معايير وشعارات

في الأنباء أن حزب المؤتمر الوطني بصدد تطبيق معايير جديدة لشغل المناصب الدستورية والتشريعية ، غير أن من زف هذا الخبر لم يحدد ماهية هذه المعايير ولم يعددها ، وعدم تحديد ماهية هذه المعايير يدفعنا للتساؤل عما اذا كانت هي معايير جديدة « لنج » غير تلك التي سبق أن أعلنها الحزب واشترط توافرها في مرشحيه للوزارة والولاة وقيادات الحزب قبل أكثر من عامين أم أنها هي ذاتها ، المهم أن الحزب الحاكم كان قد خرج على الناس بقائمة حوت فيما أذكر 18 مواصفة، قال ان حزبه قد اشترط توافرها فيمن يختارهم للمناصب القيادية السيادية والتنفيذية ، وكان من عجائب تلك المواصفات أن مجرد فهم بعضها وفك طلاسمها لغالب أهل السودان البسطاء من غير المتخصصين في اللغة العربية وآدابها والمتبحرين فيها، يحتاج منهم كي يعرفوها الاستعانة بمعاجم اللغة العربية، من شاكلة مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر عبدالقادر الرازي،وأساس البلاغة للزمخشري، ولسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروزابادي ، وقطر الندى وبل الصدى لابن هشام ، أو أن يتدافعوا بالمناكب أمام مجمع البروفسور عبدالله الطيب طلبا للعون والمساعدة ، دعك من أن يجد الحزب من بين منسوبيه من تتوفر في شخصه هذه الشروط والمواصفات الملائكية ،وأذكر مما جاء في تلك المواصفات أن يتسم من يتم اختياره بصفات القوي الأمين والحفيظ والعليم، وأن يكون ليناً في غير ضعفٍ وقوياً من غير عنفٍ وجواداً في غير إسراف ومقتصداً في غير بخلٍ، وأن لا يصانع ولا يضارع ولا يعمل في عمل تجاري ، وأن يأمن الأبرار ويخاف الفجار ولا يغلق بابه دون حاجات الناس، بجانب حُسن الخلق والمؤهل العلمي المناسب والوسطية والاعتدال وسعة الأُفق وقوة البصيرة ومبادرته وخبرته?
لم أر سببا لا سابقا ولا الآن يجعل الحزب الحاكم يعلن مواصفاته هذه ، غير غرام الانقاذ بالشعارات والمواصفات التي برعت وتفننت في اطلاقها من لدن يومها الأول والى يومها هذا ، ومن نوادر ولطائف ما أذكره عن هذا الغرام أن كثيرا من القيادات الانقاذية الحالية حين كانوا طلابا كانوا بارعين جدا في صياغة وتأليف شعارات انتخابات الاتحادات الطلابية والدعاية لمرشحيهم لها،وفي مرة وكانت حمى الانتخابات قد التهبت وبلغت ذروتها ،دخل مقهى النشاط أحد الطلاب الساخرين من «الفلوترز» جماعة حزب الببسي والبهجة والمسرة غير المنتمين لأي تنظيم،فوجد المقهى محتشدا بكم هائل من اللافتات والبوسترات الدعائية،حملق في احداها مليا وقرأ «الاتجاه الاسلامي لربط قيم السماء بالأرض»،قال ضاحكا «شنو أصلو لاسلكي»،ثم جال ببصره في دعايات المرشحين المكتوبة أسفل صورهم،توقف عند احداها وقرأ «نشط سريع الحركة» فأطلق ضحكة عالية وقال معلقا «نشط سريع الحركة قال? أصلو عايزين نصطاد بيهو أرانب » ?
الصحافة