المؤتمر الوطني وإفساد المغني، أو تأجيره

صلاح شعيب
كل ما أحدثته الإنقاذ في السودان هو التخريب من باب التجريب عينه. حتى الموقف من الغناء الذي هو ترويح للنفس، وزيادة للوعي الثقافي بتراث البلد، وإظهار المكنونات الإبداعية للسودانيين، كان مثار شد وجذب، أو مد وجزر، أو أخذ ورد. فالحركة الإسلامية حين أمسكت بالسلطة قامت بتصفية أفضل أوركسترا غنائية علي مستوى أفريقيا والعالم الثالث، إذ كان تاريخها ينم عن ثروة من ثروات البلد التي شارك في تأسيسها أميز الموسيقيين أمثال السر محمد علي، وحسن الخواض، وعبدالله عربي، وبرعي محمد دفع الله، وعبد الفتاح الله جابو، وأحمد زاهر، وخميس مقدم، وخميس جوهر، ومحمدية، وأحمد المبارك، وبشير عباس، وآخرون من الرموز.
وبدلا من دعم الفنانين شرعت الحكومة في تفويج عدد من الرواد منهم للحج، أولئك الذين بلغوا في الكبر مبلغا مقدرا. ليت ممثليها كانوا قد فعلوا الأمر بحسن نية تغبطهم عليها حكومات إسلامية في المنطقة. وإنما فعلوه وكأنما هو إيحاء بوجوب غسل “ذنوبهم الغنائية” بالحج إلى بيت الله الحرام. فموقف ممثلي الحركة الإسلامية في بادئ الأمر هو أن هؤلاء المغنيين مذنبون بجريرة علاقتهم بالدفوف، والمزامير، والمعازف، دون النظر إلى القيمة المعنوية للمضمون. ولذلك لم يكن مستبعدا أن يدخل ذلك الداعية على اتحاد الفنانين مقدما رجله اليسرى على اليمنى بحجة لا تعني غير نجاسة المكان.
أما مدير التلفزيون آنذاك، وآخرون، فقد قرروا إيقاف تسجيل الأغاني الجديدة، وإعادة صياغة القديمة منها أوركستراليا. أيضا انخرطت إدارة التلفزيون التي كان يقف على رأسها الطيب مصطفى في “منتجة” صور الممثلين الذين ينتجون المسلسل المصري. كذلك أوقف مؤسس “الانتباهة” دعم الدراما على ما هي عليه من قلة اهتمام من الإدارة التلفزيونية. إذ كان التلفزيون، وما يزال، يدفع الملايين من الدولارات للمنتجين العرب بينما لا يجد مكي سنادة، أو حمدنا الله عبد القادر، مليونين من الجنيهات حينذاك لتقديم أعمال درامية لسيرة شخوص اتفقت جماعات متباينة من السودانيين على رمزيتهم الوطنية. أما درة العمل المسرحي، والدرامي،هاشم صديق فقد أنتجوا له مسلسلا واحدا ثم شتموه بأقذع العبارات. وكذلك أوقفوا برنامجه النقدي “دراما-90″ الذي كان يحلل من خلاله الأعمال الفنية عبر خبرة في التدريس امتدت لثلاث عقود في المجال.
وهكذا أطلق العنان للمغنين شنان، رد الله غربته، ومحمد بخيت، ومحمد الحسن قيقم، لينتجوا الأغنية البديلة لغناء حسن عطية، وأحمد المصطفي، ووردي، والكابلي، وزيدان، وعثمان حسين. والأخير كان نصيبه المزيد من التجاهل لعرض أعماله الملحمية. فكل جماليات بازرعة، وحسين عثمان منصور، والسر دوليب، حسبت أنها من الإباحيات التي ينبغي ألا تبث في وقت تجهد البلد نفسها في الأسلمة التي بدت مظاهر تطبيقها تترى بالقوة. ما حدث في جانب الغناء من تجريب رافقته محاولات دؤوبة من الإسلاميين لأسلمة الإبداع سواء بالترهيب، أو الترغيب. الترهيب تمثل في جلد الفنانين، والموسيقيين. والترغيب تمثل في استقطاب مبدعين قدموا الكثير لحركة النهوض الغنائي.
