حقك يا مواطن

حقوق المواطنة كما هو معلوم عديدة ومتشعبة وقد أكدتها ونصت عليها كل الشرائع والمواثيق، ولم تعد محل جدل أو مغالطة، ومن بين أهم هذه الحقوق هو حق أى مواطن في أن يعيش حياة حرة وكريمة، ومن أبسط متطلبات هذه الحياة هو حصوله على الضروريات التي تبقيه حياً، فإذا ما تعذر عليه الحصول على هذه الأساسيات التي لا غنى عنها، ذلك يعني أن ظلماً فادحاً قد وقع وأن أمراً جللاً قد أصاب المجتمع يستدعي وقفة جادة تسبر غور المشكلة لاستجلاء حقيقتها واستئصال شأفتها حتى لا تكون فتنة وتضطرب أحوال هذا المجتمع ويتخلخل نسيجه فتروح ريحه في النهاية، وليس من خطر فادح يواجهه أيما مجتمع أفدح من الغلاء الفادح الذي يتعذر معه على السواد الأعظم من الناس الحصول على ضرورياتهم الحياتية التي لا غنى لهم عنها كي يبقوا على قيد الحياة، وقد عجب سيدنا علي كرم الله وجهه في مقولته المشهورة لمن بلغ به ضيق الحياة وعسرها هذا المبلغ كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه.. قريباً من هذه الحالة هي ما نعايشه الآن ويعانيه غالب أهل السودان جراء الارتفاع المسعور للأسعار الذي انغص حياة الكثرة الكاثرة من الاسر لدرجة لم يعد بمقدورها الحصول على السلع الاساسية إلا بشق الأنفس وبعد بذل الغالي والنفيس، وهذا وضع كان ينبغي أن يقلق الحكومة ويقض مضجعها قبل غيرها، ذلك أن الغلاء بقدر ما أنه ينخر في جسد المجتمع فإنه أيضا يدفع إلى اندحار الحكومة حين تظل عاجزة وعاقدة يديها على خصرها تتفرج على نيران الاسعار الملتهبة تتصاعد على رؤوس الناس قبل جيوبهم الخاوية، ومن هنا فإن حاجة الحكومة للجم فلتان الاسعار وشيوع الغلاء كي تبقي على قيد الحياة، هي نفس حاجة المواطن إن لم تكن اكبر للحصول على ما يبقيه على قيد الحياة. إذن دور الحكومة لا بد ان يكون واضحاً وبارزاً ويشكل القاسم المشترك الاعظم في اي جهد يستهدف محاربة الغلاء.
وللسيطرة على الغلاء لا بد أولا من معرفة أسبابه، هل هي حقيقية أم مفتعلة ومجرد جشع منتجين وتجار وسماسرة أم هي مغالاة في تعظيم الأرباح تنم عن شراهة في الكسب نتيجة ضمائر خربة لا تراعي في الخلق إلاً ولا ذمة، أم أن للحكومة في ذلك نصيباً بما تفرضه من جبايات ورسوم واتاوات بعضها للاسف لا يدخل الخزانة العامة، وعليه حتى لا يُضار أي طرف بشكل متعسف قد يأتي بنتائج عكسية يكون ضررها على اقتصاد البلد اكثر من نفعها، يتوجب على اي جهد يستهدف محاربة الغلاء ان يضع كل ذلك في اعتباره ليخرج بنتيجة موضوعية ومنصفة عليها تتأسس الآلية المناسبة لمحاربة الغلاء، إما بالمقاطعة والاستغناء وهنا يأتي دور المواطن المستهلك، وإما بوسائل اخرى متعددة لا تضام فيها جهة ويترك الخيار فيها للناس أي وسيلة يختارون. فمن الخطل الاعتقاد بأن أي قرارات أو ترتيبات ادارية يمكن ان تصلح الحال ولا حتى المقاطعة عوضا عن الانتاج الحقيقي الذي به تتحقق الوفرة والرخاء.. وبهذه المناسبة نأمل ان تكلل بالنجاح الجهود التي ابتدرتها جمعية حماية المستهلك ممثلة في الدكتور ياسر ميرغني بالتعاون والاشتراك مع قطاع الاقتصاد وشؤون المستهلك بوزارة المالية الولائية الذي أصدر دليلا بأسماء وأماكن المحال التجارية والبقالات التي تراضت ورضيت بخطتهم لخفض الاسعار خلال الشهر المعظم وتخصيصه أيضا رقما تلفونيا هو «1948» للتواصل مع المستهلكين واستقبال شكاويهم كافة، وباستضافة كريمة من مركز طيبة برس الذي يحاول بدوره ان يستنفر جهود الصحافيين والإعلاميين لمحاربة الغلاء تحت شعار «صحافيون ضد الغلاء»..

الصحافة

تعليق واحد

  1. مقال يصلح بامتياز اجابة كيف نحارب الغلاء فى مادة التعبير لمرحلة الاساس فقط يستبعد ياسر ميرغنى بتاع حماية المستهلك و الصيدلة و السموم و فردتة شلقامى بتاع القماش وحقيبة الفن و بالتاكيد سنراة فى زمضان مع الطرب والجالية السويديةودقى يامزيقة

  2. حقك يا مواطن ذكرتنا اخر ايام نميري حيث كانت عبارة شائعة ان يتمسك المواطن بحقه وان لا يشتري باكثر من التسعيرة وصار المواطن الفرحان يضيع يومه من قسم لي قسم عشان تعريفه وفي النهاية يحصد السراب دا اذا كان عنده وبعد 30 سنة نعود لنفس الاسطوانة مع فرق ان سعر حماية المستهلك دا زاته المواطن ما عنده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..