رسالة الى نواب غرب كردفان

بسم الله الرحمن الرحيم
ولاية غرب كردفان ? حاضرة الولاية ?الفولة
خطاب مفتوح الى نوابنا الاجلاء-(صرخة فى وادى الصــــمت)
يقول تعالى فى محكم تنزيله:( انا عرضنا الامانة على السموات والارض و الجبال ، فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا) صدق الله العظيم
الى نوابنا ( المنتخبين ) للمجلس الوطنى و المجلس التشريعى- لولاية غرب كردفان- بعد التحية
لا شك ان الناخب فى غرب كردفان ? وفى اى بقعة من باقى الوطن ?وهو يمارس حقه الديمقراطى بالادلاء بصوته فى صناديق الاقتراع، لاختيار ممثليه التشريعيين ومنحهم الحصانة الشعبية ،كان يحلم مثله مثل الاخرين بفجر جديد للديمقراطية ، وصفحة جديدة من صور الحكم المسئول و المساءل ، يحمل معانى المساءلة و الشفافية و الالتزام وتلبية رغبات وتطلعات الناخب ،ركيزته فى ذلك واداته هم السادة النواب (المنتخبون فى انتخابات حرة ونزيهة ) و إن ذاكرة الناخب ما زالت تحمل تلك الخطب السياسية و الوعود التى تمشدق بها المرشحون و ما زال يملؤه الآمل فى حلحلة ? أو على الأقل سماع مرافعة النواب ? لقضاياه الرئيسة مثل الأمن والتنمية و الخدمات .
كلنا يعلم ان مسالة السياسة هى مسالة مستمرة باستمرار الحياة بكل متطلباتها وتعقيداتها ، ولا أحد يستطيع ? أو يملك العصا السحرية ? بما فيهم نوابنا الاجلاء،لتحقيق تطلعات ورغبات كم هائل من البشر بكل مشاربهم وامنياتهم،فهذه مسالة تنوء الجبال بحملها كما ورد فى الاية الكريمة ،ولكن من باب المسئولية و المساءلة نحرر هذا الخطاب كجرد حساب لاداء السادة النواب واخص الاخوة نواب ولاية غرب كردفان بالمجلس الوطنى والولائى من القطاع الغربى على وجه التحديد.
اولا : عودة الولاية :قرار عودة الولاية كان احد الاستحقاقات الانتخابية لمواطنى الولاية كوعد على لسان السيد الرئيس و منذ ان بشرت به لجنة الحراك التى ضمت من اهل الثقة : مولانا الوسيلة ? مولانا دلدوم الختيم- مولانا سالم واخرون وكان الناخب و هو يدلى بصوته يامل فى مؤسسات قوية بكادرها وادائها من حيث التشريع والقوانين و الاداء التنفيذى ? مايؤسف حقا ان الاخوة النواب كانهم لم يستصحبوا اشواق و امنيات المواطن الذى انتظر هذا اليوم بعد غياب قرابة العشر سنوات،وعليه لم يكن قرار عودة الولاية ان وجد القدر الكافى من الدراسة و التمحيص و التدقيق لتحديد الاولويات والتخطيط والفترة الزمنية وسط تقلبات سياسية مضطربة ،على راسها انفصال الجنوب وقضية ابيى والحركات المسلحة فى دارفور(والجبهة الثورية حاليا) ? ناهيك عن قضية انتاج النفط والتنمية و التعويضات.
السادة النواب الكرام: هل هذا عدم ادراك أم عدم قدرة على التحليل والتعامل مع هذا الواقع المعقد؟؟ هل عندما قدمتم انفسكم كنواب للشعب ،لم تكن لديكم قراءة موضوعية لاستحقاقات هذا المواطن المغلوب على أمره ،عندما فقد مرعاه فى المصايف وفقد مرحاله وزرعه لتوسع شركات التنقيب،هذا المواطن المسكين الذى واجه الامرين فى هجليج وفى ابيى وفى الخرسانة مما حدث فى (غطسنا )-ومن القوات الاثيوبية الاممية؟ وكان فى انتظار من يمثلونه لاعطاء هذه الاستحقاقات ما تتطلبه من الفهم والجدية والتفاعل الموجب.
ثانيا : انتخاب النواب: فى كل بقاع العالم ولكل الشعوب التى تحترم ارادتها، فان الانتخاب و التمثيل النيابى هو عملية تعاقد بين الطرفين ، كما هو التزام مؤسسى بين دولة تحترم مؤسساتها وتفصل بين السلطات (التشريعية و التنفيذية و القضائية —- الخ ) هذا البناء الذى بدا فى ابريل 2010 واكمل فى العام 2011 لجنوب كردفان لم يكتمل ؟؟ الولاة المنتخبون لم يكملوا دورتهم .المجالس المحلية لم تقوم ولم يرد ذكرها ، إستكمال المجالس (الجديدة ?القديمة) تم بالتعيين وهو حق لا يمنحه الا الناخب؟ وتم اعادة توزيع الادوار برؤية احادية دون معايير موضوعية لم يجد حتى النواب انفسهم التفسير المنطقى لها ؟هل كنتم مدركون لما يجرى ؟ اين انتم و الريف و الحضر و البوادى فى انتظاركم ? والملايين قد افاقت من كراها && ماتراها ملأ الافق صداها،ولم نسمع اى جلسة سواء بالفولة او كادقلى تطرقت للاثنى عشر مطلبا التى امن عليها السيد رئيس الجمهورية فى مذكرة الية الشباب عام 2007. هل انتم بعيدون عن هذا الواقع ؟ ام تعتمدون على فقدان الشعوب لذاكرتها من هول الصدمات و الازمات؟
ثالثا : ازماتنا الحالية : ونقصد بها : الأزمة الامنية ? الأزمة الاقتصادية ? الأزمة الاجتماعية:
تعرض مواطن هذه المنطقة لأزمات ونزاعات متعددة تدوركلها ،بحكم طبيعة المنطقة وطبيعة إنسانها حول الأمن و الموارد الطبيعية و النظم الإدارية الأهلية الشعبية والتى كانت وإلى وقت قريب تحل هذه الإشكالات وفق أعراف وإتفاقات محلية ركيزتها هى حالة التراضى و التوافق التى تقودها الإرادة الشعبية. غاب هذا الدورمنذ تغييب دور الإدارة الأهلية ، ثم إتفاقية نيفاشا التى أقحمت قضية أبيى التى كانت قرارات فوقية غيبت الإرادة الشعبية الحقيقية،هذا النزاع المتشعب تاريخيا واجتماعيا _- كان كالمارد الذى اخرج من القمقم- وكان أكبر ضربة للمنطقة بكل جغرافيتها وإثنياتها وبيئتها ، أفرز حالة من الاضطراب وغيب الحوار العقلانى، صحيح ان المجهودات الرسمية سعت بكل قوة للاستنصار لغرب كردفان وفى المقابل طرف الحركة الشعبية سعى بكل الوسائل لتدويل قضية المنطقة لصالح جنوب السودان فى ظروف شحن سياسى كان لابد ان يقود لحالة انفجار ومواجهات حتمية بين الاطراف.
كان المتوقع من السادة النواب وهم يقودون فجر جديد ان يخترقوا كل الحواجز فى حوار جاد متجاوزا سجال لاهاى العقيم وتقارير الخبراء الى خبرات محلية كانت نبراسا فى السابق لنماذج التعايش و الوفاق .وكانت فرصتهم اوسع لاستقطاب توافق ودعم شعبى عبر مبادرات تعين الدولة و المواطن فى الفصل بين الاعداء والاصدقاء ،حتى دينكا نقوك هم ضحية مؤامرات كبرى جعلتهم يضلون الطريق مثلما كان اخرون من ابناء المنطقة ضحايا لاوهام القوة و الحركات المسلحة ? الحركة الشعبية قطاع الشمال والجبهات الثورية .اين قوة التشريع و القانون التى انتم مسئولون عنها؟بل ماهو القانون الذى يتيح اجراء استفتاء فى ابيى من طرف واحد.؟ ليتكرر سيناريو انفصال الجنوب مرة اخرى.؟
تمددت الحركة الشعبية – بعد نيفاشا ? فى ولايتى جنوب كردفان و النيل الازرق ومناطق كثيرة بقواتها النظامية وكانت هناك معسكرات فى : كيلك الخرصانة ? الدبب ? ابيى —الخ هذه المناطق لم تكن تحلم بالوصول اليها من قبل – وكان هنالك نوع من السباق المستتر فى ظل اتفاقية هشة لم تؤطر الاوضاع وكان ان انتهت بمواجهات فى الدبب- وفى الخرصانة (شهداء منطقة الشهيدة مقبولة (غطسنا) وراح ابرياء كان كل حلمهم ان يعيشوا فى وطن الجدود الذين طردوا المستعمر بحرية وكرامة ..وانتهت بالكتمة فى كادقلى ؟
