التحالف يقوّض قدرة «داعش» على تكرير النفط بقصفه منشآت بترولية

قوّضت ضربات التحالف العربي – الأميركي للمجموعات المتشددة في سوريا، جزءا من قدرة «داعش» على تكرير النفط السوري وبيعه واستخدامه في سوريا والعراق، بضربها مصافٍ نفطية صغيرة، تركية الصنع، كان يديرها التنظيم في مدن في دير الزور، على الرغم من أن تلك المنشآت لا تزال قيد الاستخدام في مدن يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب والرقة والحسكة.
واستهدفت الغارات مساء أول من أمس 12 مصفاة للنفط يسيطر عليها تنظيم «داعش» في شرق سوريا، في سعي لضرب عصب مالي يغذي حروب هذا التنظيم في سوريا والعراق. وقالت القيادة الأميركية الوسطى إن المصافي التي استهدفت تنتج ما بين 300 و500 برميل يوميا، مذكرة أن عائدات النفط الذي يسيطر عليه التنظيم تقدر بنحو مليوني دولار يوميا يستفيد منها المقاتلون المتشددون. ولفت المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي في بيان أمس إلى أن الضربات «طاولت 13 هدفا بينها 12 مصفاة في شرق سوريا». وأضاف كيربي أن النقاط المستهدفة «أصيبت بصواريخ أطلقها طيران التحالف». ونفت مصادر المعارضة أن تكون تلك المنشآت، التركية الصنع، بدائية. ويكرر السوريون في البلاد النفط في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، عبر طريقتين، الأولى بدائية، وتتمثل بإحراق النفط في برميل كبير بهدف استخراج المشتقات النفطية منه، ولا ينتج أكثر من 5 براميل نفط يوميا، والثانية باستخدام تلك المنشآت الصغيرة التي لا تزال تعمل في مناطق سيطرة التنظيم في مدن سورية يسيطر عليها.
وأوضح رئيس مجلس أمناء الثورة السورية في منبج منذر سلال لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المنشآت «يقارب حجمها، حجم شاحنة نقل، ويصل طولها إلى 20 مترا، وتحمل 3 خزانات وقود متصلة عبر أنابيب لتكرير النفط»، مشيرا إلى أن هذه المنشآت التي غالبا ما كان يحصل عليها الثوار من تركيا «يتراوح سعرها بين 70 و100 ألف دولار»، لافتا إلى أن سعرها «تحدده قدراتها الإنتاجية التي تتراوح بين 50 و100 برميل يوميا».
وبدأت فصائل المعارضة السورية باستيراد تلك المصافي من تركيا، بعد سيطرتها على المدن الواقعة في شمال البلاد. وقال سلال إن أشخاصا سوريين «كانوا يستوردون تلك المصافي، ويشغلونها ويبيعون إنتاجها لفصائل المعارضة التي كانت تستخدم موارد الطاقة بتشغيل الأفران والمستشفيات وغيرها»، لافتا إلى أنهم في شرق حلب كانوا يشترون مصادر الطاقة من مصفاة تنتج 50 برميلا يوميا وضعت في جرابلس (شرق حلب)، قبل أن يتقدم تنظيم «داعش» ويسيطر على المنطقة «حيث صادر تلك المصافي الصغيرة، وأدارها وشغلها، كما استقدم مصافي أخرى من تركيا، اشتراها بغرض توسيع قدرته الإنتاجية».
ويبلغ إنتاج تنظيم «داعش» من النفط 5 أضعاف الإنتاج الحالي للحكومة السورية. وبحسب وزارة النفط السورية، يستخرج المقاتلون 80 ألف برميل يوميا، في حين أن الإنتاج الرسمي تراجع حاليا إلى 17 ألف برميل. إلا أن فاليري مارسيل، الباحثة المشاركة في مجال الطاقة في مركز «شاتام هاوس» للأبحاث في لندن، قالت إن «داعش» ينتج 50 ألف برميل يوميا في سوريا والعراق.
ولا يزال النظام السوري يسيطر على منشأتين رئيستين لتكرير النفط في سوريا، هما مصفاة حمص ومصفاة بانياس، ولم تتمكن المعارضة من السيطرة عليهما. وبغياب القدرة على الوصول إلى المنشأتين، اتجه «داعش» لتصفية النفط في تلك المنشآت التي صادرها، واستقدم عددا آخر منها من تركيا إلى منطقة دير الزور الغنية بالنفط. وأوضحت مارسيل أن ثمة الكثير من «المصافي» الصغيرة التي تنتج ما بين 5 براميل و50 برميلا يوميا، مشيرة إلى أن مجموع إنتاج المصافي التي استهدفت بالقصف يبلغ 500 برميل يوميا. وبحسب ناشط في دير الزور يقدم نفسه باسم ليث الديري: «توقف استخراج النفط من هذه المصافي بشكل شبه كامل منذ بدء ضربات التحالف» الثلاثاء. أما الناشط ريان الفراتي الذي غادر دير الزور حديثا، فقال إن تنظيم «داعش» بات يسيطر على حقول للنفط والغاز، ومحطات لإنتاج الطاقة الكهربائية وسدود مائية، مشيرا إلى أن هذه المراكز لا تزال تعمل، وأن عناصر التنظيم يدفعون للعاملين فيها بدلات مالية تضاف إلى الأجور التي ما زالوا يتلقونها من الحكومة السورية.
وأوضح أن «بعض العاملين بقوا في مراكز عملهم بعد تلقيهم ضمانات بعدم التعرض لهم بالأذى»، مشيرا إلى أن «داعش» استقدم كذلك مهندسين ليبيين للعمل في هذه المنشآت.
وشملت الضربات مناطق في مدينة الميادين، وقرى مركدة والحريجي والقورية، وحقل العمر النفطي، أحد أكبر حقول النفط السورية الذي كان تحت سيطرة «جبهة النصرة» قبل أن يتمكن تنظيم «داعش» من السيطرة عليه في الثالث من يوليو (تموز) الماضي.
ويصعب تحديد مدخول «داعش» من هذه المصافي، بحسب وزارة النفط السورية، إذ إن السعر الذي يتقاضاه «داعش» مقابل كل برميل نفط هو غير معروف، إلا أنه أدنى من سعر السوق الذي يبلغ نحو 100 دولار أميركي.
وبحسب متحدثة باسم الوزارة، يقوم التنظيم باستهلاك بعض إنتاجه محليا، ويبيع الباقي للخارج، مشيرة إلى أن تركيا هي الشاري الأكبر لهذا الإنتاج عبر وسطاء، وأن الحكومة السورية شكلت لجنة قانونية لملاحقة الشراة. أما مارسيل، فتقول إن أسعار البراميل تراوح بين 20 و55 دولارا، وإن مداخيل «داعش» من النفط تراوح بين مليون و3 ملايين دولار يوميا.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قد حذر من نيويورك بداية هذا الأسبوع أن الجهاديين «بإمكانهم أن ينتجوا في عام واحد ما يصل إلى مليار (دولار) من المنتجات النفطية (…) هذا يعني أنهم سيتمكنون من دفع رواتب الكثير من المقاتلين الأجانب وأن بإمكانهم شراء أسلحة».
الشرق الاوسط