مقالات وآراء سياسية

هزيمة الشارع المصنوع أمام الحقيقي !!!

د. أحمد عثمان عمر 
يا تو رصاص ما عقبو خلاص
ياتو محن تمحى الإحساس
لما يكون في الساس والراس
يا تو زمن دام للانجاس
مليونية السابع من فبراير ٢٠٢٢م ، والشوارع تؤكد ان المبادرة مازالت بيدها ، وان موقفها لن يتغير ، وان مخزونها البشري صامد ومستعد للتضحية ، وان اقاليمها مازالت تساند عاصمتها وان ثوارها هم هم في مدني او الخرطوم . رباطة جأش ووضوح رؤية ورفض للمساومة وللحوار الذي يعيد انتاج الأزمة . اكدت الشوارع في شعاراتها الموقف المبدئي من حوار المسهل فولكر ، الذي مازال يدلي بالتصريحات لاجهزة الإعلام مطالبا الانقلابيين بالكف عن قمع المتظاهرين وإطلاق سراح المعتقلين لتهيئة الجو للحوار ، في أصرار غريب على الدعوة لحوار بين الشعب السوداني وقواه الحية والعسكريين الانقلابيين وجنجويدهم . ولا نعلم حتماً كيف يكون الحوار الذي يدعو له السيد/ فولكر ، داعما للتحول الديمقراطي الذي شكلت البعثة التي يرأسها لدعمه وفقا للقرار الصادر من الامم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي ! فالشوارع التي لا تخون وقوى الثورة الحية ، اوضحت وبشكل جلي ألا انتقال وتحول ديمقراطي الا بإسقاط الانقلاب وبناء دولة انتقال مدنية خالصة ، والقوى الحية ممثلة في لجان مقاومة مدني المبادرة وتجمع المهنيين ، رفضت مقابلة فولكر واكدت ان موقفها معلوم أساسه اسقاط الانقلاب لا التفاوض معه . فالتفاوص يعني ابتداءا الاعتراف بالانقلابيين باعتبارهم طرفا في الحل في حين انهم هم المشكلة ، كذلك يعني قبول بمبدأ الشراكة مع العسكر بدلا من عودتهم الى ثكناتهم دون قيد او شرط ، ويعني أيضاً دخولا في دائرة المساومة والتنازلات المجانية ، وكل هذا مرفوض من الشارع لانه يعني تعويم الانقلاب والاعتراف به وشرعنته ، تماما كما فعل حمدوك في اتفاقه مع برهان بمباركة نفس المؤسسات التي تدعي التسهيل الآن .
والواضح هو ان الانقلابيين انفسهم ، ليسوا على استعداد للاستجابة لدعوات فولكر الساعية لتعويمهم ، قبل أن يتحققوا من كسر إرادة الشارع عبر العنف ، ليستمروا في السلطة بواجهة مدنية راغبة في مشاركتهم تحت عنوان شراكة تكرس يد العسكريين العليا وتحمي مكتسبات تمكينهم . لذلك واصلوا في مقابلة التظاهرات بالعنف المفرط ، ولم يطلقوا سراح المعتقلين بل واصلوا في عمليات الاعتقال . وفي سياق اصرارهم على فرض ارادتهم على الجميع ، لم يكتفوا بالقمع والاعتقال ، بل أضافوا اليهما محاولة خلق حاضنة سياسية ومقابلة شارع بشارع . فتجميع الادارات الاهلية المصنوعة وشراء الذمم مازال مستمرا ، وتسيير مسيرة هزيلة ضد التدخل الاجنبي لارسال رسائل للمجتمع الدولي دشنت بداية لصنع شارع بديل من قواعد نظام المخلوع البشير معلن ومسنود من القوات النظامية ، ومحاولة تعزيز ذلك بتسيير قطار للفلول من عطبرة لم يستطع المسير الا بعد ضرب الثوار ومطاردتهم من قبل العسكريين ، كل هذه الإجراءات رامية لخلق شارع بديل في مواجهة الشارع الحقيقي ، ولكنها تبقى محاولات بائسة مصيرها الفشل الحتمي.
فالسيادة والنصر الحتمي للشارع الحقيقي صاحب القضية والمشروع السياسي الواضح ، والمستعد للتضحية والرافض للمساومة . ولا يشكك في نصره انحسار لحظي او تراجع في عدد المتظاهرين ان حدث ، لأن جوهر العمل الثوري هو بقاء إرادة التحدي ووضوح الرؤية وإكتمال حالة الوعي مع تعدد وسائل النضال والصبر ليكتمل التراكم ، في مقابل فشل السلطة في تثبيت نفسها والاستمرار في الحكم بنفس الصورة التي تحكم بها ، لتتحقق الأزمة الثورية . والناظر للثورة السودانية ، يجد ان قواها تتقدم بثبات في اتجاه نصرها المؤكد وهو بلا شك قريب .
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله !! .

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..