أخبار السودان

كلمة تقدم الدرس فى معنى المواطنة

مديحة عبد الله

الأحداث المؤلمة التي شهدها معسكر كلمة للنازحين صباح الجمعة الماضى وراحت ضحيتها أرواح عزيزة، وسالت فيها دماء غالية سُطرت فى مفكرة الوطن، المليئة بحوادث القتل والعنف وسلب الحقوق من قبل سلطة الإنقاذ، فهي سلطة استعمارية كاملة الدسم لاعلاقة لها بتراب هذا الوطن ولا مواطنيه، ففي سعيها المحموم لتكذيب الحقائق منذ 2003 عملت ضد معسكرات النازحين بغرض تفكيكها، ومسحها من خارطة دارفور بظن أنها بذلك تسّوق لفرية استتباب الأمن، وادعاءات السلام، تارة بتشييد القرى النموذجية بتمويل قطري، وتارة بشد الرحال لدارفور لتسجيل زيارات لخلق صورة مغايرة للواقع .

أي موت ومواجهات تعيد الحقيقة كاملة أمام الرأي العام المحلي والدولي حيث لا يوجد سلام، ولا أمان، ولا حياة كريمة في دارفور خاصة في معسكرات النزوح التي تجسد الظلم وانتهاك الحقوق. وإذا كانت ثمة فائدة للحرب فإنها ازالت الغشاوة من عيون المواطنين/ت فعرفوا طبيعة الظلم الاجتماعي ومن أين يأتي؟ فهم قد دفعوا الثمن من أرواحهم، وممتلكاتهم، واستقرارهم لكنهم اكتسبوا الوعي بحقوقهم وما إصرارهم على التظاهر السلمي وتمسكهم برفض زيارة الرئيس للمعسكر إلا لوعيهم بأنهم ليسوا رعايا يتم حشدهم وتحريكهم وقت تريد السلطة لتظهر بمظهر يخدم اجندتها أمام المجتمع الدولي، بل هم أصحاب حق وإرادة لا تُقهر في تحديد خياراتهم واتخاذ مواقفهم التي تعبرعن رأيهم فيمن تسببوا في الحرب وتبعاتها القاسية .

ما يحدث في دارفور ومعسكرات النزوح من أشكال المقاومة يقدم درسا لا يقدر بثمن في معنى المواطنة، وطبيعة العلاقة المفترض أن تربط بين المواطنين/ت والسلطة حيث لا قهر، ولا خضوع حتى لو استخدمت السلطة قوة السلاح. وهو سلاح يفترض أن يوجه لأعداء الوطن الذين ينتهكون سيادته يوميا، كما يقدم درسا في معنى السلام الحقيقي الذي يقوم على الإقرار بالحقوق المدنية والاجتماعية، وعلى ديمقراطية العلاقة بين المواطنين والحكومة المنتخبة ديمقراطيا. وهي عوامل كلها مفتقدة في سلطة الانقاذ التي تظن أنها تفرض وجودها بقوة السلاح، بينما المواطنون يقدمون الدرس تلو الدرس في معنى المواطنة بإصرارهم على نزع حقوقهم المدنية في التعبير عن مواقفهم بكل شجاعة. وهو درس يشير لأهمية أن تكون قضية السلام بمعناه الديمقراطي حاضرة في العمل السياسي والمدني فهي أم القضايا وجذرها ودونه لن تتأسس الدولة المدنية الديمقراطية .

الميدان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..