الغلاء … استحالة الاختفاء والاختطاف

بلا حدود – هنادي الصديق

* سنتوقف اليوم عن تناول قضية طلاب جامعة بخت الرضا من أبناء إقليم دارفور رغم عدالتها، وسنتوقف مؤقتاً عن تعاطي قضايا الاختفاء التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، لنذكَر المواطن بقضية أخرى لا تقل أهمية عن القضيتين، وهي التضليل والتغبيش الذي يمارسه النظام على المواطنين وجرَه جراً الى الهاوية التي اقترب من السقوط فيها، مستغلاً انشغال الجميع بقضايا مجتمعية وسياسية نسجت بحبكة درامية لا يكتبها كبار كتاب سيناريوهات السينما العالمية.
* سبق وأن ذكرت في ذات المساحة قبل عامين أن الشعب (قال الروب)، ورغم ذلك، فالنظام يُصر على زيادة جرعات الضغط النفسي والمعنوي والمادي على المواطن.
* فاسطوانة غاز الطهي تجاوزت حاجز الـ170 جنيهاً بعد أن كانت بـ23 جنيها فقط، وجوال الفحم وصل لرقم فلكي يصعب على المواطن العادي هضمه.
* وفي ذات الوقت وبشكل مباشر جداً، استغلت السلطات انشغال المواطن بفك طلاسم اختفاء الفقيدة أديبة، لتضيف لمعاناة المواطن جرعات إضافية لا قبل له بها من غلاء للسلع الضرورية من غذاء وكساء وأدوية واتصالات.
* أدوية اختفت بشكل مفاجئ من الصيدليات، لم يعد لها وجود، وعندما يسأل عنها المريض يفاجأ بأن ارتفاع سعر الدولار تسبب في رفع سعر دولار الدواء تلقائياً وأحجم بسببه تجار الدواء عن شرائه، وهناك من يقول إن الدواء تم سحبه بغرض استغلال حاجة المرضى ليتم بيعه بسعر أعلى، وسط غياب تام للرقابة الحكومية على السلع بشكل عام والأدوية بشكل خاص، وحتى من كان على علم منهم، (سردب).
* تم إدخال الشعب في (غيبوبة) دائمة، ومن يفق، يتم تخديره بشكل مستمر بصناعة أزمات مفتعلة وقضايا انصرافية كان من الممكن تجنبها أو معالجتها بشكل إيجابي، ولكن وضح أن النظام يتعامل وفق نظريات المفكر الأمريكي (نعوم تشومسكي)، والتي اختزلها في عشر خطوات للسيطرة على الشعوب.
* فالنظام على سبيل المثال، استخدم بذكاء النظريات وبدأ التعامل وفقاً لها، وبدأ بنظرية الإلهاء، حيث اعتمد على تحويل انتباه الرأي العام عن المشاكل المهمة، وظل محافظاً على تشتت اهتمامات العامة، بعيداً عن المشاكل الحقيقية.
* وظل على الدوام يبتكر المشاكل ثم يقدم لها الحلول في جرعات، منتظراً ردة الفعل من قبل المواطن والتي تكون في العادة مطالبة باتخاذ إجراءات أراد النظام للمواطن أن يقبل بها طوعاً، ومشكلة طلاب جامعة بخت الرضا أكبر دليل، حتى يُجبر المواطن على المطالبة بمعالجات أمنية عاجلة على حساب حريته وكرامته وحقه في اختيار مستقبله.
* إضافة لكل ذلك فإن الأزمات الاقتصادية الطاحنة مصنوعة بغرض إقناع المواطن على التراجع على مستوى الحقوق الاجتماعية والقبول بتردي الخدمات العمومية كشر لا بد منه، مع إضافة لمعيقات أخرى للنمو مثل، البطالة، تقبل أسوأ الأوضاع بمرونة، والهروب الجماعي من الدولة بحثاً عن مستقبل أفضل، وعلى المستوى الداخلي الاعتماد على خفض مرتبات العاملين بصورة لا تضمن العيش الكريم، وتجعل المواطن عرضة لأي مغريات من شأنها تغيير سلوكه للأسوأ وبالتالي انتشار الفوضى السلوكية والأخلاقية، معتمدين في ذلك على المثل العام (جوِّع كلبك يتبعك).
* التدرج في تطبيق هذه السياسات يتم بذكاء واستراتيجية، لأنه لو تم تطبيقها دفعة واحدة حتماً ستؤدي إلى ثورة.
* وبالتأكيد مهما كانت الخدع التغيير قادم لا محالة، ولكن نريده أبيضاً ناصعاً، لا لون فيها سوى لون الكرامة والحرية والسلام.
الجريدة
______

تعليق واحد

  1. مقال رائع جدا بلا شك أخت هنادي ولكنى وقفت فى السطر الأخير والذى تطلبى فيه التغيير ان يكون أبيض….أقول لك بالتأكيد لن يحدث كما تتصورى لأن هناك نظريه مثبته تقول لكل فعل رد فعل مساوى فى القوه ومعاكس فى الحركه ولهذا التغيير سيكون بنفس القوه التى استعملها النظام…ثم التغيير الابيض لايعنى بأننا شعب راقى ومتحضر.

    أرجع لموضعك عن المعيشه….إستلمت رسالة واتساب مضمونها مناشده للشعب بأن يكون يوم 1 أغسطس يوم مقاطعه للسلع الغير ضروريه ولمدة شهر……..والحق يقال شهر حتى كتير جدا لو كان الالتزام بنسبة 50% فقط….وهذه رساله لمن لم بهذه المناشده.

  2. تغيير بلون الدم هو م نريده ي استاذه بدون محاكمات زرعوا فينا السوء وهم سيئون لغيرهم نحن الا سوء منهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..