أخبار السودان

هل الإرهاب صناعة إسلامية خالصة؟

عثمان ميرغني

كلما رأى المرء صورة إرهابي اقترف مذبحة مثلما حدث في تونس والكويت الأسبوع الماضي، يتجدد السؤال: ما الذي يدفع شبابًا في مقتبل العمر للالتحاق بقوافل الموت التي يسيّرها تنظيم مثل «داعش»؟ وكيف تنجح دعايات حركات التطرف في اختراق عقول شباب منهم كثيرون على درجة عالية من التعليم والتأهيل، ومن أسر مستقرة؟

هناك بالتأكيد جهود مكثفة في مجال تجفيف منابع الإرهاب وموارده المالية، وخنقه إعلاميا، وفي مجال مراقبة الفضاء الإنترنتي، وهي مجالات لا تقل أهمية عن الحرب التقليدية على مواقع ومعسكرات حركات التطرف والإرهاب. فالطائرات والقنابل الذكية وغير الذكية لن تنجح وحدها في القضاء على آفة الإرهاب وبؤره، وإلا لما كان للظاهرة من أثر. العمل العسكري والجهد الأمني ضروريان في الحرب على الإرهاب، لكن هناك الحرب الأهم على العقول بدءًا من تنقية المناهج، إلى دعم نهج الوسطية والاعتدال في مواجهة الغلو والتطرف، وانتهاء بالمعركة على ساحات الفضاء الإنترنتي الذي أصبح مرتعًا لتنظيمات التطرف تبث فيه سمومها وأفلامها الدموية ودعاياتها لتجنيد شباب ضائع يبحث عن هدف أو أمل.

في شريط فيديو لأحد مشايخ ووعاظ الشر يقف الرجل خطيبًا أمام جمع أحسبه من المصلين أو من الملتفين في حلقة يفترض أنها للدرس، يخاطبهم بطريقة تليق بمدرج مسرح لا بهيبة وحرمة مسجد، أو بوقار حلقة دينية. يشيد بـ«داعش» وعملياتها ويتحدث عن «جواز قتل الكفار» وسبي النساء ثم فجأة ينتقل ليقول بجواز قتل «نسائهم وأطفالهم»، هكذا بلا ضابط أو وازع أو شارح، ويقول لسامعيه «هاكم هذه، إنها فتوى شرعية». ومع مواصلة سامعيه للإصغاء (وهؤلاء لم تمر الكاميرا على وجوههم لكي يقدر المرء أعمارهم، وإنما سمعت أصوات بعضهم في إحدى الفقرات) ينطلق الرجل بصوت هادر ليقول: «إن أميركا تقاتلنا، والرسول قال أميركا قتالها واجب واستهدافها فريضة، و(كذلك) استهداف حلفائها».

هل هناك إفك وتضليل أكثر من هذا، وهل بعد الافتراء على الدين الكريم والرسول العظيم، من جرم أفدح. المشكلة أن مثل هذا «الإمام» المفترض يجد متلقين لكلامه، ويجد منابر يعتليها، بعيدًا عن أي رقابة أو تنظيم من السلطات الدينية لأن بعض الدول ما يزال يتردد في تنظيم المساجد لجعلها فعلاً بيوتًا للعبادة لا منابر للمسيسين أو المتطرفين الذين يريدون توظيفها في أمور أبعد ما تكون عن الدين. التصدي لأمثال هؤلاء يتطلب نشر ثقافة الاعتدال ونهج الوسطية وفكر التسامح في المناهج الدراسية وعبر منابر المساجد لتسليح الشباب ضد من يريد تزييف الدين أو تسميم عقولهم برسالة التطرف والكراهية.

هناك من يرى أن فكر الإرهاب لا يتغذى من خطب التطرف والكراهية فحسب بل أيضًا من عوامل اقتصادية أو اجتماعية وينمو في بيئة الفقر والحرمان. هذا الرأي فندته دراسات متخصصة اعتبرت أن معدلات الفقر، وانخفاض مستوى التعليم، ومعظم العوامل الاقتصادية لا تلعب دورًا يذكر في الإرهاب، مقارنة بالعوامل السياسية أو بمناخ الفوضى وعدم الاستقرار أو بالخطاب الديني المتشدد. والواقع أنه لو كان للفقر أو لقلة مستوى التعليم أي تأثير حقيقي لكانت أعداد الملتحقين بـ«داعش» أو «القاعدة» أو غيرهما من تنظيمات الإرهاب تقدر بمئات الملايين من الشباب وليس ببضعة آلاف.

الإرهاب آفة خبيثة ومرض سرطاني معقد، ليس أعقد منه إلا الظواهر على شاكلة «داعش» و«القاعدة». فهذه الحركات ظهرت في ظروف معقدة ومتداخلة، وحصلت، كما في حال تنظيم القاعدة، على الدعم عندما تلاقت المصالح بينها وبين الأطراف التي رعتها واستخدمتها، ولاحقًا طورت قدراتها بفعل عمليات التهريب والسلب والغنائم، إضافة بالطبع إلى أموال وصلتها من داعمين ومؤيدين لهم حساباتهم ومصالحهم ومخططاتهم. كما أنها استفادت ونمت في ظروف الحروب والقلاقل التي ترعرعت فيها من حرب أفغانستان، إلى العراق وسوريا، ومن حرب الصومال إلى ليبيا واليمن.

في الغرب اليوم من يريد أن ينظر إلى الإرهاب الحديث أو يتعامل معه على أنه مشكلة عربية وإسلامية في المقام الأول والأخير. هذا الرأي إضافة إلى كونه ليس دقيقًا، فإنه لن يساعد في اجتثاث هذه الآفة من جذورها. صحيح أن الدول العربية والإسلامية عليها المسؤولية الأكبر في التصدي للإرهاب ولفكره الضال، ليس فقط لأنه يدمر نسيجها وتاريخها، ويضرب استقرارها وأمنها، ويحصد الآلاف من أرواح أبنائها، أو لأن جل الإرهابيين اليوم من أبنائها، بل لأنه شوه الإسلام وسماحته، وخرب صورة المسلمين في كل مكان.

في المقابل فإن الدول الغربية عليها أن تنظر أيضًا إلى بعض سياساتها وتدخلاتها التي أفرزت غبنًا أو أدت إلى خلق بيئة العنف والفوضى التي تغذى منها الإرهاب. فمن غير التكامل في النظرة إلى كل المسببات، والتعامل مع الظاهرة من كل جوانبها، فإن الحرب على الإرهاب سيصعب كسبها.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. اريد ان اوضح ان الغرب سبب كل هذه البلاوى
    لم يعرف العالم الاسلامى والعربى على وجه الخصوص التطرف الدينى الى بعد عام 1948 ,عندما تم تحقيق وعد بلفور لليهود
    حيث بدات تظهر الافكار الجهادية وتنمو شيئا فشيئا الى صارت ما عليه الان
    عندما تم تحقيق وعد بلفور لليهود
    ومنذ ذلك الوقت والدول الامبريالية تراقب المشهد عن كثب وتحائز واضح للدوله العبرية , ويتوارثون هذا الدور جيلا بعد جيل
    كانت بداية الطامه عندما قامت امريكا باحتلال العراق دون اسباب واضحة حتى هذه اللحظة.
    ان داعش واخواتها ما هى الا افرازات سياسيات الغرب وقتلتها الدمويين والاقتصاديين .

  2. نعم الأرهاب صناعة إسلامية خالصة ! إن أردت الأجابة على سؤالك العنوان لمقالك , أقولها وأنا المسلم .. وأطلب منك الرجوع للتاريخ الأسلامى والعربى وثقافة ( السيف) وبيع ( السبايا ) !

  3. الارهاب طلع من عند أولياء نعمتك يا هذا،، كن شجاعا ووجه هالاسئلة لهم ,, الارهابيون والتفجريون والانغماسيون ومفتيهم ومموليهم كلهم من عند اسيادك .. فناقش هالمسائل مهم

  4. نعم الارهاب صناعة اسلامية خالصة طالما لم يخرج المسلمون من عدم فقه مقاصد الايات المكية والمدنية وظنوها ملازمة لكل فعل ورد فعل في القرن الحادي والعشرين وما يتلوه من قرون ،،، حيث في الواقع لم يكن قصد ومقاصد رسالة النبي العظيم منذ بدءها ما نراه الان يجري بأيدي اناس منتسبون الى الاسلام يصلون ويحجون ويصومون وفي نفس الوقت يكذبون ويسرقون ويغتصبون ( الصورة واضحة)

  5. … الاحاديث تحديدا هى الارهاب وخاصة المدرسة السلفية هى التى تؤصل للارهاب ومنبع الارهاب بدون منافس المدرسة السلفية تقوم اصلا على الروايات والاحاديث وعباده اصنام ائمة الكفر امثال بن تيمية وغيرهم وائمة الكذب والتلفيق والتذوير امثال البخارى وغيره فنجد المدرسة السلفية لديها ميول واضحة من خلال ادبيات كتبهم الصفراء وحتى عندما تسمع اشرطتهم الدعوية لا تسمع شوى اصوات الموتى والقتلة وهم يرددون فى ترهات شيوخهم مع تكرار الحليفة ؟؟ مثل والله لانة ؟؟ يحلفون على افكار وخرافات موتاهم من ائمة واحبار فكر الكراهية والظلاميات وبالطبع عندما ترى اعينهم لا ترى الا الغباء والسطحية والهوس والتوهان تطل من عيونهم كل الشرور واللارحمة والقسوة والفجور انة الفكر السلفى الداء العضال والفايروس الذى يدمر خلايا العقل الضمير عند الانسان فيصبح سفاحا قاتلا وهو الابشع من بين كل القتلة السفاحيين الذين يعرفهم التاريخ لان كل السفاحين يقتلون لاغراض دنيوية اما مال او سلطة الا سفاحيين المدرسة السلفية فهم يقتلون ويزبحون الابرياء والامنيين تقربا الى الله ذلفا ولا نقول بانهم يتقربون بافاعالهم الشيطانية هذة الى الله ورسولة حاشى لله ونبية المعصوم وانما يتقربون بها الى الى احبارهم مثل بن تيمية وبن باز وعثييمين والعرعور والقرضاوى وغيرهم من شايطين الانس السلفيين يزبحون الناس مرضاة احبارهم هؤلاء لعنة الله عليهم دنيا واخرة على هذا الفكر الشرير وكل من يروج له …

  6. على حسب تقديرى هناك قوه خفيه حقيقيه تمسك وتتحكم بخيوط اللعبه وهذه القوه موجوده فى منطقة الشرق الاوسط ويعرفون بعضهم جيدا وأسرائيل بالتحديد وجدت ضالتها ومصلحتها فيهم وتقوم بدعمهم لوجستيا لأنهم يعملون بالوكاله عنها من غير ان تظهر هى فى الصوره.
    وسوريا كمثال من يظن بأن بشار الاسد فى يده ان يوقف هذا الدمار فهو خاطئ لأن بشار نفسه هناك بندقيه خلف ظهره توجهه كيفما تشاء ولا يعصى لها امرا….ثم ان بشار توجهاته مدنيه ولا يفهم فى العسكريه.
    مثل بشار فى سوريا نفس مثل البشير فى السودان…والبشير ماهو إلا مقدم برنامج والمخرجين عادة لا يظهرون فى الصوره وبالطبع هذا لا يعفى البشير من المسآءله والحساب العسير وكل هذه الزوبعه البشير عين والبشير أعفى ما هى إلا حتة ورقه وضعت له على طاولة مكتبه ليقوم فقط بتلاوتها والشواهد كثيره على إنه تور الله فى برسيموا.

  7. (أبيت اللعن)ما أدركت دينى
    …………ولو أدركــــته لرأيت ديـنــا
    فكـم يعــزى إلى الإسـلام ذنبٌ
    ……….وكــلّ الذنب ذنب المـســــلمينا

    عبدالمحسن حليت مسلم

  8. الاسلام دين القيم و التسامح و السلام و هو برئ مما تلصقون به من تهم باطلة و إنحراف فئة معينة محسوب عليها و ليس على الاسلام و تسلط الغرب و أمريكا و إساءتهما لديننا و عقيدتنا و رسولنا الكريم و إنحيازهما لاسرائيل و الصهيونية و السكوت على جرائمها و أغتصاب دولة فلسطين من أسباب الغبن الرئيسية للارهاب و الارهاب صنيعتهم و هم من أجج نيران الفتنة بين المذاهب و الطوائف الدينية في العالم الاسلامي

  9. اﻷجابه عند ابن تيميه وابن حنبل وابن عبدالوهاب التكفيريين الذين يحكمون هؤﻻء من داخل قبورهم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..