أما الغزال …(لاحقاً)

:: ومن قصص الخيال التي تعكس بعض ظلال الحال..قرار حكومي بأن يكون الغد عطلة رسمية بمناسبة وضع حجر الأساس لأكبر جسر نهري بالبلاد..قبل عام، أكمل الفريق الهندسي التصميم، وقبل نصف عام أكمل الفريق الإقتصادي دراسة الجدوى والميزانية..يوم الإحتفال، حشد المعتمد جماهيره ونصب الخيام وذبح الذبائح وجاء بالفنان والمادح و ( لوري هتيفة)..ولكن قبل بداية الحفل بساعة، أخبرهم حكيم القرية بأن المكان المستهدف بالجسر ليس به نهر..فاعتقلوه..وبعد التحقيق والتعذيب، وجهوا له تهمة إعاقة النظام عن آداء واجبه، ثم حاكموه بالإعدام ..له الرحمة، حكيم القرية لم يكن يعلم أن نهج النظام يبني الجسر أولا، ثم يبحث عن النهر لاحقاً..!!

:: والأسبوع الفائت، وهو يخاطب ختام مهرجان السياحة بالبحر الأحمر، كشف محمد عبد الكريم الهد، وزير السياحة، عن إنشاء محمية للغزال بالولاية الشمالية لترتفع عدد المحميات الطبيعية بالبلاد إلى سبع محميات.. والشمالية التي نعرف مدائنها وأريافها وفيافيها ليست بها من الغزلان حجماً أو كثافة تستدعي إنشاء محمية..فالغزلان ترتع في السهول والوديان والجبال التي تحتفظ بالعُشب والمياه طول العام، وهذه ليست بطبيعة الأرض والمناخ بالولاية الشمالية..وإن كانت هناك ثمة غزلان بالشمالية فهي قليلة وتحديداً في المناطق المتاخمة لولايتي شمال دارفور وشمال كردفان، إذ تظهر في الخريف ثم تعود إلى مستقرها بسهول ووديان كردفان ودارفور والبطانة التي بحاجة إلى ( محميات)..!!

:: وما لم يكن النهج المتبع في وزارة السياحة هو إنشاء ( المحمية أولاً) ثم البحث عن (الغزال لاحقاً)، فالأفضل – للسودان والشمالية – هو التفكير في تحويل ميزانية هذا المشروع من (محمية الغزال) إلى ( محمية الآثار).. فالآثار والنيل والجزائر – وليست الغزلان و الزراف – هي معالم وعوامل ومقومات السياحة غير المستغلة بالشمالية، وتلك هي التي بحاجة إلى الأموال والمشاريع ليستغلها المواطن ويجني عائدها الوطن..لقد أنعم الله كل ولاية سودانية بموارد سياحية، ولو توفرت العقول والإرداة لتم إستغلال هذه الموارد بحيث تُغنينا عن بترول الجنوب وقروض الخليج..ولكن هذا لن يحدث في زمان يضج بمن لا يًفكر نهائياً أو (يعمل أولاً ) ثم يفكر ويكتشف لاحقاً (خطأ عمله)..!!

:: لم يعد يمضي الشهر دون أن تضبط الشرطة محاولة (سرقة آثار)، وبالتأكيد ما تضبطها الشرطة جزء من ( المسروق).. ومع موجة البحث عن الذهب لم يعد عصياً على لصوص الآثار إستغلال مناخ هذه الموجة لسرقة الآثار.. ولولا وعي المجتمع هناك لما كانت هناك آثاراً، فالمجتمع هو الأكثر حرصاً على حماية الآثار هناك، وأفراد به هم الذين يبلغون الشرطة بين الحين والآخر عن السرقات..فالآثار – أولاً- هي التي بحاجة مشاريع حماية لحين ترميمها وتنقيبها وحفظها في المتاحف، أما حماية الغزال – إن وُجدت – فلتكن ( لاحقاً)..ثم الخدمات يا عزيزتي الوزارة، فالزائر إلى مناطق الآثار والسياحة بجنوب الولاية وشمالها ووسطها بحاجة إلى طرق و فنادق وغيرها من الخدمات التي تبقي السائح ساعة زمن في تلك المناطق .. هناك أولويات يا شيخ الهد، ولتكن حماية الغزال ..(لاحقاً)..!!

[email][email protected][/email]