الآلية في النملية

بشفافية

الآلية في النملية

حيدر المكاشفي

كما للفساد جوانبه الكارثية المدمرة المؤذية التي تهوى بالمجتمع إلى القاع والحضيض وتعيقه عن التقدم والانطلاق، له أيضاً طرائف ونكات وقفشات، ذلك أن أغلب ما في العالم من سخرية وفكاهة يتعلق بالظلم والقهر، وللفساد عندنا هنا بمعناه الأعم الشامل وليس فقط تلك الفتافيت الصغيرة التي ترد كل عام في تقرير المراجع العام، «ثروة» معتبرة من النكات والفكاهات التي نسجت حول الفساد ولعل آخرها وليس أخيرها آلية مكافحة الفساد التي تعتبر نكتة في حد ذاتها كما سنرى لاحقاً أنها لا تعدو أن تكون سوى «سربعة» مثل السربعة التي إنتشرت يوماً ما بين أولاد ام درمان حين كانوا يعبرون عن سخريتهم من ما لا يعجبهم بعبارات غير ذات معنى من شاكلة «العملية في النملية والسنقة في الرنقة والقزازة في البزازة والفيل في المنديل إلى آخر هذا الخواء الفارغ من أي مضمون»…
ونبدأ بنكتة الرئيس شخصياً التي يحكيها بنفسه، يقول أنه أدى إحدى الصلوات بأحد المساجد وفي دبر الصلاة بدأ الإمام يدعو إلى أن بلغ محطة اللهم لا تسلط علينا بذنوب من لا يخافك ولا يرحمنا، هنا قاطعه أحد الساخطين صارخاً بأعلى صوته «هو سلّط وخلاص أدعو لنا باللطف والتخفيف يا مولانا»، ومن لطائف المرحوم البروفيسور فاروق كدودة وكان حلفاوياً حاضر النكتة والردود المختصرة الذكية، أنه بعد أن أعيد للعمل بالجامعة التي كان قد فصل منها بسبب أن المسؤول الكبير الذي فصله تعسفياً برر قرار الفصل بأن الحضرة النبوية قد جاءته في المنام وأمرته بفصل كدودة، وخاض كدودة صراعاً طويلاً في المحاكم كلله بصدور قرار إعادته للعمل، ولكن للدهشة أن كدودة بعد كل هذا التعب الذي تكبده في سبيل إعادة حقه المهضوم سارع في اليوم التالي لتقديم إستقالته، وعندما سأله سائل متعجب ولماذا إستقلت يا بروف بعد كل الذي فعلته، قال كدودة بطريقته الساخرة: «الله، يعني عايزني أنتظر لحدي ما يرى في المنام أنه يذبحني». ومن النكات حول الفساد أيضاً أن صحافياً سودانياً خرج إلى الشارع يستطلع آراء الناس وكان أول من صادفه أحد المسانيح فسأله وهو لا يدري أنه مسنوح، ما هو السبب المباشر في الفساد والعطالة والغلاء الحاصل في البلد دي برأيك، قال المسنوح وهو يمضغ الحروف مضغاً، حكومة الكيزان، توجس الصحفي من الاجابة وتلفت يمنة ويسرى وأعاد السؤال بصيغة أخرى وقال للمسنوح طيب والسبب غير المباشر شنو، قال المسنوح وهو يمسح بيده على صدره كناية عن الثقة، كيزان الحكومة…
ومثلما أن عبارة «العملية في النملية» ليس لها معنى، كذلك سيؤول حال الآلية التي أنشئت أخيراً بدعوى مكافحة الفساد وجُعل على رأسها رجل من أهل النظام، فمن يكافح من يا ترى، ولو كانت هذه الآلية تنفع لكان غيرها أشطر، مثل نيابة الأموال العامة ونيابة مكافحة الثراء الحرام والمشبوه إضافة إلى الأمن الاقتصادي، والله أعلم ما هو المسمى القادم الذي سيضاف بعد الآلية، لعله المفوضية، وهكذا ستتكاثر الهياكل والمسميات كأسماء معتصم فيها ومعتضد، القاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي إنتفاخاً صولة الاسد، فالمشكلة ليست في إنشاء النيابات والآليات، المشكلة التي ما تزال قائمة هي أن أمر الاصلاح يحتاج إلى إصحاح البيئة التي تنتج المفسدين وتوفر لهم الأجواء التي يتكاثرون فيها، ومكافحة الفساد لن تتم بمعزل عن مشروع كامل ومتكامل للاصلاح، إذ بغير ذلك لن نكافح الفساد بل سنكافئه…

الصحافة

تعليق واحد

  1. ماكنت عارف ان كدودة تمت اقالته بهذه الصورة البشعة .. حسبنا الله ونعم الوكيل من هؤلاء
    الاقزام الفسدة المفسدين الكذابين المغرورين .. أنت عارف ياود المكاشفى مصطفى اسماعيل ده
    فاكر نفسه سلمان الفارسى ..

  2. سلام لمكاشفي القوم،ولأخينا المعلق المهمووووم بالسودا، والله همك تقيل بالحيل.. لكن قول لينا بالله مصطفى عثمان ده فاكر نفسه سلمان الفارسي – تحديدا – ليه؟؟
    يعني مثلا خال البشير قال عنه مصطفى منا آل البيت!؟ أم مأنه نصح بحفر الخدنق حول ام درمان لحمايتها من غزوات قوات العدل والمساواة!؟؟

  3. البروفيسور فاروق كدودة وكان حلفاوياً حاضر النكتة والردود المختصرة الذكية،

    ملحوظة!!!!!!!!!!!!!
    عزيزى البروف كدودة رحمة اللة ليس من حلفا بل هو من السكوت
    وكنا نتمنى من الصحفيين ان لا يزيدو النعرات القبلية لجماعة الانقاذ
    وشكرا

  4. والله يا استاذ بالرغم من اهمية الموضوع وعلمنا بانه حاميها حراميها والبشير اكبر حرامي هو ووداد مرته السرقت

  5. Al-bashir knows corruption can makes many of his gang rich and fleshy swiftly than planned , how can he bring them to the gallows to be hanged . did you know how this (mule president) waste the time thinking that he can outwit many people has long been calling for bringing those who had been involved in corruption to the court. I don’t think this lummox man will do something in relation to standards of honesty and honor

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..