اصوات وعبارات وكلمات

كما نعلم فان اللغة تتكون من كلمات وجمل ، والكلمات تتكون من حروف ، والحروف يحمل كل واحد منها صوتا” معينا” ، والجملة تعنى كذلك شيئا” معينا” ، ومجموع كل ذلك هو الكلام الذى نتحدث به ، ولكن هل كان الانسان منذ نشاته على الارض يتكلم بطلاقة ؟ ولنضرب مثلا” لذلك بالانسان فى العصر الحجرى ، فقد كانت احتياجاته المعيشية قليلة جدا” ، ولا يحتاج لتبادل المنافع مع الاخرين ، ولذلك السبب فربما يستخدم الاشارة بيديه ، أو صوته عما يبتغيه ، وتكفيه قطعة لحم من الحيوان الذى يصيده بسلاح صنعه من الحجر ، ويغطى جسمه بفرآء الحيوان الذى اصطاده . ومع تكاثر الناس وازدياد متطلباتهم اقتضت الحاجة الى المعاملة مع الاخرين والاختلاط المحدود بهم ، فولدت لغة محدودة تعبر عن تلك الأشيآء المستجدة .
ولا اطيل القول فقد ولدت لغة التفاهم ثم بمرور الزمن وتطور الحياة والانسان تكاملت اللغة واتسعت مفرداتها واغراضها باتساع المعرفة والمخترعات وتقدم العلم . وقد علمنا ان الفرق بين الانسان والحيوان ان الانسان حيوان ناطق ، ولكن ذلك لا يعنى ان الحيوانات والمخلوقات الاخرى ليست لها لغة وان شئت طريقة للتفاهم فيما بينها ، فالعلمآء فى علوم البحار سجلوا بالآت دقيقة اصوات بعض الاحيآء المآئية كالدلافين والحيتان ، وحتى الحشرات التى تدب على الارض لديها لغة تخاطب ، ويحدثنا القران الكريم عن النملة التى قالت للنمل ان يدخل الى منازلهم حتى ( لا يحطمنكم سليمان وجنوده ) محذرة النمل ليبتعد عن طريق سيدنا سليمان وجيشه ، وتبسم سليمان من قولها وشكر الله الذى علمه منطق النمل ، أى كلامه .
واخلص الى اننا فى سودان الوسط الشمالى الناطقين بالعربية وفى مدينة امدرمان نستخدم عبارات واصوات للدلالة على معنى أو شئ معين ، وبخاصة فى تعاملنا مع الحيوانات الاليفة التى كنا نربيها فى المنازل الى عهد قريب ، فاذا اردنا ان نطرد الدجاجة نقول لها ( كر ) ، ويحضرنى هنا قول احد ملوك الشايقية قديما” ولعله الملك صبير ، فقد قال لاسماعيل باشا ابن الخديوى محمد على باشا عند بداية غزوه للسودان فى العهد التركى محذرا” له ولجيشه قبل وصوله لديارالشايقية ، خاطبه قآئلا” ( قول لى جدادك كر ) ، واذا اردنا ان نزجر الكلب قلنا له ( جر ) ، وفى كل الاحوال يتبع الصوت اشارة باليد ، واذا اردنا ان نحث الحمار على السير السريع قلنا له مع ضربه على جانبيه بقدمينا ( عرعر ) ، واذا اردنا طرد الكديس ( القط) استخدمنا ( بس بس ) ، ولا بأس من ذكر حكاية رواها لى صهرى كمال عبدالوهاب فى معرض حديثنا عن الاصوات ، فقد قال لى ان قطة جارته الامريكية خرجت الى الشارع وقبعت تحت سيارته وفشلت كل محاولات جارته فى اخراجها ، وخرج كمال واخبرته بالامر ، وقال انه ذهب ونادى على القطة بطريقة مناداة القطة فى السودان ( تث تث ) فخرجت القطة واخذت تتمسح على ساقه ولم تتجه الى صاحبتها فاخذها وربت عليها ومسح على رأسها ثم اعطاها لجارته . وفى المسآء جآء زوج جارته اليه وشكره ولكن سأله باستغراب عن الالفاظ التى قالها للقطة حتى استجابت له وطلب منه ان يعلمها له ، واجابه كمال باننا ننادى القطط بهذه الاصوات فى السودان، ورددها له حتى اجادها ، ولعله اعتقد انها كلمات سحرية او انها شئ من هذا القبيل .
وهناك احرف يشكل الواحد منها أو مع حرف آخر معنى نفهم منه ما يريد الواحد التعبير عنه ، ولكن لا اعرف كيف اكتبها ، فمثلا” اذا اراد الواحد الاستجابة لشئ بالموافقة حرك لسانه الى سقف فمه وأتى بصوت قريب من ( كه ) ، وهناك صوت آخر تستعمله المرأة اذا لم يعجبها شئ أو يدل على الاستهجان ويصدر من ضم الشفتين واصدار صوت ممطوط قريب من لفظ ( بييب ) ، وهناك صوت آخر يدل على الاستخفاف والرفض وهو( هو أو هه ) ، ويصدر الصوت من الانف ومن الصعب كتابته . ولعل هذه الاصوات القليلة المتبقية قد صمدت وبقيت عبر الدهور من اسلآفنا فى بدآئية الكلآم ، ولا عجب فقد ارسل سبحانه وتعالى سيدنا نوح الى قومه فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما”
وعندما كنا فى بخت الرضا درسنا علم الصوتيات على يد مستر جورج ، وعرفنا ان اى حرف فى اللغة الانجليزية عنده اسم وله صوت ،وتركيب حرفين مع بعضهما له صوت مختلف . واقصد من هذا المقال ان لدينا اصوات سودانية بحتة لا يفهمها سوانا ولعلها اندثرت الان ولا يعرفها شباب اليوم ، ولا يعنى هذا انا ننفرد دون الشعوب بهذه الأصوات الخاصة فمن المؤكد ان لها أصوآت خآصة بها .
وكذلك عندنا بلد لم ولن يفهمه سوانا لذلك علينا المحافظة عليه ولا يتم ذلك إلا بضرب الانقاذ على راسها(كو)،،
Thank you sir for this piece of art
وكذلك عندنا بلد لم ولن يفهمه سوانا لذلك علينا المحافظة عليه ولا يتم ذلك إلا بضرب الانقاذ على راسها(كو)،،
Thank you sir for this piece of art