ما يخرج من الوثيقتين..يبطلُ وضوءَ الأمة .. ويطعنُ في طهارتها..فهل إلى تبرؤ من سبيل؟

بسم الله الرحمن الرحيم
تناولت في مقال سابق ..في سبيل إثبات صدقية الوثيقة الأمنية المسربة النتائج المباشرة داخلياً في خطاب البشير لدي مؤتمر حزبه في ولاية الخرطوم ..وأضاف معلق مشكوراً إعفاء الخير الفهيم.. ثم خارجياً موقف السعودية والولايات المتحدة ..ولا ينبغي أن يفهم منه إلا ثبات الموقف من النظام الذي يجتهد لإبراز غير ذلك..ولو لم ينف غندور ومصطفي عثمان صحة الوثيقة لما كانا سياسيين ينتميان للحزب الحاكم.. لكن وزير الاستثمار زودها حبتين جاعلاً من نفسه (ديك بطانة )بنفيه معرفة مكان الاجتماع كموقع !!!
وقبل أن نرفع أيدينا من أنوفنا ظهرت الوثيقة الثانية في الغراء الراكوبة ..عن إستراتيجية المؤتمر الوطني للانتخابات ..ولم تأت بريح أقل نتانة مما أتت به الأولى.. فالوثيقتان في الواقع ..تعبران بصدق عن النظام وحزبه وتعتبران في هذا السياق ..وجهان لعملة واحدة..
الوثيقتان ..لم تأت بما لا يعلمه السودانيون..ولكن العلم بالتحليل شئ ..وباعتراف المذنب شئ آخر.. هو بالضبط الفارق بين اعتبار الشعب السوداني ما تم في 89انقلاباً (جبهجياً) وما بعد تصريح الترابي بعبارة القصر رئيساً والسجن حبيساً بعيد المفاصلة . وبين علم السودانيين بقتلة المتظاهرين في سبتمبر ..وحديث البشير عن الخطة (ب) لجريدة عكاظ . فالاسلامويون هنا ..مقبوضون بالثابتة.لأن النشطاء في الأصل يعلمون لمعايشتهم بالمعتقلات والسجون كنه جلاديهم .. وأدوات تحليلهم .ولكن العامة دائما في حاجة إلى بينة ليتفاعلوا مع مجهودات النشطاء.
ولم يعد مهماً البحث في صدقية أي من الوثيقتين ..بعد تطابق فحواهما مع واقع يعلمه الناس ..ودون الإطالة في هذا الشأن ينبغي تناول بعض صور التطابق ..ومدى فظاعة ما فيهما لتستحق تسميتنا لها بما يخرج من الوثيقتين وإليكم بعضها ..وكل قاري يعرف الأكثر
*تأكيد اعتماد الحزب على الرضاعة من ثدي الدولة ..وتسخير كافة مؤسسات الدولة في تنفيذ استراتيجياته ما يجعل الحديث عن المنافسة الحرة بلا معنىً ويؤكد صدق رؤية المعارضين لإجراء الإنتخابات .
* تأكيد رؤية اليائسين من أي حوار مع النظام كونه محاولة إرداف للآخرين أو تكتيك ليلحق حزب النظام بالانتخابات لكسب شرعية تمد سنين فساده وإفساده.
*تأكيد تخفيه وراء الواجهات من اتحادات وأنشطة لتهب رياحها في أشرعته..وفصل توجهات الأبناء عن الأسر
*الاعتماد على الرشوة كما وضح في التالي:
1/ زيادة رواتب القوات المسلحة والأمن دون بقية العاملين بالدولة لاعتماد النظام عليهم في حروب الهامش وقمع المتظاهرين وقتلهم .(وستطالب الشرطة بها قرب الانتخابات).
2/ المطالبة ب (إكرام) الضباط الإداريين والمعلمين والقانونيين كونهم المحركين لعجلة الانتخابات..فيا خجلتنا إن رضينا بجعل حقوقنا لدى الدولة رشىً يُمتَنُ علينا بها.
3/ تثبيت لجنة الانتخابات ورئيسها لينفذ ما طلب منه..فلا عجب إن أصبح ملكياً أكثر من
الملك.
*تأكيد لجوء النظام إلى التجويع كأداة حرب بالحديث عن حرق المحاصيل ونبي الإسلام ينهى عن قطع النخل والشجر.
*وصم الدين بكل هذه الرزايا بتصوير كل ذلك تثبيتاً له ..وما شابههم في ذلك إلا الفاسق الذي باهى صحبه بتمكنه من امرأة يعرفون دمامتها فلما استقبحوا ذلك ردهم بأنه قد عمل فيها حسنة.
* موقف النظام الراعي لجماعات الاسلام السياسي في الخارج..وعلاقاته مع الحركات الإرهابية والابتزاز بهذه العلاقات ..واثر ذلك على صورة السودان إقليمياً ودولياً..وأثر ردود فعل الخارج على المواطن المسكين..فمثل هذه الوثائق..لا يمكن للخارج تكذيب اريك ريفز فيها وتصديق غندور.