صحيح ان هذه مراحل تاريخية بعضها سابق لانتخاب السادة النواب ولكنها كانت هى اشواق وتطلعات الناخبين ولابد لمن يقدم نفسه ممثلا للشعب ان يستصحب الماضى و الحاضر وتطلعات المستقبل.هل كنتم ? الاخوة النواب ? وانتم تقدمون انفسكم كممثلين للشعب ، على دراية تامة بهذه التعقيدات ؟وهل لديكم من البرامج والتفاعل الذى يلبى اشواق هذا الناخب؟
انسان هذه المنطقة (راعى ومزارع ) يعيش على الموارد المشاعة وفق توافق وأعراف تحفظ لهم حالة التراضى و المحافظة على الطبيعة عبر نظم إستثمارية وإستغلال للموارد بصورة متعارف عليها.دخول الاستثمارات الكبيرة مثل المشاريع المخططة والتنقيب عن النفط و الذهب (و الفحم ) كانت نقلة اكبر من قدرات الانسان البسيط وكان ضحية صورة وهمية للتنمية تسمى بالتعويضات الفردية دفعته لحالة من التنافس و الحجوزات الوهمية ادت لحالة من التوتر و الاحتكاك بين مجموعات عشائرية وبين هذه المجموعات و الشركات المستثمرة افضى لنزاع ضرب النسيج الاجتماعى وعطل التنمية .
صحيح ان هنالك محاولات متواضعة لدراسة هذه التعقيدات مثل مؤتمرالتنمية و البترول بالفولة ، ورشة التنمية للقطاع الغربى التى نفذها صندوق تنمية القطاع الغربى ببابنوسة ولكن نتائج ومقررات تلك الورش ظلت حبرا على ورق، ومع ذلك هنالك القليل الذى قدمته هيئة غرب كردفان للتنمية وصندوق تنمية القطاع الغربى كمؤسسات بديلة لغياب الولاية ولكنه اجتهاد اعاقته الازمة الاقتصادية للدولة وحالة التضخم و الاضطرابات الامنية وسوء التخطيط وعدم الشفافية فى ال 2%من نصيب البترول.هل هذه النقاط كانت حاضرة فى اذهانكم عند حضور الجلسات قبل استحقاقات الجلسة .؟
لاشك فى انكم ? رجالا ونساءا ?يفترض ان تكونوا قيادات دولة فى جلباب يحمل جغرافيتكم ، فالمجلس الوطنى ? والتشريعى هو المراة العاكسة لخارطة الوطن.الواقع الجهوى وحالة الاستقطاب الحاد و النظرة القبلية الضيقة ونظرية المحاصصة هى اكبر كارثة فى تمزيق دولة كانت بحجم قارة، هذا التشظى لو كان فى نظرة الاسلاف لما احتفلنا اليوم بباقى المليون ميل ونخشى ان نفقد هذا الباقى . ا
الاخوة النواب :نحن لانتحامل عليكم ولا على مجهوداتكم ، ولكن من باب الذكرى تنفع المؤمنين ولانكم تقلدتم الامانة انابة عن اهلكم، فقط نذكركم ببعض المحطات التى كانت ? ومازالت ? تنتظر الحلول والرؤيا الموضوعية، ولا نريد ان ندخل فى مغالطات عقيمة بين المفروض و الواجب فكلنا مسئولون ومساءلون ومشتركون فى هذا التقاعس الاختيارى لانسان يعانى ويواجه تحديات وتحولات مجتمعية كبيرة لا يستطيع مهما استخدم من عدسات مكبرة ان يرى الصورة الكلية القادمة . نواصل.

الله من وراء القصد
ابراهيم بقادى ?عضو الهيئة المركزية لحزب الامة القومى – الفولة
6/ يناير /2014
email:[email protected]

تعليق واحد

  1. صاحب المقال .. اعتقد ان جلب الجنجويد من مالي وغيرها الى مناطق كردفان ( الخرصان 9 هي من اكبر الاشكالات التى وقعت فيها حكومة المركز .. كيف لكم ان تقبلوا بهذا الامر في مجلسكم الموقر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..