشمالية وشرق النيل ولكن المساعدات كانت دولية وإقليمية شهد عليها السوق الأسود آنذاك بالخرطوم .
(2)
وبالرجوع إلي تعريف الكارثة وتشخيصها نستطيع أن ندرك ونتعرف علي أسباب خسائر الأهل في النهود المتكررة وكذلك نستطيع أن نسهم في الحلول والمعالجات وإدارة الأزمة ولعل الخبراء يرون أن الكارثة هي حادثة كبيرة ينجم عنها خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات وقد تكون كارثة طبيعية مردها فعل الطبيعة (سيول، زلازل، عواصف.. الخ) وقد تكون كارثة فنية سببتها يد الإنسان المخربة سواء كان إرادياً (عمداً) أم لا إرادياً (بالإهمال) وتتطلب مواجهتها معونة الأجهزة الوطنية كافة (حكومية وأهلية) أو الدولية إذا كانت قدرة مواجهتها تفوق القدرات الوطنية.
(3)
فالخسائر الجسيمة وقعت في الأرواح والممتلكات ولكننا يجب أن لا نغفل الجزئية الأهم في التعريف والتي تشير إلي الأسباب الفنية التي تقع عن طريق الإنسان المخرب سواء إراديا عمدا أو لا إراديا بالإهمال وهو مربط الفرس وأس الكارثة والمسؤولية التي تحتاج لمن يتحملها سواء أجهزة حكومية أو جهات خاصة أو المواطنين أنفسهم فالمواطنين وفقا لما أدلو به آنذاك أرجعوا أسباب الخسائر إلي تغيير مجري السيول وطريقها بفعل شركة البرجوب الهندسية والتي تتولي أعمال الطرق الداخلية لمدينة النهود فهي بالكاد بلغت ثلاثة سنوات تعمل علي ردم الطرق بالتراب وتحديد المسارات ولكنها لم توفق إلا في رصف بضعة أمتار إبان زيارة رئيس الجمهورية كعرض لبضاعتها وحتى يعلم الرئيس أن النهود المدينة العريقة والتاريخية التي كانت تغيث أم درمان في محنتها وكوارثها حيث تعبر اللوراي الوهاد والفيافي وتشق عباب الصحراء وطريق بارا والأربعين لتشارك بفالها ودعمها لمتضررين الفيضان تري هل تذكر أم درمان العاصمة الوطنية تلك الوقفة ؟ النهود التي كانت تسهم في بناء سد وخزان سنار بضمان أمكانات سوقها العالمي لبورصة الصمغ العربي والحبوب! النهود التي تضم كل مكونات السودان أحياء الشوايقة والدناقلة وأحياء الدينكا وتضم كل سحنات الوطن النهود التي شيد فيها أول ناد ثقافي بالسودان، أرض ملئيه بشهامة أهلها وعزتهم وكرامتهم مدينة إستراتيجية تربط شرق السودان بغربة مركز تجاري بؤرة علمية مدينة علماء ، حتى يعلم الرئيس أن الشركة تقوم بدورها كامل وليت الرئيس كلف نفسه عناء السؤال أين بقية الطرق والأعمال ؟ ليت الرئيس أدرك وقتها لماذا طالب أهل النهود بولاية توفر أقلاها تخطيط وخرط سليمة تحفظ حياة الناس وتنظم عيشهم لا تنقصة! ليته عرف وأستفسر عن موارد هذه المنطقة التي تمثل غالبية صادر السودان في المنتجات الزراعية وهي بهذا البؤس ! ليت الرئيس سأل عن عدم الاحتفال بمئوية نادي السلام وهمه الأمر كاحتفال ومهرجان البركل !ومهرجانات أخري أقل قيمة !ليت الرئيس تساءل كيف ثارت جحافل مملكات النحل لتآزر أمير حمر بل أمير أمراء السودان في نيل المطالب وعرضها لمدينة لازالت تتحمل نفقات نهضتها منذ أن كانت ترابا وأرضا تتبع لسلطنة الفور حيث دفع أهلها قيمتها وحملوا صك تاريخيا بقيمتها ! وهي لا تزال تتنكب طرق خيبتها حيث ترزح الخدمات في صفر التنمية والتطوير وما خسائرها إلا دليل علي هشاشة بنيتها وللدولة هنا مسئولية ،
(4)
ما وصل إلي المتضررين بالنهود حتى الآن لا علاقة له بحجم الكارثة والتي تمنيت أن تعلن ككارثة تتطلب الدعم الإنساني الخارجي والإقليمي وأن توجه لها المنظمات المحلية جميعها نظرا لحالة الموتى والمفقودين من الأطفال والنساء وحتى المساجين ما يجمعه الأهل والإخوة بالروابط داخل وخارج السودان من مبالغ لا تتعدي ولا تتجاوز الثلاثمائة ألف إلي الخمسمائة ألف ولا يستطيع ترميم خمسة منازل ناهيك عن 2195 منزل تحتاج الأعمار لذلك أطلقوا العنان وأعلنوا عن الكارثة كما وقعت ولا تحولوا بينها وبين أهل الخير والعون الإنساني إن لم يكن لكم نصيب أجرها وعون أهلها .
