سودانى قاضى لقضاة شمال نيجيريا

تماما مثل ما تمكنت المرأة السودانيىة من النفوذ الى المغاليق فى وقت مبكر وتعلمت وساهمت فى نهضة التعليم فى السودان قبل الاستقلال وبرزت منهن العالمة والفقيهة والمربية الفاضلة و تمكنت من تربية اجيال فى كل بقاع السودان شرقا وغربا شمالا و جنوبا ، ايضا كان لاخيها الرجل دور لا يقل اهمية من دورها التنويرى و التربوى والذى تجاوز حدود الوطن..
فهناك العديد من رجال السودان الذين اتسموا بنبل المشاعر و دماثة الاخلاق ادوا مهاما علمية و تربوية و تثقيفية و تواصلوا مع شعوب وقبائل افريقية وعربية كان يغلب عليها الجهل و سيذكر التاريخ ان وطننا السودان العظيم خرج منه عظماء اثروا الحياة الفكرية والفنية والادبية والسياسية و ربوا اجيال و ايقظوا امم و شعوب و اخرجوها من نير الظلم والاستبداد الى عظمة الحرية و المعرفة و كانوا مثار اعجاب ومدعاة احترام امم و شعوب كثيرة وقد استطاعوا ان يكونوا خير سفراء لهذا الوطن ..
ان ما يلاقيه السودانيين اليوم من الحب والاحترام والتقدير من كافة شعوب العالم انما بسبب غرس ذلك الجيل من الرعيل الاول من رجال السودان العظماء الذين تحلوا بدماثة الخلق و الاستقامة اضافة الى أمتلاك العلم والمعرفة ومن امثلة ذلك ، ذلك التواصل المعرفى الذى كان يربط بين شعب السودان و شعب نيجيريا وبقية دول افريقيا و ما ترتب عليه من حب واحترام ومودة ظلت باقية الى يومنا هذا و ان وجود العديد من القبائل الافريقية و اندماجها مع الشعب السودانى لهو اكبر دليل على ان روح شعبنا و وطباعه لهى روح و طباع اصيلة لا تعرف الاحقاد و الكراهية وان ما عانى منه وطننا من انتكاسات لا يعبر مطلقا عن اصالة شعبنا العظيم..
لقد كان التشابه بين السودان ونيجيريا كبيرا ايام الاستعمار، اذ كان المسلمون اغلبية فى كلا البلدين ويسكنون مناطق معروفة تحت سيطرة الحاكم البريطانى كما شهد البلدان ثورات دينية عظيمة أتخذت طابع الجهاد فى سبيل الله باسم الدين الاسلامى ففى غرب افريقيا وشمال نيجيريا قامت ثورة الجهاد التى اعلنها “عثمان داك فوديو” وسلالته من بعده فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كما نشبت ثورة مماثلة فى السودان بقيادة السيد “محمد احمد المهدى ” فى آخر القرن التاسع عشر..
وعلى مر الاجيال تواصل السودان و نيجيريا وغرب افريقيا بسبب ان جموع الحجيج تاتى متجهة الى الاراضى المقدسة عبر السودان و منهم من ظل فى السودان الى يومنا هذا و كان العلماء السودانيون يذهبون الى نيجيريا وبعض دول افريقيا بدعوة من سلاطينها ليعلموا شعوب تلك الدول الافريقية لذلك كان للسودان تاثيره الثقافى والحضارى على هذه الدول ..
وعندما وقعت نيجيريا تحت نير الحكم البريطانى اتفق الحكام المستعمرون مع المسلمين فى نيجيريا على ان لا يتدخلوا فى شئونهم الدينية وألا يسمحوا بالتبشير المسيحى ليقوم بأى نشاط فى بلادهم خشية من نشوب ثورات من المسلمين الذين يمثلون اغلبية قد تلحق الضرر بمصالح بريطانيا الاستعمارية .
و قد وافق المستعمرون على طلب من سلاطين قبائل شمال نيجيريا تفاديا لقضبتهم على الاستفادة من خبرة المعلمين و القضاة السودانيين الذين تخرجوا من كلية غردون قسم اللغة العربية للقيام بمهمة التعليم فى نيجيريا و قد تم بالفعل ارسال اول بعثة من المعلمين السودانيين وكانت تتكون من الاساتذة “محمد عثمان ميرغنى”و”عبدالعال حمور”و”محمد نور سيد احمد” وقد أقامت تلك البعثة تعليم نظامى علمانى تدرس فيه العلوم العصرية جنبا الى جنب مع دروس اللغة العربية والدين و قد كان الناس هناك يدرسون علوما دينية فقط على ايدى بعض المهاجرين وعلى اسس بدائية.
وقد تمكنت البعثات السودانية التى اتسمت بالنبل والعطاء والطهر والنقاء من ادخال طرق التعليم الحديث و إداء مهماتها بنجاح وقد وجدت الترحاب والحب والاحترام من سكان نيجيريا الذين بهرتهم الطباع و الاخلاق السودانية السمحة فطالبوا ببعثات سودانية اخرى، و قد تم بالفعل ارسال بعثات اخرى قوامها قضاة شرعيون منذ سنة -1934م- و ظلت البعثات السودانية تتواصل الى نبجيريا وتؤدى دورها بنتهى الاخلاص و التفانى حتى سنة -1966م- و كانت أول تلك البعثات السودانية تتكون من اصحاب الفضيلة “البشير الريح” و ” محمد صالح سوار الدهب ” و ” النور التنقارى ” و ” عوض محمد احمد ” و هؤلاء جميعهم متخرجون من مدرسة القضاء الشرعى فى كلية غردون و لقد ادت تلك البعثات مهامها بنجاح واخلاص و تركوا ذكرى طيبة وغرسوا غرسا من العلم والمعرفة ظل شعب نيجيريا يقطف من ثمره العطر الى يومنا هذا و ظل يلهج بذكر اولئك الرجال والثناء عليهم واعترافا بفضل تلك البعثات فقد تم اختيار احد افرادها وهو الشيخ ” عوض محمد احمد ” ليصبح قاضى لقضاة شمال نيجيريا و لقد اقامت تلك البعثات فى مدينة كانو النيجيرية أول مدرسة للعلوم العربية تدرس فيها اللغة العربية والشريعة الاسلامية ليتخرج منها قضاة للمحاكم الشرعية ومدرسين للغة العربية و علوم الدين و كانت هذه المدرسة بذرة سودانية طيبة لمدارس الحكومية النيجيرية التى اصبح بفضلها يتم تعليم وتخريج كل قضاة شمال نيجيريا و مدرسيها .
[email][email protected][/email]
بارك الله فيك استاذنا عبدالعزيز علي هذا المقال واشراقات ماضينا الجميل وسيرة الرعيل الاول من رجالات كانوا في منتهي النبل فعلا وغرسهم في تلك الدول حصدته الاجيال التي تلتهم احتراما ……………هل ياتري حنشوف اليوم البيرجع فيهو السودان لتلك العهود الزاهية ام سوف يكمل الكيزان علي الباقي ومانلقي حتي سماء يظلنا………
السودانيون اينما حلوا كانوا مثالا وقدوة قبل ان يأتينا زمن الانحطاط
أستاذ عبد العزيز
لابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر