أخبار السودان

إدريس سليمانوزير التعاون الدولي (2-1):تضررنا من هذه الاتفاقيات وخاصة الكوميسا .. تكلفة استضافة الأجانب (2) بليون دولار

السودان (عضمه قوي) لذلك اقتصاده لم ينهار

الدنيا كلها تريد أن تستثمر في السودان لا يمر يوم إلا ونستقبل طلبات استثمار

حوار: أسماء سليمان/تصوير / سفيان البشرى

 أكد وزير التعاون الدولي إدريس سليمان أن الميزانية الحالية ستحل الأزمة الاقتصادية، خاصة وأن البلاد موعودة بقروض كبيرة خلال هذا العام، من شأنها أن تؤثر إيجاباً في قضية سعر الصرف، فضلاً عن استثمارات ضخمة قدرها الوزير بالبلايين، ووصف السودان بأنه بلد (عضمه قوي) لم تؤثر فيه الضربات التي تلقاها سابقاً، إدريس كشف عن أسباب سياسية حالت دون إعفاء السودان من ديونه المتراكمة متثلة في القوى النافذة في العالم، رغم استحقاقه فنياً للإعفاء، خاصة وأن البلاد تسضيف (8) مليون ما بين لاجيء و مهاجر الأمر الذي يجعلها تتكبد تكاليف استضافة قدرها بـ(2) بليون دولار، وبشر الوزير بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للاهاب في الربع الثاني من العام الحالي، بعد الجلوس معه خرجنا منه بالتالي:

* ما هو الحل الجذري للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد هذه الأيام؟
ـ حقيقة السودان يعاني من مشكلة اقتصادية حقيقية، والميزانية الجديدة تستهدف حل هذه المشكلة، أو يمكنا القول أنها بداية حلها، لأنها ميزانية علمية ودقيقة، ويمكنها أن تكون ميزانية عبور إذا تم تنفيذها بالكامل.
*ما دور الوزارة في حل الأزمة؟
نحن في الوزارة مسؤولون عن جزء من العلاقات الخارجية خاصة، تلك المتصلة بالشأن الاقتصادي، يمكننا مثلاً جذب الاستثمارات والترويج للتجارة الخارجية  من الوزارت المختصة، إلى جانب أننا الوزارة المختصة بجذب التمويل التنموي والفني للبلاد، ونحن نعمل عبر آليات محددة، تتمثل في اللجان الوزارية العليا إلى جانب اللجان الوزارية المشتركة، والتي يبلغ عددها (52) لجنة،  كما أن الوزارة مسؤولة عن تنسيق التعاون مع المنظمات الدولية متعددة الأطراف ووكالات العون الثنائي والأمم المتحدة  والاتحاد الأروبي، فضلاً عن المنظمات الإقليمية وشبه الإقليمية.
هل صحيح أن القروض والمنح التنموية لا يتم صرفها في مشاريع تنموية، وإنما في اتجاهات أخرى؟
ـ هذا حديث غير صحيح، وذلك لأن القدر الذي كنا نتحصل عليه من التعاون الدولي كان محدوداً جداً، لاعتبارات لا صلة لها بالاقتصاد وليست متصلة بالسودان، وإنما متصلة بالقوى النافذة في العالم، التي كان لها موقف ضد السودان، وحتى  العون الذي كنا نتلقاه تنفذه المنظمات مباشرة، والحكومة لم تتدخل في التنفيذ، وإنما توافق فقط على التمويل وتتفق على المشروع، ومن ثم تأتي المنظمة وتنفذه بنفسها، ولا يمكن أن نقول إن الحكومة كانت مقصرة، أو أن الحكومات السابقة مقصرة في استقبال العون، أو أن التمويل لا يوجه نحو الوجهة الصحيحة.
*هل زالت المعوقات التي كانت حاجزاً في حصول البلاد على العون ؟
ـ الآن بدات تزول هذه الاعتبارات السياسية، وهناك تجاوب دولي مع السودان، حيث بدأنا نضع لبنات في مجال العون التنموي، وسننطلق انطلاقة كبيرة في هذا المجال، والسودان بلد كبير لديه امكانيات هائلة ومجالات حقيقية واقتصاد حقيقي يمكن أن يستثمر فيها التعاون الدولي، سواء الاستثماري أو التجاري أو التنموي أو حتى الفني، ويمكن للسودان أن يستوعبه، إلى جانب القروض السلعية.
* لم تستفد البلاد من مبادرة الهيبك في إعفاء الديون ؟
ـ الأمر ليس في عدم الاستفادة من الهيبك وإنما لم يسمح لها بالانطلاق، السودان فنياً يستحق أن تخفف عنه الديون الخارجية، والتي تمثل أعباءً ضخمة تتجاوز (45) مليار دولار، ولأنه بلد أصبح خالياً من النزاعات، فضلاً عن أنه بلد نامي، كما انه يستضيف (5) مليون شخص بينهم (2)مليون لاجيء  من ثمانية دول و(3) مليون مهاجر، ويعتبر هذا عبئاً دولياً كبيراً جدا، وهذه الاستضافة تمثل تكلفة على السودان لا تقل بأي حال من الأحوال عن (2) بليون دولار
*هل هناك اتجاه أو وعود واضحة لإعفائنا من الديون  أو تخفيفها ؟
ـ كل الجهات التي اتصلنا بها مقتنعة بأن السودان لابد أن يعفى من الديون، وهناك وعود بذلك ومفاوضات جارية وإعداد لاستراتيجية تتعلق بهذه المسألة من إدارة ديون السودان وإعفائها وما عليه من تخفيفها، و لكن هناك بعض العوائق السياسية التى مازالت موجودة، ونحن بصدد حل هذه العوائق مع العالم الخارجي .
*ماهي العوائق؟
ـ عوائق مع الولايات المتحدة الأمريكية وهي خاصة بإدراج اسم السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب دون أي مبرر أو أسباب، وبدأنا التفاوض مع الولايات المتحدة بهذا الصدد، ونأمل بنهاية هذا العام في بداياته أو ربعه الثاني سنصل إلى نهاية هذه المسالة، فالمبررات الأساسية لرفع العقوبات هو أن السودان ليس به إرهاب،  وانما العكس هو ضحية له، تبقى زمن وجيز لتجاوز هذه الخطوة.
*هل البلاد موعودة بقروض ومنح في القريب العاجل ؟
ـ ليست وعوداً فقط، وإنما نحن الآن بصدد التفاوض والتفاصيل مع جهات كثيرة مستعدة لأن تتعاون مع السودان للحصول على بعض الدعم والقروض التى ستخفف الضغط على الميزانية.
و نتوقع دعماً وقروضاً من الخليج، خاصة لأن ذلك يندرج تحت مظلة المصالح المشتركة بيننا و بينهم، لا مجال لتناقصها، لجهة أن دول الخليج لها اتجاه في تنويع التعاون الدولي،  فيمكن أن يكون هناك دعم وقروض وودائع استثمارية، كما أننا نتوقع تعاوناً كبيراً في كافة مجالات التجارة الخارجية والاستثمارية، لأننا الآن ماضون في تفاوض خاص بتفاصيل استثمارات، وهذا ما تؤكده المؤشرات الاقتصادية
*كم حجمها؟
ـ لا نريد أن نسبق الأحداث، وستكون كبيرة، خاصة أن هناك طرف آخر، فنحن الجهة المفاوضة والتي تبحث عن قرض، والأطراف الأخرى هي من تقرر، فالمسألة قاب قوسين أو أدنى.
*لماذا لا نستخدم الذهب كضامن للحصول على قروض  كبيرة؟
ـ هذه مسألة تحتاج إلى بعض الوقت، عندما يكون هناك فائض ذهب يمكن تخزينه كإحتياطي أو ضامن، هو أمر موجود في ذهن المخططين، ولكن يحتاج إلى وقت بعد أن تنفرج الضائقة الآنية، خاصة وأن إنتاج الذهب يمكن أن يتضاعف، وهذا أمر متيسر وليس بالصعب، وهناك مؤشرات لوجود الذهب فيما لا يقل عن (50%) من مساحة السودان، ما يمكن أن يجعله الدولة الأولى في إنتاج الذهب، وأتوقع أن يزيد الإنتاج في العامين القادمين.
*ما هي الآثار المتوقعة من قرار استئناف تجارة الحدود على مستوى العلاقات الدولية والنتائج الاقتصادية؟
ـ البلاد يمكنها أن تولد من تجارة الحدود مصالح ضخمة للاقتصاد والتبادل التجاري واعتبره من أفضل القرارات في الوقت الحالي للسودان، وهو أمر من توصيات الميزانية والقطاع الاقتصادي بزيادة حجم التبادل التجاري بين السودان ودول الجوار،  وهذا رصيد ضخم يمكن أن يحقق من خلاله مصالح كبيرة، لأن دول الجوار بها حدود مغلقة ليس لها موانيء، ما يجعلها تحتاج إلى طرقنا ووسائل نقلنا، فيما يخص صادرها وواردها، كما يمكن أن تكون دول مستهلكة لمنتجاتنا السودانية.
فمثلاً  مواطن الجنوب متعود على منتجاتنا، فيمكنا أن نصدر ذرة وزيوت لهم، فبالأمس فقط المستهلك الجنوبي اشترى من سوق (كوستي) بصل فقط بقيمة (500) ألف دولار، فيمكن أن نزيد تجارتنا مع تشاد وأفريقيا الوسطى وأثيوبيا وأريتريا ومصر وليبيا والسعودية، ما يعمل على تشغيل موانيء البلاد.
* ما هي الفوائد التي حققها السودان من انخراطه في تكتلات إقليمية مثل الكوميسا ومنطقة التجارة العربية؟
ـ نسعى الآن للاستفادة من الفرص المتاحة بواسطة هذه الاتفاقيات الإقليمية  بزيادة الصادرات المحلية مع هذه الدول، ونتوقع أن نحقق تقدماً أكثر في العام الحالي،  ربما تضررنا من هذه الاتفاقيات وخاصة الكوميسا، لأن أي سوق عالمي تستورد منه البلاد أكثر مما تصدر له ستكون فائدتك قليلة، وهذا ما كنا نقوم به، والآن جاء دورنا في أن نصدر أكثر مما نستورد  للدول الأعضاء، و هذا نمضي فيه الآن خاصة مع الجنوب بعد فتح المعابر إضافة إلى أثيوبيا و تشاد عبر اتفاقيات، وبعد عدة أيام ستكون هناك اتفاقيات في الجنينة بهذا الخصوص .
*ألا تخشون من ازدياد التهريب بعد قرار فتح المعابر؟