وفجأة تغيرت النظرية الفقهية. فالمغنواتية الذين حوربوا، وجلدوا، أثناء إجراءات الأسلمة صاروا سندا للمشروع الذي أتى ليفوجهم للحج حتى يغتسلوا من أدران الغناء. ولكن أي سند؟ لقد فهم الفنانون الأرزقية فعبأوا كل غنائهم بكلمات الحماسة المغلفة بإيقاع السيرة التي ظنوا أنها تعبر فقط عن بعض مناطق الوسط. ساير الفنانون الشباب هذا النهج الغنائي إمعانا في قصورهم الإبداعي في التنقيب عن إيقاعات يجددون بها الساحة الفنية الخالية من التحديث، كما نقب بجدية الكاشف، وإسماعيل عبد المعين، وتبعهما محدثون طوروا أساليب الغناء، وطرق أدائه، ومدارس توزيعه. ولكن ما دام أركان النظام يطلبون الاستماع إلى ذلك الضرب من الغناء، ويمنحون من ثم المغني المال الوفير الذي يوزع بـ”الشوالات” فما الذي يحمل وليد زاكي الدين على التعب.
ولما انتهى التجريب الإسلاموي في التعامل مع الغناء إلى لا شئ وجدنا رئيس الدولة يفضل في نهاية خطبه الاستعراضية الرقص على أشلاء موتاه بإيقاع السيرة فقط ثم تبعته برامج منوعات، وسهرات، جهازي الإذاعة والتلفزيون القوميين، وبقية القنوات المملوكة للرأسمالية الإسلاموية الطفيلية. والأطرف أننا شاهدنا مناسبات أقامتها جماعة المؤتمر الوطني في الداخل والخارج بينما اختتمت بأغاني المناحة في وقت كانوا يتخيلون، ومعهم الفنان الراقص، أنها من أغاني الحماسة. وهناك تم بقصد تجاهل ترديد أغنيات وطنية خالدة لأحمد المصطفى، وعثمان الشفيع، ووردي، وأبو داؤود، والكابلي، وأبو عركي، وكلها صيغت لتجمع السودانيين على كلمات، وألحان، وإيقاعات متنوعة، وموحدة للشعور الوطني، وداعية لقيم الحق، والخير، والجمال. وهكذا تم إختزال السودان المتعدد القبائل والعشائر في مفردات الحماسة المفروضة فرضا على أسماع كل السودانيين. والغريب أنه رغم وجود إيقاع السيرة المهيج للمشاعر العفيفة في كل بيئات السودان بضربات إيقاعية متعددة إلا أن أغاني الوسط بكلماتها الحماسية، والمناحية، صارت الأكثر عرضا، نهارا وليلا على مستوى تلك البرامج.
الآن قفز الإسلاميون السلطويون بالغناء إلى أعلى سقوف عرضه حتى بدا أن المساحة المعروضة للغناء في القناة الرسمية والقنوات التي أسسوها كذبا بأنها مستقلة تساوي أضعاف البرامج الدينية والسياسية الموظفة للمشروع الحضاري، والتي كانت في فترة الاسلمة القسرية هي الأكثر تفضيلا في الخريطة البرامجية. ولكن المشكلة الكبيرة أن هذا الاهتمام بالغناء سبب قطيعة بين زماننا هذا والمرحلة المتقدمة التي وصل إليها الغناء السوداني من حيث تنوعه، وعمق كلماته، وألحانه الشفيفة، والخامات الصوتية النادرة للفنانين. وخلص الأمر إلى يكون الاهتمام بالغناء شكلانيا أكثر منه مضمونيا. وللأسف صار المغنون الذين يجدون مساحة في الأثير يجترون أعمال المكتبة الغنائية التي تدرجت في سموها بجهد خارق للإجادة في كل مرحلة من مراحلها منذ عشرينات القرن الماضي.
وفي هذا الجو الذي اختلط فيه حابل فرفور بنابل صلاح ولي ضاعت ملامح التجديد، وتراجع الذوق عن الاستماع للأغاني الرائعة التي صاغها المبدعون حقا من الفنانين. لقد تراجع الاستماع إلى الغناء الفصيح الموشى بكلمات أبي الطيب المتنبي، بأبي فراس الحمداني، والأخطل الصغير، ويزيد بن معاوية، والعقاد، وعلى محمود، شاعر الأطلال، والحسين الحسن، ومحمد المهدي المجذوب، وصديق مدثر، وعبدالله الفيصل، وحسن عبدالله القرشي، ومحمد المكي إبراهيم، وحسن عباس صبحي، فضلا عن توفيق صالح جبريل، وعبيد حاج الأمين، ومعتصم الأيرق، وتاج السر كنة، وتاج السر الحسن، والقائمة تطول. أما ملاحم الغناء السوداني العامي الذي كتبه مبدعون مهرة من الشعراء فلا حظ لمغنواتية هذه المرحلة باستيعاب مضامينه ناهيك عن ترديده.
