الإقالة والأقاويل

بشفافية

الإقالة والأقاويل

حيدر المكاشفي.

تقول النكتة أن طفلاً سأل والده عن معنى الفساد السياسي بعد أن سمع هذه العبارة تتردد كثيراً على السنة الكثيرين ممن يتحدثون في برامج التلفزيون، احتار الوالد في السؤال وحار جواباً، ولكنه تحت الحاح الصغير إضطر لشرح العبارة بمثال من داخل المنزل قدّر أنه سيكون أقرب لمستوى فهم الطفل في هذه السن الصغيرة فتوكل على الله وقال مجيباً الطفل: أنا الذي يصرف على البيت لذلك فأنا أمثل الرأسمالية، وأمك هي التي تشرف على إدارة شؤون البيت وهي التي تعمل على ترتيبه وتنظيمه فهي إذن هنا تمثل الحكومة، وأنت يا صغيري من مسؤولية أمك فهي التي ترعاك وتقف على راحتك ولذلك فأنت يا حبيبي تمثل الشعب الذي تحكمه الحكومة، أما أخوك الصغير فهو أملنا كلنا وهو بذلك يمثل المستقبل الذي نتطلع إليه، أما الخادمة التي تعمل عندنا وتخدمنا وتعيش على ما نجود به عليها من طعام ومال فهي بلا شك تمثل القوى العاملة الكادحة، ولك بعد ذلك يا عزيزي الصغير أن تفكر فيما قلته لك عساك تصل إلى الاجابة الصريحة بنفسك ثم غادر لائذاً بغرفته، ولكن الطفل الشقي لم يستطع أن يأوى إلى فراشه وظل ساهراً يفكر في الاجابة «الملولوة والمدغمسة» التي تفضل بها عليه والده، وبينما هو على هذه الحال ساهماً ومستغرقاً في التفكير سمع بكاء أخوه الصغير في غرفته المجاورة له، فخرج يستطلع الأمر، فوجد أخيه غارقاً في البول بعد أن أغرق «البامبرز»، فهرع إلى أمه في غرفتها فوجدها غارقة في نومٍ عميق لم تجدِ معه محاولات إيقاظها، إنتقل إلى الجانب الآخر من السرير ليوقظ والده ولكنه فوجئ بأن الذي ربت عليه لم يكن سوى الغطاء مكوّم على هيئة شخص فوالده لم يكن إلى جانب أمه، استغرب لذلك وخرج يبحث عن والده في أرجاء المنزل الأخرى، وعند غرفة الخادمة غالبه حب الاستطلاع بعد أن لاحظ أن الغرفة مضاءة فوضع عينه على ثقب الباب ليرى ما تفعل الخادمة في هذا الوقت المتأخر، فراعه ما رأى إذ كان أبيه هناك، ولكنه مراعاة لخصوصية اللحظة وحراجة الموقف تراجع عن الاتيان بأي حركة ورجع إلى غرفته ينتظر الصباح بفارغ الصبر ليفاجئ والده وهم على مائدة الافطار الصباحي بأنه بعد أن قضى ليله كله في التفكير وذرع أرجاء المنزل جيئةً وذهاباً قد عرف ليس معنى الفساد السياسي فقط بل كل ما له ومن له به صلة، قال الوالد بلهفة وماذا عرفت، قال الطفل: عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة، وتكون الحكومة تغط في نومٍ عميقٍ، يصبح الشعب قلقاً تائهاً ومهملاً، بينما يصبح المستقبل مظلماً وقذراً….
وسؤال الطفل عن معنى الفساد السياسي قبل أن يقف بنفسه على الاجابة، يصلح تماماً أن نسأله بصيغة أخرى عن مغزى ومعنى إقالة السيدين وزير الدولة بوزارة الصحة ووكيلها العام، هل الإقالة تمت بدواعي فساد إداري، وإذا صح ذلك فما هو هذا الفساد الإداري، وهل الاثنين الوزير والوكيل والغان في هذا الفساد الإداري ولهذا أقيلا معاً، أم أن أحدهما أفسد إدارياً لهذا أقيل، بينما أقيل الآخر «تعذيراً» بفقه «الباب البجيب الريح سدوا واستريح»، وهل الحل في الاقالة أم في «تحرير» الخلاف أولاً بلغة فقهاء القانون حتى يعرف الناس فيم إختلفا ولماذا أقيلا، وحتى يعرف الناس أيضاً أين هو الحق، مع الوزير أم الوكيل أم لا هذا ولا ذاك وإنما «حمدو في بطنو»، فالناس يهمها أن تعرف الحق حتى تعرف رجاله بعد ذلك، فالقضية لم تنته بانتهاء صلة الوكيل والوزير بالوزارة بل هي قائمة لم تنهها الاقالة التي جاءت على طريقة إجابة الوالد لطفله «ملولوة ومدغمسة» لم تقل للناس أين الحق فمجرد الاقالة لا تغنى عنه شيئاً وإنما تفتح باباً واسعاً للأقاويل…

الصحافة

تعليق واحد

  1. بسيطة……………..الوزير والوكيل كانا ينظران من ثقب الباب؟؟
    دي مافهمتها
    اقولك كيف؟؟ كاني هناك طبخة يراد لها ان تجهز وفي هذا الاثناء ضبط الوزير والوكيل جمب ثقب الباب. وطبعا الوزير والوكيل لم يريدا ان يكشفا المؤامرة ولكنهما يريدان ان يشركا فيها بحجة انهم يعلمون سيعلمون اسرارا تحتم على الفسدة اشراكهم في زمرة المفسدين
    بس خلاص

  2. "فالناس يهمها أن تعرف الحق حتى تعرف رجاله بعد ذلك، فالقضية لم تنته بانتهاء صلة الوكيل والوزير بالوزارة بل هي قائمة لم تنهها الاقالة التي جاءت على طريقة إجابة الوالد لطفله «ملولوة ومدغمسة» لم تقل للناس أين الحق فمجرد الاقالة لا تغنى عنه شيئاً وإنما تفتح باباً واسعاً للأقاويل… "

    يا ود المكاشفس (ما تخليها مستورة) !!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..