الضمير العالمي الحي

الضمير العالمي الحي

قبل سنوات تحدثت هنا عن معنى الحياة ولحنها ، وتلك الأشياء التي تُثمن حياة الأشخاص ، والتي من الضروري ان تبدأ من التسامح وحب الخير ، ونقاء السريرة ، وكف الأذى عن كل الكائنات والطبيعة ، حتى لا يلحق الضرر بالمنظومة أو المجتمع والذي هو بالأخير جزء من الكيانات والدول .

ولا زلت اعتقد أن مجمل حياة الإنسان هي وعاء لكل حركته وسكونه ، ويمتد الأمر الى المواقف والتفاعل مع مختلف القضايا ( الإنسانية ، والسياسية ) وكذلك الإحساس بالآخر ، مع محاولة السعي لفهمه وتفاصيله .

ويومآ عن آخر يزداد يقيني أننا في طريقنا لكسر القيود ، وإزالة الحدود ، ونسف كل المعوقات والحواجز التي يمكن أن تمثل عائقآ أمام تواصل سكان الكرة الأرضية ( العالم ) الذي أصبح منذ فترة يُشبَه بالقرية الواحدة بعد الانفتاح الكبير ، والحداثة ، وعصر الانترنت والتطور التكنولوجي والذي هو عصب الحياة في وقتنا الحاضر ، وإنترنت الأشياء الذي أحدث تغييرات جذرية في كل مناحي الحياة … وكيف أنها أصبحت سهلة ويسيرة .

وهذا العالم ( القرية ) وبالرغم من الإختلافات بين شعوبه في اللغة والثقافات والمعتقد والكثير ؛ إلا أن هنالك ما يجمع شعوبه ويوحدها ، وكذلك يُقَوِي خيوط التواصل بينها … فمتابعة الدوريات الرياضية شئ مشترك لأصحاب الإهتمامات الرياضية ، والتضامن ودعم القضايا السياسية والإنسانية أيضآ جانب يتحد فيه المهتمين والناشطين في هذه الجوانب ( أفراد وكيانات ) فضلآ عن الفعاليات الثقافية والفنية ، ولغات التواصل المختلفة ، بل حتى ( لغة ) الموسيقى وغير ذلك الكثير ، و هذا على سبيل المثال فقط ? وليس الحصر ? وكل ما سبق في مجمله يقود لتوحيد الضمير الإنساني ، والذي يمكن أن أسمية هنا الضمير (العالمي ) … وهو ما أنا بصدده اليوم .

وبرأيي أن الضمير ، والذي يسمى الوجدان السليم يُعد إحدى المرتكزات التي تقف عليها المجتمعات ، ويساعد في ضبط أفرادها ، وأحد أهم الجوانب التي يُعتد بها ويُحتكم إليها عند التوافق على العِقد الإجتماعي أو وضع الدساتير ( مثل المسائل العُرفية ) ، فهو الذي يميز بين الحسن والقبيح ، والحق والباطل ، وكما أن الضمير يعتبر بمثابة القاضي الداخلي أو الذاتي لكل نفس سوية ونقية ؛ إذ انه يحرك الشعور بالندم وعدم الرضاء عند كل موقف يتخذه الشخص يتعارض مع قيمه ( أو القيم الإنسانية و الأخلاقية ) وغير ذلك ،،، وفي الوقت نفسه يمكن أن يشعر الشخص بالرضاء التام ، والإرتياح الداخلي لمجرد اعتماده القواعد التي ترضي الضمير ( الحي ) ونسمع كثير عن شخص يرد المظلم ولو بعد حين عملآ بالشائع ” عايز أرضي ضميري ” أو تقديم إعتذار … بل حتى أيضآ الدول تعتذر ( كشخصيات إعتبارية ) وتتخذ من القيم ما يمكننا أن نسميه ضمير عام ، وأحيانآ تكون عبر نصوص قوانين ولوائح .

وشئ آخر يجب أن أتوقف عنده ؛ وهو دور الميديا ومنصات التواصل في توحيد الضمير العالمي حول قضايا بعينها ، فالفعل أو القول السيئ قد يصدر عن شخصية تنفيذية أو حتى عن دولة ونجد إدانة هنا ، وشجب هناك ؛ ولكن التأثير الأكبر والضربة الموجعة تأتي كردة فعل من الضمير العالمي الحي ( والذي يتحد في مواجهة السلوك غير المقبول عالميآ ) … وقد ينتصر الضمير العالمي على كل الأجندات ، ويُفشِل الصفقات لأن القضايا تصبح رأي عام عالمي ، خاصة في دول المؤسسات التي تحاسب المؤسسات التنفيذية على كل شئ .

علية قد يصبح العالم مستقبلآ ليس بحاجة لمفوضيات مثل مفوضية حقوق الإنسان وما يشبه إذ أن الإدانة والضغط لتصحيح المسار تأتي من الضمير العالمي الحي ( الوجدان العالم السليم ) ، الذي يربك حسابات الدول والمنظومات بإعتباره رأي عالمي يتشكل حول القضايا والأحداث ، وهو السلاح الذي سيفتك بأنظمة الشر ، التي تحارب الحق ، والخير والجمال .

إنه عصر حُكم الضمير العالمي الحي ، والحر .
أيمن الصادق
الجريدة
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..