أخبار السودان

في مواسم هجرة عصافير الخريف ،، سائحون وصيف العبور للضفة المغايرة!

حسن الجزولي

? عندما القى النازيون القبض على الشيوعيين، ظللت صامتاً، لأني لم أكن شيوعياً، وعندما اعتقلوا الكاثوليك، لم أحتج، لآني لم أكن كاثوليكياً، وعندما بدأ القبض على المعارضين للفاشية والنازية، لم أهتم، فلم أكن معارضاً، وعندما اعتقلوني ،، لم يكن قد بقي أحد ليحتج على اعتقالي?. د. مارتين نيمولر ،، أحد قادة المقاومة ضد النازيين، نقلاً عن نبيل أديب المحامي.

مع أولى الانفجارات الشعبية الغاضبة سلمياً، والتي شهدتها شوارع العاصمة ومدن البلاد الأخرى، ضد القرارات الاقتصادية الأخيرة، في أطار سلسلة المقاومة من أجل إسقاط نظام الانقاذ، وفتح الطريق لإرساء نظام ديمقراطي تعددي، صدرت مبادرة سياسية بتوقيع ?منصة مبادرة سائحون?، وكان أبرز ما ورد فيها، دعوة عضويتها للتظاهر? لمناهضة القرارات الاقتصادية الظالمة ، أدانت القتل وإزهاق الأرواح وسفك الدماء وشجبت كافة أشكال العنف والتخريب، طالبت بتكوين هيئة قضائية وطنية مستقلة من رجال القضاء للتحقيق في جرائم القتل، دعت كافة القوى السياسية والفئوية وقوى المجتمع المدنى إلي تكوين جبهة عريضة للقوي الوطنية المناهضة للسياسات الاقتصادية وسفك الدماء وإزهاق الأرواح?. كما ورد أيضاً في المبادرة بأن ? الازمة الاقتصادية الحالية كنتاج للأزمة السياسية، والدعوة لتكوين حكومة إنتقالية قومية حقيقية ممثلة لكافة قوي المجتمع السوداني، والمطالبة بمعاني المساءلة والمحاسبة، وطرح بدائل إقتصادية إصلاحية، والايمان العميق بأن الخروج من الأزمة الراهنة التى تمر بها البلاد لا يمكن ان تتم إلا بمشاركة جميع القوى الوطنية فى المجتمع السودانى دون إستثناء?.

إن ما ورد في المبادرة يعبر عن فهم متقدم وإيجابي، يوطد مستقبلاً لمشاركة وطنية صادقة في البحث عن حلول لقضايا الوطن المتشابكة، وإن هذه المبادرة ومن حيث الشكل تعتبر ممتازة، وبادرة تعبر عن تفاعل وطني في وجهة الانفعال بقضايا الجماهير والشارع السوداني، وتركن إلى أن أبواب ?التوبة? واسعة، وأنه لا غضاضة في مراجعة النفس الأمارة بالخطايا، من هذا الجانب نرحب بها ونتمنى لها النفاذ، كونها تصب في مجرى المطالب المشروعة لكافة الأحزاب والقوى السياسية الأخرى المعارضة لنظام الانقاذ والداعية لاسقاطه، هذا من حيث شكلها، إلا أن جوهرها ليس مفرحاً، حتى تصبح مقبولة لدى قطاعات عريضة من كيانات الشعب السوداني المعارض وللشارع العريض، ليتم تعميدها هي ومن أصدروها كحلفاء أصيلين ضمن قوى المعارضة العريضة. باعتبار أن هناك جملة ملاحظات ستتفرع منها بالضرورة جملة ?مطلوبات? لابد منها، حتى تتوفر الضمانات النفسية والأخلاقية للقبول بها كمبادرة جادة وصادقة تلحق ببقية ما هو مطروح من مشاريع سياسية، يجري الآن صياغتها لتقدم كمشروع موحد وميثاق عمل للمرحلة القادمة تتبناه كافة قوى المعارضة السياسية.

هذه الملاحظات والمطلوبات نجملها في النقاط التالية:-

1) من المعلوم أن أي كيان سياسي ينشأ ويتكون كتنظيم جديد بالساحة، لابد أن يعبر عن نفسه بتوضيح أهدافه الفكرية وبرامجه السياسي، في شكل مانفيستو موجه للرأي العام.