ـ على العكس، يمكنا أن ننسق الأمر فنحن لدينا (21) معبراً حدودياً مع هذه الدول، لابد أن يكون هناك نظاماً للتجارة معروف بينا و بين الدول، ما يحدث هو أن التاجر السوداني يحمل شاحنته ويبيع ويشتري بدون أي أسس لذلك نسميه تهريباً، فمن المفترض أن تقنن هذه التجارة ونبيع لهؤلاء الجيران كل شيء من سكر و دقيق، وكل هذه السلع لدينا فيها ميزة نسبية، أما لأنها صناعة محلية أو من خلال موقع البلاد المطل على البحر الأحمر، ما يمكنه من استيراد هذه السلع، وهناك دول تقوم اقتصادياتها على إعادة التصدير، ويمكننا أن نلعب نفس الدور.
*كيف يمكن تحقيق ذلك؟
ـ مثلاً في مجال القمح والدقيق لدينا (43) مطحن ينتجون ما يقارب (7.5) مليون طن من الدقيق، يستهلك السودان منها للغذاء (1.5) مليون طن، وللصناعات الأخرى مثل المكرونة والمخبوزات  نستهلك مليون طن أخرى، فلو لدينا (5) مليون طن فائض من القمح كان سعر الطن فيها يتراوح ما بين (180-200) دولار، و قمنا بطحنه و بيعه لدول الجوار بـ(350) دولار للطن، هذا يحقق أرباحاً تقدر بـ(150) دولار في كل طن، وهذا ربح، إلى جانب تشغيل المطاحن وفتح فرص عمل فضلاً عن القيمة المضافة المحققة .
وذات الأمر يسري على الأسمنت، فالمصانع يمكن أن تنتج (9) مليون طن منه  في ظل توفر المواد الخام، ويمكن تصدير الفائض منه حال تراوح الاستهلاك المحلي ما بين (3-4) مليون طن، ما ينعكس في تحقيق أرباح للبلاد من جراء تصدير (5-6) مليون طن منه .
*ألا يؤثر ذلك على موارد البلاد؟
ـ  لا أتحدث عن الموارد الحقيقة التي لم تستغل حتى الآن فحسب، لأن السودان بلد (عضمه قوي) واقتصاده قوي ، والضربات التي تلقاها لو حدثت لأي اقتصاد في الدنيا سينهار، لأنه يملك أشياء حقيقية يمكن أن يقوم عليها تحول دون تأثره بمثل هذه الأشياء التي أرى أنها سحابة صيف يمكن أن تعدي، واقتصادنا بكل مشاكله الحالي يعتبر الرابع أو الخامس في أفريقيا، ولازالت لدينا فرص لأنه لم يتم استغلال الموارد الموجودة بصورة كاملة .
*ما حجم الاستثمارات المتوقعة في الفترة القادمة؟
ـ بلايين بلايين الدولارات، فالسودان في ظل مشاكله كان يتلقى بلايين الدولارات فما بالك الآن بعد انجلاء مشكلة التحويلات البنكية، ومشكلة الدولار و(الزوبعة بتاعته دي تنتهي)، ونحن الآن نحسن في قوانين الاستثمار و نتحسن في مجال الأعمال، فالسودان موعود باستثمارات ضخمة .
*وماذا عن التعاون مع دول البيركس؟
ـ الدنيا كلها تريد أن تستثمر في السودان، لا يمر يوم إلا ونستقبل طلبات استثمار، فمثلا تركيا والسعودية تريد أن تستثمر بلايين في مجال الزراعة، وكذلك قطر والكويت الصين وغيرها، فكل مستثمر يريد أن يحقق ربحية في السودان لأنها دولة بكر، وغير ذلك المستثمرين يبحثون عن أسواق،  فنحن الآن لدينا سوق قريب جداً، فيه (500) مليون مستهلك وهو سوق الكوميسا، والمستثمر في مجال الصناعة مثلاً يمكن أن يصدر إنتاجه إلى دول الكوميسا بدون جمارك، وهذه ميزة نسبية في السودان .
 *ماذا يحتاج السودان لتحقيق ذلك؟
ـ يحتاج لتحسين الطرق وتوصيل المقطوع منها، لذلك نفكر الآن في تشغيل و تحسين خطوط السكة حديد والطيران ومطارات جديدة وطرق جديدة .
*هل نتوقع استثمارات في مجالات السكة حديد والطيران؟
ـ الآن لدينا عروض نعمل على بحثها، وهناك دول أبدت رغبتها في المشاركة في مجال الطيران، وأخرى تريد المشاركة في مطار الخرطوم الجديد، وهناك أيضاً تباحث في مجال المؤسسات الاقليمية والدولية مع السودان فيما يتعلق بمجال السكة حديد، سواء في الخط الشرق الذي يربطنا مع أثيوبيا أو الغربي الذي يربطنا مع تشاد وغرب أفريقيا أو الوسطي الذي يربطنا مع الجنوب، فهناك مساع في هذه الاتجاهات.

آخر لحظة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..