لا أود أن أسترسل في ذلك فما عند القراء كثير..ما يجعلنا نقول أن ما يخرج من هاتين الوثيقتين..يبطل وضوء الأمة ..ويقدح في طهارتها..موالين ومعارضين..فإن باء النظام بآثام فعائله ..فإن المعارضين الساكتين على هذا غير بريئين ..إذ كيف لهم السماح باستمرار هذا باسمهم واسم وطنهم؟
ودون التوقف عند التحسر والبكاء على اللبن المسكوب..نطرح السؤال الذي يجب أن يطرحه أي سوداني على نفسه..هل كل ما سبق يشرفنا أو يشبهنا كسودانيين..أجيب بكل ثقة بكلمة واحدة (حاشانا) .ولكن ما العمل وكيف نطهر أنفسنا من هذا الرجس؟ وهل إلى تبرؤ من سبيل؟ دعونا نحاول البحث بعد استعراض رؤى المناوئين لهذا العَفَن .
1/ جماعات تعمل بالمقاومة المسلحة لها مؤيدوها ومن يناوئهم .وينادي بعضهم بالخلايا الثورية المسلحة داخل المدن.
2/ جماعات تؤمن بانتفاضة شعبية محروسة بسلاح الحركات ..وأخرى تنتظر الرافعة العسكرية من الجيش
3/ جماعات تؤمن بالتغيير عبر الحوار مع النظام ..منها ما هي متوالية بالفعل مع النظام وأخرى ضحية أحابيل الحزب الحاكم.
والموقف السياسي الراهن هو التعبير الكامل عن صراع هذه الرؤى وعجزها عن استقطاب المزيد.. ما يعطي النظام فسحة من الوقت ..
كل هذه المجموعات جديرة باحترامها واحترام نضالاتها وتضحياتها ..ولتستمر في محاولة تحقيق رؤاها..ولكن السؤال ؟
إذاً ما هو المفقود الذي يجب أن يضاف حتى يكون الجميع في دائرة الفعل؟
في اعتقادي المتواضع ..هو العمل الجاد في إطار ما هو ممكن ..ففي ظل فقدان الثقة المتبادلة ما عاد بجدي الحديث عن العمل السري.. وفي ظل قتل المتظاهرين ما عادت كل الأسر قابلة للتحمس بالتضحية ببنيها ..ولا يجدي تكوين الأجسام النقابية المضادة ..فسيف القانون مسلط ..وتجربة نواب الأخصائيين والتكوينات النقابية الموازية في التعليم ضحت ولم تنل بعد ما يشفي الغليل .. لذلك أرى وتكوين مجموعة تعمل في إطار القوانين السارية كما يلي:
1/ العاملين ومهمتها التبرؤ من المشاركة في تسيير انتخابات بهذا الشكل مهما كانت الحاجة وحث زملائهم على ذلك ..لكن الأهم الضغط الجماعي علي النقابات لتحويلها من نقابات خدمات توفر الأضاحي وغيرها بالأقساط إلى نقابات حقوق العاملين المتمثلة في:
(أ) زيادة الرواتب اسوة بالقوات النظامية (ب) صرف متأخرات 2013 كاملة (ج)صرف فروقات البديل النقدي لعام 2008 دون تأخير.(د) صرف متأخرات الترقيات والعلاوات دون تأخير(هـ) صرف استحقاقات المعاشيين دون تقسيط أو تأخير.واي قضايا أخري من هذا القبيل.
2/ بالنسبة للقوات المسلحة اعتبار زيادات الرواتب حقاً غير مربوط بإزكاء القتال الداخلي والضغط باتجاه حصر السلاح القتالي والثقيل في استخدامها فقط دون القوات الأخرى.
3/ عمل المجموعة كلها وسط النساء والبسطاء خاصة في الريف لنشر الوعي بأن المشاركة في الانتخابات حق شخصي وليس إلزامياً ومحاربة ظاهرة التجميع بالسيارات والتسجيل الجماعي
4/ القانونيون لتبيان حدود ما هو مسموح به بالقانون والدفاع عن من يتم اعتقالهم بدون تجاوز للقوانين السائدة
لهذا الغرض أقترح على شباب الراكوبة عمل موقع تواصل موثوق به تحت إدارتهم أو من يثقون فيهم وتسميته ب ( حاشانا ) لرصد وتحريك النشاط.وأي إضافات ومقترحات أخرى.
معمر حسن محمد نور
[email][email protected][/email]
رغم أن مقالك قدم عرضاً جيداً للوثيقتين ودلالاتهما وما أثبتاه .. إلى أنه انتهى إلى ما يشبه المقاومة السلمية التي دحر بها غاندي الإنجليز وأخرجهم من شبه قارته .. لكن يا أخي لا البشير هو الإنجليز ولا إرث ولا ثقافةالشعب السوداني تتقبل فكرة المقاومة السلمية.. ودعك من كل هذا… من أين غاندي سوداني يلهم ويقود هذه المقاومة التي ستقوم (… وتكوين مجموعة تعمل في إطار القوانين السارية ..) يا أخ هذه بلد ترقص على حافة الهاوية والناس تموت فيها “سنبلة” بالحرب والجوع والمرض والقهر … فليقوموا إلى دواسهم فهو الفرصة الأخيرة “غير المضمونة بالطبع” في لوتري العيش الكريم