2) حملت المبادرة إسم ?منصة سائحون?، ومعلوم أنها تعبر عن مجموعة داخل أروقة الانقاذ، التي ظلت تتبنى مشروعاً فكرياً أكثر ?راديكالية? ودعوة للعودة إلى ?جذور وثوابت الانقاذ?، في وجهة الدولة ?الثيوقراطية الدينية?، وظلت هذه المجموعة تبشر بأشواقها وقلوبها التي تهفو لسيرة الانقاذ في سنواتها الأولى، وبالتالي هي على خلاف فكري وعقائدي مع بقية مكونات الانقاذ داخل حزب المؤتمر الوطني، ويعبر عن صفتها هذه تاريخ نشأتها وتربيتها العسكرية، داخل ميليشيات الجبهة الاسلامية، التي خلقت لها خصيصاً ?قوات الدفاع الشعبي? فيما بعد قبضتها على البلاد والعباد، كتنظيم عسكري موازي للقوات المسلحة السودانية وكبديل مستقبلي، وتراهم يتمثلون تجارب أخرى، كالحرس الثوري الايراني كأحد التجارب الناجحة لتأسيس الدولة الدينية البحتة في المنطقة. وقد صقلت التجارب والخبرات هذه المجموعات المنتقاة إنتقاءاً عقائدياً، روعيت فيه الاستعدادات الفطرية والمكونات الفكرية لأفرادها، ومدى تضحياتهم التي يفدون بها المشروع والبرنامج الديني لدولة الشريعة والاسلام لدى سلطة الانقاذ، وقد ساهمت في صقل هذه التجارب أدغال الجنوب، حيث المعارك الحربية ? خاصة معارك صيف العبور? التي أبلوا فيها وقدموا أرتالاً من شهدائهم الشجعان، الذين كانت في استقبالهم حسناوات الحور العين على أبواب الجنة ونعيمها، حين انتقالهم إليها زرافات ووحداناً، رحمهم الله جميعاً وغفر لهم.

فخلال تطور تجربة الحكم والمحطات التي مرت بها سلطة الانقاذ، وما شهدته من صراعات وتكالب على المغانم، لم يستطع الصراع داخل أروقة حزبه الحاكم سوى أن يعبر عن نفسه رغم محاولات حصره داخل حوش الحزب، الأمر الذي أدى لمواجهات على المكشوف، عبرت عن نفسها بسيناريوهات تفجر الصراع داخل مؤتمر الحركة الاسلامية، وأدى لهزيمة مجموعة سائحون، وما أعقبها من حروب بمذكرات ومناورات حوت مطالب لا علاقة لها بقضايا الجماهير، بل لم تمس عصب المشاكل والأزمات التي تسبب نظام الانقاذ في خلقها على المستوى الاقتصادي والأزمة السياسية المتعلقة بقضايا الحريات والتحول الديمقراطي ومصادرة الحقوق الأساسية للجماهير كحرية التنظيم والصحافة والتعبير والاحتجاج، ما جعل الجماهير تعزف عن الانفعال بتلك المذكرات كونها تعبر عن صراع داخلي في الحزب الحاكم ولا تهمها كثيراً، ثم تُوج الصراع بمحاولة الانقلاب العسكري التي أُتهمت بها بعض القيادات العسكرية النافذة في الحزب والنظام وداخل القوات المسلحة والمحسوبة على ?سائحون? كود إبراهيم وصلاح قوش، إضافة لآخرين عسكريين ومدنيين. ثم شهدنا تداعيات ذلك الانقلاب بتراجع النظام عن الترتيبات التي كانت جارية لمحاكمة رموز ذلك الانقلاب، بالقرار المفاجئ بإطلاق سراحهم والعفور الشامل عنهم، وهو الأمر الذي رحبنا وأشدنا به في حينه، ثم رأينا بوادر إنتظام هذه المجموعة المتململة من عضوية حزب المؤتمر الوطني في كيان تنظيمي أطلقوا عليه إسم ?سائحون?، كمعنى مبهم لدى العامة ولا يعبر بشكل مباشر عن الارتباط بقضايا الشارع، مما فاقم وزاد من غربته. الأمر الذي كلفهم لاحقاً مشقة تفسير معناه ? عندما أحسوا بمقتضيات التفسير، أنه من مقتبسات القرآن، وتحديداً من الآية االكريمة التي تقول (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.) ،، ولا ندري السر في اختياهم لأغرب المعاني في الآية الكريمة، الأبعد عن مفاهيم ووعي عامة المسلمين، كمعبر عن قضايا وأهداف التظيم ،، لماذا لم يختاروا إسم ?التائبون? مثلاً؟!.

