تقارير الراية القطرية .. فتنة داخلية و أزمة خارجية

محمد وداعة

نشرت صحيفة الراية القطرية تقريرا بتاريخ 11مايو الجارى العدد (13152) زعمت فيه أن مصادر سودانية اكدت وجود توتر قائم بين الخرطوم من جهة وبين الرياض وابوظبي من جهة أخري في ظل وضع الاخيرتين لشروط صعبة امام السودان ، من اجل استمرار دعمهما الاقتصادي ،
و ادعت الصحيفة وجود اتجاه قوي لسحب القوات السودانية من حرب اليمن . وجاء في الاسباب التى ساقتها ان الاجماع الشعبي الذي كانت تحظي به المشاركة في البداية اختفي ، وان الضغوط الشعبية لم يعد بالامكان تجاهلها ، بالاضافة الي ان السودان يعاني من ازمة اقتصادية طاحنة ، منعته حتي من صيانة مصفاته النفطية الرئيسية ، ما تسبب في ازمة وقود حادة . اضف الي هذا ما وصفته في بتجاهل من شركاء التحالف ، المنشغلين بإنشاء القواعد العسكرية ، وتأسيس الميليشيات ، وسط خذلان واضح للشرعية اليمنية وللمقاومة اليمنية ضد الحوثيين ، ما تسبب في ازمة انسانية خطيرة في اليمن ، وهو ما سيورط السودان في ازمة في ازمة مع المواطن اليمني المتضرر من الحرب ، والنظر للسودانين كغزاة ، و نسبت الصحيفة الى موقع عربي بوست اللندني (واجهة إعلامية تمولها قطر)، ان الاعلام الاماراتي والسعودي حاول نفي هذه التصريحات ، واتهام الاخوان المسلمين بفبركتها لضرب التحالف العربي . ونقل الموقع عن موقع افريكان إنتلجنس الاستخباراتي قبل عدة اسابيع قوله ان هناك توتراً في العلاقات السودانية السعودية ، وان الحكومة السودانية تحدثت عن التخاذل السعودي والاماراتي عن دعم الاقتصاد السوداني ، رغم تقديم الخرطوم لأربعة الاف مقاتل لدعمها في حرب اليمن . وأرجع الموقع الخلاف الي اعتقاد السعودية ان السودان لم يقطع علاقاته مع ايران بشكل كامل ، ولانه يتقارب مع تركيا وقطر ، متحدثاً عن انتقام السعودية منه بإبعاد الاف من العمالة السودانية من السعودية ، والتباطؤ في تمويل مشاريع سدود متفق عليها في منطقة الشريك ، مقابل منح السودان ملايين الأفدنة الصالحة للزراعة . من جانبه كشف الصحفي السوداني المتخصص في التسريبات ناصف صلاح الدين عبدالله ، معلومات خاصة عما هو غير معلن في الخلاف السوداني السعودي الاماراتي قال لــ” عربي بوست ” انه في وسع السعودية والامارات فك ضائقة الوقود في السودان من بنزين وجازولين وغاز ، لكنهما اثرتا الانتظار بسبب ” وضعهما شروطاً مسبقة امام التطبيق مع النظام السوداني ” ما اضطره للمناورة باستخدام قواته في اليمن ، وتهديدهما بتصدع التحالف الذي يقاتل هناك الحوثيين ، ما يعني انهياراً كاملاً لعمليات التحالف . واضاف انه قبل اسبوع زار الفريق صلاح عبدالله قوش ، مدير جهاز الأمن والمخابرات السودانية دولة الامارات ، طالباً منهم الدعم ، مشيراً الي ان ” الامور بلغت الحلقوم ” ليجد امامه شروطاً اماراتية واضحة : ” لا دعم بدون قطع العلاقات مع قطر ، وموقف سوداني مؤيد لوجهة النظر المصرية بشأن سد النهضة ، فأجابهم أن عليهم طرح هذه الأمور علي الرئيس البشير مباشرة ، عبر ارسال مندوب للرئاسة ، وهو مساعد وزير الخارجية الإماراتي ” وقال عربي بوست نقلاً عن الصحفي السوداني ناصف صلاح الدين ان المملكة العربية السعودية طلبت من البشير تصفية الاسلاميين ، وعدم الترشح للرئاسة من جديد ، حتي تستطيع اكمال مسار التطبيق الكامل مع الولايات المتحدة الامريكية ، وازالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .
الصحيفة حاولت اسباغ قدر من المصداقية على تقريرها بإسناده إلى مصادر فى الخرطوم و إلنقل عن صحفى و صفته بالمتخصص فى (التسريبات )، و لجأت إلى استخدام الواقع الاقتصادى المتدهور لبلادنا و هو لا تخطئه عين …مروجة ان( الروح وصلت الحلقوم).. و جهدا الصحيفة فى نقل وقائع لا يمكن لصحفى التسريبات الحصول عليها.. ربما للسعودية و الامارات شروط لاستئناف الدعم ،وهذا لا يقدح فى موقفهما.. خاصة اذا تعلق الأمر بإيران التى تتوسع يوما بعد آخر على حساب أمن و استقرار الدول العربية و امنها القومى ، خاصة ان الخرطوم أعلنت قطع علاقتها مع إيران.. و أغلقت الحسينيات التى تروج للمذهب الشيعى فى البلاد …
اذا حسب ادعاءات الراية هذه شروط قاسية ،فهل عملت قطر على تخفيفها؟.. و هل فى مقدور قطر ان ترفع العتب عن الخرطوم..او تعوضها عن الدعم المشروط..؟ و اذا كان هذا هو الموقف القطرى من الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد ،و السعى لاحراج الخرطوم بتقارير استخباراتية ، فما الفرق بينه و بين موقف السعودية و الامارات؟
لا شيئ سيجعل قطر جزء من الأمة العربية و امنها القومى وهى تابع ذليل للسياسة التوسعية الإيرانية ، و لن تكون قطر إلا مخلب قط للباشوات الجدد ..
إيران اثخنت الجراح و اسرفت فى القتل و الاغتيالات فى العراق و سوريا و لبنان و اليمن.. و بذلك فهى فى خانة العدو و ان لم تفعل، قطر جزء من الحلف الايرانى التركى الروسي و مليشيات أحزاب الله … وهى تطعن الأمة فى خاصرتها… و بهذا فالقرار الصحيح هو قطع العلاقات معها فورا ..ليس بهدف الحصول على دعم السعودية و الامارات ،و انما من أجل مصالح الأمة و الحفاظ على مقدراتها و امنها الاستراتيجى.. على الحكومة ان تنفى ما ورد فى تقرير الراية القطرية.

الجريدة