(5)
في المؤتمر الصحفي لوالي غرب كردفان المهندس أحمد عجبا الفيا محجوب قال ان إحصائيات المستشفيات المتحركة بمناطق السيول والتي يبلغ عددها ( ٤) مستشفيات عدد الحالات المسجلة بها بلغت (٥٧٤) حالة منها ( ٩) حالات كسور، و (٤٩)حالات جروح. وعدد( ٥٦) حالة سوء تغذية تم تحويلها إلى مستشفى النهود التعليمي. هذا بالإضافة إلى خروج (٣) آبار مياه عن الخدمة
وعن المنازل المنهارة أكد والوالي أن جملتها بلغت، (٢,١٩٥) منها (١,٣٢٤) منزل انهيار كامل، وعدد (٨٧١) منزل انهيار جزئي، مضيفا أن حصيلة المدارس المنهارة بلغت (١٣) مدرسة تحطم فيها (٦٠) فصل، اما المساجد فقد بلغ عددها (٣) مساجد.ولم يسلم سوق النهود من الخسائر حيث قال الفيا ان حصيلة الدكاكين المنهارة بلغت (٨٦) دكان على أماكن مختلفة.ولم تسلم الحيوانات من السيول فقد كشفت الأرقام ان الحيوانات النافقة قد بلغت (١٢١) بالله عليكم هل هذه كارثة عادية .؟ تمنيت لو زارها الأخ الرئيس بنفسه ودعا الدول الصديقة للمساهمة الإنسانية تجاه أهلها .
وأقر الوالي جزاه الله خيرا فهو رجل واضح أن حجم السيول التي اجتاحت مدينة النهود تفوق إمكانية ولاية غرب كردفان بل أشار إننا لا نستطيع أن نحيط بربعها داعيا إلى التدخل السريع حتى لا تتفاقم الأزمة.
(6)
نتوجه بالرسالة إلي الأخ رئيس الجمهورية عسي أن تقع بين يديه ونقول له تكررت المأساة بمدينة النهود وهي ليس المرة الأولي ولن تكون الأخيرة فهل من مغيث وهل من يحركة أنين الأطفال والفقراء والثكالي وصياح البطون الجياع .!
كارثة السيول بمدينة النهود يجب أن تعيد خارطة تصحيح الأشياء حتى لا تتكرر المأساة في كل عام ، إعادة تخطيط المدينة ، إعادة النظر في تنفيذ الطرق من قبل شركة البرجوب ، توجيه مواردها لخدمات المدينة، إعادة بناء مؤسساتها كما يجب ، فتح التصريف والمجاري وتشييد الكباري الصغيرة ، إعادة النظر في قيادتها تنفيذيا حيث تحتاج مدينة كالنهود لقيادة تمتلك ناصية النهضة والتفكير والإعمار ، إدخال الكهرباء القومية ، فك معضلة مياه الشرب ، سفلتت الطرق كما يجري في مدن السودان المختلفة ، إنشاء صندوق تنمية وإعمار خاص بالمدينة ، وصندوق اعمار للمتضررين ، تأسيس جمعية خيرية كبري مدنية فالمنطقة تعج بالتجار وأهل الخير.