لقد وجد المؤتمر الوطني في الأغنية مجالا خصبا للاستثمار السياسي. وصرف المسؤولون بحس من لا يخشى الفقر على الغناء ملايين الدولارات حتى يسهم في تغييب ذهن المواطن عن القضية الأساسية، وهي غياب الشرعية في الحكم، وبؤس إدارة الدولة، وتورط مسؤولييها في جرائم قتل، واغتصاب، وانتهاك لحقوق الإنسان في طول البلاد، وعرضها. وهكذا أثبت إسلاميو المؤتمر الوطني إنهم خاليو الوفاض من أي نظرية إسلامية متينة عن الغناء ودوره في ترقية الشعوب حين وصلوا إلى السلطة، وخلو الوفاض ثبت أيضا في كل مجالات الحياة التي أديرت بالتجريب وحده. ولما فشل التجريب قرروا المضي قدما إلى آخر الشوط في إعادة صيغة التجريب ليكون هذا المرة لتمكينهم من المقاومة الشعبية ما دام أن التجريب الاول أثبت بواره.
لقد رأينا في بدء الحملة الانتخابية كيف أن بعض الفنانين تساقطوا كالفراشات في هذه الحملات الدعائية التي لا تملك شيئا لتقوله للقلة المغيب وعيها. وعبر مشاركة المغنواتية في هذه الحملات لم أحزن على مغن كان يرجى منه مثل حزني على خالد الصحافة. إذ وقف معه مصطفى سيد أحمد، وتنازل له عن أجمل أغانيه. وحين رأيته يتوشح بعلم المؤتمر الوطني وسط أولئك الجوقة من المغنيين تذكرت للتو مصطفى سيد أحمد وجهده الذي بذل حتى يثبت أقدامه. ولكن المغني خالد الصحافة ضرب بكل هذا التقدير الذي منحه له الأستاذ الراحل، وقاعدته العريضة عرض الحائط. ولو كان المغني حيا لوجم من هذا الموقف الذي فيه يسعى خالد محجوب بكامل وعيه للمساهمة في تغبيش ذهن الجمهور الذي بذل مصطفى كل تاريخه الفني لتوعيته.
الملاحظ أن الحركة الإسلامية التي لم تنجب مغنيا في تاريخها عوضت هذا النقص بتأجير الفنانين الكبار، والصغار، بل كل المبدعين، والمهنيين، في المجالات الأخرى، ليساهموا في تمكين المشروع الحضاري في صيغته الفاشلة. فصار المغني الذي كان واجبه أن يغتسل من درن غنائه استثمارا مربحا لرئاسة الدولة، وكذلك صلاح قوش الذي وضع المغنين أمثال محمد النصري، وخالد الصحافة، وأحمد الصادق، في مواقف لا يحسد عليها. كل ما يحتاج سدنة المؤتمر الوطني إلى معرفته هو أن الغناء للسلطة، والاعتماد على المبدعين لا يدوم سلطتهم. وإذا عادوا إلى تفحص تاريخ الحكومات الشمولية في علاقته بالمبدعين لأدركوا أن القضية تتمثل في إثبات الشرعية السلطوية أولا، قبل تجميل الوضع المتدهور إبداعيا.
[email][email protected][/email]
شهيق
إقتراح
نكر صوتك صداك
غالطنى الزمن فيك
شهرت على الجفاف وعدك
بطاقاتنا الخريفية
رجع فاضى الكلام مليان
معاك إتبرجت غيمة
وشهق جوايا صوت جدول
مرقت على المطر .. حفيان
لقيتك والرزاز .. مدخل
وناديتك :
أقيفى معاى
نشيل كتف الغنا .. الميّل
ونتخيل
حلم دونك بيتحقق
الواثق
خالد الصحافة دايرنو يتسول وناس فرفور وأولاد الصادق يشتروا فى البيوت وراكبين الهمر
هى يا ناس الكاااااااااااابلى خلى البلد وهاجر مشى امريكا تانى فى شنو
مقال مفيد يا استاذ صلاح اشكرك علي وضع الحقائق عن الجنود المجهولين من الموسيقين والشعرا والمغنين والمزعيين والمخرجين والكتاب النقاد والصحفيون من من ذاك الزمن الجميل قبل حضور الاسلاميين ملاقيط المدن والارياف بقيادة حسن الترابي الما سوداني اه يا بلد