الميدان

تعليق واحد

  1. لابد من وضع شروط لقبولهم اهمها:
    اعترافهم الكامل والعلنى اما ألشعب بكل افعالهم النكراء وألتوبه عنها
    يحول الامر الى الشعب لابدأء رايه بقبول توبتهم والعفو عنهم او لا
    من كان منهم متهم بجريمه عليه اولا ان يخضع لمحاكمه
    ك
    مذكراتهم تعبر عن فكر ايدلوجي قمئ وهو من أسباب انفصال الجنوب وانتشار الحروب وتعبر عن قضايا تخصهم وحدهم ولا تعطي بالا بالا لمطألب الشعب وهمومه وكفانا تعبير عفا الله عما سلف فهى التى اوصلتنا ألى هذأ المنعطف الخطير

  2. السائحون أصبحوا عند الشعب ورقة محروقة وهم الصفحة الأخرى من الأنقاذ قديما ومن المؤتمر الوطنى حديثا.الشعب أى فكر أسلامى سياسى يرفضه بشدة والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

  3. عن أي سائحون تتحدث عن هؤﻻء الضالون التائهون الذين كانوا سبب من اسباب تشظي السودان ومن قال أن الجنة مأواهم هل شيخهم الذي علمهم السحر وا زال سائحا في بحر الضﻻل أتريدون العودة للزمن الغابر زمن الحروب والجهاد أتريدون التقسيم والتشظي لما تبقى من هذه انسيتم جدودنا زمان وصونا على الوطن على التراب الغالي الماليهو ثمن أنسيتم هذا الوصية وتريدون تدمير السودان بإسم الدين والشريعة التي هي بعيدة كل البعد عنكم حاولوا مرة أخرى وستجدون الشعب السوداني عامته يقف لكم بالمرصاد أيها الدخﻻء

  4. أنتو عارفين مشكلة السودانيين وين بالضبط .. مشكلتهم في العقل التسامحي ده الذي يطمع كل إنسان فيكم بأن يعمل مايعمل وفي النهاية يتحتكم إلى العقل التسامحي ..

    لا للتوبة .. لا للرجعة .. لا لتجار الدين .. لا للقتلة والمجرمين

    نعم للمحاكمة للقتلة والمنتفعين وتجار الدين والأرزقية

    نعم … نعم … عنم

  5. ? خاصة معارك صيف العبور? التي أبلوا فيها وقدموا أرتالاً من شهدائهم الشجعان، الذين كانت في استقبالهم حسناوات الحور العين على أبواب الجنة ونعيمها، حين انتقالهم إليها زرافات ووحداناً، رحمهم الله جميعاً وغفر لهم.
    يا رفيق ده كلا شنو بعد ده كوووووووووووولو بعد الدماء والدموع الله لا غفر لكل هالك فيهم ولاشفي جرح وروحهم نرفضهم لو اتونا مبرئين من كل عيب

  6. لم افهم لماذا سموا انفسهم سائحون لان المعنى المرادف لسائحون هو الغزاة المهاجرين حسب بعض التفسيرات وفى تفسيرات الثوار السودانيين انهم تاجروا بالدين وانتفعوا وانتفخوا واختلفوا مع جماعة اخرى انتفعت وانتفخت ويريدون ان ينقذوا مشروعهم الحضارى بمساعدة اطروحات من سبقوهم من دعاة الاسلام السياسى السودانى وبعضهم فى المعارضة له تفسيرات مختلفة لسائحون من اهمها ان تيارهم يضعف النظام وان وجودهم مهم وهم تيار معتدل لا نعرف لهم اعتدال ولكن من يقرر هم شعب السودان الذى يراجع حساباته الان ويقيم معاركه ويراكم طاقته الثورية لانطلاقات جديدة وتراجعه لا يعنى الهزيمة بل مزيد من التنظيم ويبدا الهجوم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..