إبن شعيب لقد قلت و أصبت فى تحليلك للوضع الراهن فى الساحه الفنيه و المخزى لهولأ الاقزام فى تفكيرهم المتخلف لا فى حجمهم !!!!كل محاولات المتطرفين فى النظام ترمى الى أن الغنأ والعزف والتصوير و التماثيل كفر ولذا يجب إزالتهم تدريجيا حتى ينفذوا بندا يعتقدون أن الأسلام ضد الفن مع الإحتفاظ بالمطبلين لهم لحين,, ,,هذا إعتقاد سلفى و داعشى !!!و كل الذين تولوا منصبا فى القنوات المئية و المسموعة كان لهم دور مخطط له فى تغيير مفاهيم و تزوق السودانى لفنه الذى نشأ عليه خلقوا بيئة اللاتعايش بين مجموعات متحضرة فى رؤيتها أمثال هاشم صديق وأخرى متخلفة أمثال الطيب مصطفى العنصرى والسلفى عبدالله الزبير وأشعر بالاسف لزج الفنان خالد الصحافة فى الدعايه إنتخاباتهم المرفوضه من كل جماهير شعبنا الأبيه
ما عارف عبد القادر سالم استفاد شنو من الكيزان ولكن حمد الريح حججوهو ومنحوه الدكتوراة الفخرية وابتعثوا ليهو أولادو لماليزيا للدراسة الجامعية وفوق الجامعية باعتراف ابنه الدلاهة الذي نال الماجستير حتى الآن بماليزيا ولكنه أبى إلا يكون ابن أبيه فاتجه للغناء ولكنه غناء غث لا يشابه والده إلا في ملامحه مع بعض التشوهات كذلك
وفي هذا الجو الذي اختلط فيه حابل فرفور بنابل صلاح ولي ضاعت ملامح التجديد، وتراجع الذوق عن الاستماع للأغاني الرائعة التي صاغها المبدعون حقا من الفنانين. لقد تراجع الاستماع إلى الغناء الفصيح الموشى بكلمات أبي الطيب المتنبي، بأبي فراس الحمداني، والأخطل الصغير، ويزيد بن معاوية، والعقاد، وعلى محمود، شاعر الأطلال، والحسين الحسن، ومحمد المهدي المجذوب، وصديق مدثر، وعبدالله الفيصل، وحسن عبدالله القرشي، ومحمد المكي إبراهيم، وحسن عباس صبحي، فضلا عن توفيق صالح جبريل، وعبيد حاج الأمين، ومعتصم الأيرق، وتاج السر كنة، وتاج السر الحسن، والقائمة تطول. أما ملاحم الغناء السوداني العامي الذي كتبه مبدعون مهرة من الشعراء فلا حظ لمغنواتية هذه المرحلة باستيعاب مضامينه ناهيك عن ترديده.
يا سلام كل الغنا الفصيح وكل الشعرا الذكرتهم اتعرفنا عليهم من خلال غنا أستاذ الأجيال الكابلى رد الله فقد جعل أطفالنا فى وقت من الأوقات يتغنوا ب أمطرت لولوا
مقال جيد كشف كثير مما كان غامض وما مفهوم
فرفور اعطوهوا رتبة عميد في الأمن ما عارف الباقين في اللستة الطويلة رتبهم شنو؟
والله سقطوا سقوطاً فارقوا به طريق الفن فراق الطريفي لي جمله.
الفشل نحن كل يوم نشهد الفشل
ككسره
انا ارشح علي كبك
وشاعر ابيض اللون
والبشير
موضوع له صلة :
الاسبوع الماضى او قبل ايام كانت هناك مناسبة فرح جبهجية وكان الفنان اسمو مين الصادق او طه سليمان نسيت الاسم وهو كان مشارك فى الحملة الانتخابية لقاتل البنية بكعب البندقية.الجبهجيات رقصن رقيص وحتن حت حسب صاحبة الرواية التى اثق بها وقالت وهى مندهشة ما كنت قايلاهن متحررات قدر ده ( الحفلة اكيد مختلطة لانه الفنانين رجال ) واضافت الى دهشتها ان الفنان الشاب ب25 مليون بينما حمد الريح ب7 مليون فقط رغم انها شابة لكنها قارنت بين سعر الفنان بتاع الجبهة والفنان بتاع كل السودان حتى فى الفن الحكومة مارست بهدلنها لكن من الفنانين المخضرمين الوقعوا تحت اقدام الارجاس يستاهلوا الرخصة لانهم رخصوا انفسهم
اها يا عضو خيبة علماء السودان الدخل دار الفنانين بقدمه اليسرى حتدخل حى المطار باى قدم ؟؟ بلاء يخمكم
خالد الصحافة الكوز الهلفوت اي حفلة في الجامعات والروابط ما كان بيغني فيها او يمدح لو ما اتأكد انوا المنظمين ديل كيزان جماعته … حيث كان يعتذر لغير الكيزان بل ياما اكل فلوس ناس بعد ما اتفق معاهم لاقامة الحفل واستلم مقدم العقد …بحجج واهية
حمد الريح العنصري دائما يتحدث عن اهلي وقبيلتي ونسي انه فنان يسمعه كل اهل السودان.. لايستحق ان يراس اتحاد يضم كل اهل السودان